الحفاظ على المكاسب الوطنية ... سبيلنا إلى الريادة/محمد ولد عمار

في عالم يزخر بالتغيرات الجذرية والتحديات المتزايدة، تظهر الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى ترسيخ مفهوم صون المكاسب الوطنية، بوصفه واجبًا جماعيًا ومسؤولية تاريخية تقع على عاتق الدولة والمجتمع معًا. وفي هذا السياق ، تكتسب هذه الدعوة بعدًا خاصًا بالنظر إلى مسار التحولات التي شهدتها البلاد خلال العقود الأخيرة، في مجالات الديمقراطية، التنمية، الاستقرار الأمني، والوحدة الوطنية.

لقد قطعت موريتانيا خطوات مهمة على درب البناء والتحديث، وحققت أرباحًا لا يُستهان بها على المستويين الداخلي والخارجي، سواء من خلال تعزيز الحضور الإقليمي والدولي، أو عبر ترسيخ مؤسسات الدولة، وتكريس التداول السلمي على السلطة، وتوسيع فضاءات الحريات العامة. هذه المنجزات، وغيرها، ليست ملكًا لجيل بعينه، بل هي ثمرة لتضحيات أجيال متعاقبة، وجب الحفاظ عليها وتطويرها بروح من الالتزام الوطني والوعي الجماعي.

إن التحدي اليوم لا يكمن فقط في الحفاظ على ما تحقق، بل في استثماره كمنطلق نحو مستقبل أفضل، يضمن الرفاه الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية، واللحمة الوطنية، خصوصًا في ظل محيط إقليمي متقلب وظروف اقتصادية عالمية معقدة. وهنا، تبرز أهمية تكاتف الجهود الوطنية، من مؤسسات الدولة، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والنخب الفكرية، من أجل صياغة رؤية تنموية جامعة تستند إلى الشفافية، والكفاءة، وتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسساته.

كما أن خصوصية المجتمع الموريتاني، بتعدديته الثقافية واللغوية، تشكل مصدر قوة لا ضعف، إذا ما أُحسن توظيفها في إطار مشروع وطني جامع، يرتكز على الإنصاف، والتماسك الاجتماعي، ونبذ الإقصاء، ويجعل من الوحدة الوطنية صمام أمان لكل الطموحات التنموية والسياسية.

وللشباب الموريتاني دور حاسم في هذه المرحلة، فهم حملة المشعل، ووقود النهضة، والضامن لاستدامة المكاسب. ومن هنا، يتعين فتح المجال أمامهم، تأهيلًا ومشاركة، وإشراكهم في صياغة السياسات المستقبلية، بما يضمن لهم موقعًا فاعلًا في صنع القرار الوطني.

إن السير بموريتانيا نحو مصاف الدول المتقدمة ليس بالأمر المستحيل، إذا ما توفرت الإرادة، وتوطدت الثقة، وتعزز الشعور بالانتماء الوطني. فالوطن الذي يحفظ مكاسبه ويستثمر في مواطنيه، هو وطن يستحق الريادة، ويملك مفاتيح المستقبل.
محمد ولد عمار

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.