دلفت إلى بلاط صاحبة الجلالة سنة 2006 من خلال الإستماع ومراسلة برامج الإذاعات الدولية والمحلية مثل BBC ومونت كارلو وإذاعة مورتانيا بطبيعة الحال، وغيرها من الإذاعات ذات التجربة العريقة في مجال الصحافة، وبما ان الإعلام الدولي يعتبر المستمع شريكا ومنتجا بموجب إثرائه لمختلف البرامج، تواصلت مع ممثل المستمعين بإذاعة BBC والذي يعد أهم أعضاء مجلس إدارتها، واتفقت معه مبدئيا على إعتمادي كممثل متطوع عن مستمعي شمال وغرب إفريقيا لصالح هيئة الإذاعة لبريطانية، لكنني اعدت التفكير وتشاورت معه في إنشاء مكتب للمستمعين في موريتانيا أولا، وإذا نجحت التجربة أقوم بتوسيعها إقليميا، فعارض الفكرة فعرفت انه يطمح لاستخدامي واستغلال مواهبي المتفتقة.
بدأت في التواصل مع كبار المستمعين المشهورين وإنشاء شبكة من خلال التعارف عبر أثير مختلف الإذاعات، ونجحت في ذلك رغم مسؤولياتي الجمة واعمالي الحرة التي اعيش من ريعها، لكن تفاصيلها لاتتعلق بعيد الصحافة، رغم تنوعها وثراء تجربتها.
في تلك الأثناء التحقت بإذاعة موريتانيا سنة 2008 كمتدرب على تقديم البرامج بواسطة مدير إذاعة الشباب آنذاك العملاق "عالي عبد الله"، فركزت على تعلم كل ما يقوم به الصحفي والفني سواء في التمويج او المونتاج وغير ذلك.
وفجأة أعلنت موريتانيا عن تحرير فضائها السمعي البصري مما سرع في تطور الفكرة والشروع في تنفيذها، خاصة أن الساحة الإعلامية أصبحت أرضية خصبة ومتعطشة لهكذا مشروع، يواكب ويثري برامج خمس محطات إذاعية مستقلة ومثلها من القنوات المحلية الحرة.
فتقدمت بترخيص جمعية تسمى (مكتب إتحاد المستمعين للتوعية والتحسيس) ضمت جمعيتها العمومية 150مستمعا من مختلف الأعمار والمشارب وتفاوت التجارب.
أعلنا لكافة وسائل الإعلام عن إستعدادنا للتعاون، ولاقت الفكرة قبولا عند البعض بينما سعى البعض الآخر في إستغلالنا سياسيا، وحين عبرنا له عن رفضنا أعلنها حربا علينا فواجهنا من تفهم وأراد السلم بذلك، بينما وضعنا الطرف الآخر تحت المجهر لإبراز نواياه وتعرية سلوكه التخريبي..
تزامنت هذه الخطوات مع طموحي لتعلم تقنيات الإعلام الحديث، فكانت قاعة تحرير "مورتانيد" مشرعة أمامي حيث أمر مديرها "أحمد بابه علاتي" بتكثيف التدريب لصالحي، من خلال أجهزتها ومعداتها، بينما تكفل طيبا الذكر "أبوبكر دهماش" و"الأحسن محمد الآمين" بتدريبي على الكتابة والتحرير، إضافة إلى توجيهات ونصائح الثلاثي "التمين" "وزايدنه" و"حمود أعمر" و"محمد حاميدو كانتى" وغيرهم من الشباب الطيب المتحمس والمتقن لفنون المهنة من غير هوس بجني المال.
ورغم أنني لازلت مشروع صحفي متدرب إلا أني التحقت بمؤسسة (الساحة الإعلامية المستقلة)، لتعلم مجال الصحافة الإلكترونية حيث تلقفني الزميل "عزيز الصوفي" و"عبد الرزاق سيد محمد" الذي تولى تدريبي كذلك على كيفية النشر والتعامل مع الصحيفة الإلكترونية، ورغم إنقراض الصحافة المكتوبة إلا أنني حرصت على إصدار صحيفة الساحة الورقية بدعم من مديرها الناشر، ليتسنى لي تعلم أصول النشر والتوزيع وعلاقة المطبعة الوطنية بذلك والكثير من أسرار عالم الصحافة الورقية.
تدرجت في إذاعة موريتانيا وأصبحت معدا ومقدما لعدة برامج على أثير إذاعة الشباب، من بينها "نبض الشارع" و"بدون أقنعة" و"خمسه على خمسه "وبرنامج صحي للتغذية الطبيعية، بالإضافة إلى مساعدة مقدم المسابقة الرمضانية الكاتب المخضرم "أحمد محمود العتيق"والذي ورثني إياها لاحقا، بينما تقدمت بالتوازي في الإعلام الألكتروني حيث تم تكليفي برئاسة تحرير موقع الساحة الألكتروني، لألتحق بعدها بمؤسسة آتلانتيك ميديا كرئيس للتحرير، لأكتشف عالم الصحافة الفرنسية هناك ايضا من خلال قسم المؤسسة الفرنسي "لفرديك".
لاحقا خرجت من عباءة الجميع لأؤسس موقع الجمهورية سنة 2015 وهذه المرة مالكا ومديرا ناشرا ومحتفظا بوظيفتي العمومية وركيزتي الأساسية بإستيديوهات شبكة إذاعة مورتانيا بدعم كامل من الكاتب الفحل المدير العام "محمد الشيخ سيد محمد".
رغم كل هذه المشاغل والطموحات لم أتخلف يوما عن الأنشطة الموازية كالمشاركة في التشكيلات والهيئات الصحفية، والعمل النقابي وكذا ماتيسر من الدورات التكوينية محلية كانت أو أجنبية.
لأقوم في هذا المجال بتأسيس إتحاد المواقع الإخبارية المورتانية رفقة عدد من الزملاء المحترمين وتحت رئاسة الإعلامي المخضرم أستاذ الكل طيب الذكر والأخلاق محمد نعمه عمر أطال الله بقاءه.
بعد ذلك تم إختياري سنة 2018 بموجب مرسوم رئاسي كعضو في السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية والتي عزلتني تماما عن كل الأنشطة السياسية والإعلامية بسبب التحفظ الوظيفي، الذي تفرضه قوانين السلطة، لتنتهي مأموريتي الأولى سنة 2022 والتي لم يتم تجديدها كما تنص القوانين بسبب تغيير جذري أجراه رئيس السلطة حينها الدكتور "الحسين أمدو" والذي إعتمد فيه على معايير أقصت كافة أعضاء السلطة بما فيهم المتكلم، ولم نحصل للأسف حتى كتابة هذه الخاطرة على ما يقره القانون القديم والجديد معا من حقوق تنص عليها المادة 26 من القانونين رغم إلتزامنا بسنة كاملة من التحفظ بعد خروجنا، وعدم ممارستنا لأي نشاط إعلامي.
ثم وجدت نفسي على قارعة الطريق، لم يزعجني ذلك رغم الحاجة، بسبب وعود وتعهدات فخامة رئيس الجمهورية على أن لايترك أحدا على القارعة، وهذه سنتي الثالثة في أحد أحيائها المكتظة بالمغبونين من أمثالي.
وفي الختام رغم هذه التجربة الغنية والمختزلة جدا مازال هناك من يبخل عليك بصفة الزمالة في مهنة الكد والمتاعب، حسدا أو بغضا وأحيانا بسبب أنتمائك القبلي او الجهوي، والذي يمنعك تلقائيا من منظورهم أن تكون مثقفا أو صحفيا أو حتى كاتبا مهما بلغت من درجات التطلع والتبحر في العلوم وإتقان الفنون، وكأنهم وحدهم يملكون صكوك المنح والمنع، رغم أنهم يقرون ذلك لأقارب لهم وحواري لايكادون يبينون.
اللهم احسن خلقي وخلقي وحرم جسدي على النار وأكرم من أكرمني ورد كيد كل ظالم حاقد في نحره.
الشيخ سيد محمد محمد المهدي بوجرانه