تمهيد:
في زمن تتعدد فيه أنماط الحكم وتتداخل الشرعيات، تُطرح مفاضلة فكرية وعملية بين نظامين متناقضين في الشكل والدوافع، لكنهما يتقاطعان أحيانًا في النتائج. السؤال المركزي: أيهما أكثر نفعًا للسكان في واقعهم المعيش؟
تعريف النظامين
1. نظام دكتاتوري يلاحقه هاجس عدم الشرعية الدستورية:
هو نظام استولى على السلطة خارج الأطر الدستورية المعهودة، غالبًا عبر انقلاب أو تمديد استثنائي، ويعيش في ظل شعور دائم بعدم القبول القانوني، ما يدفعه إلى البحث عن "شرعية بديلة" عبر البرامج التنموية أو الشعبية.
2. نظام ديمقراطي شكلي يستند إلى شرعية دستورية:
هو نظام جاء عبر انتخابات أو مسارات دستورية معترف بها، ويحافظ على المظهر المؤسسي والديمقراطي، لكنه لا يشعر بحاجة إلى كسب رضا الناس عبر التنمية المباشرة، بل يركّز على الحوار السياسي وتحسين صورته الخارجية.
محاسن كل نظام:
الدكتاتوري الباحث عن الشرعية الاجتماعية:
يسعى جاهدًا إلى تحسين الواقع المعيشي للسكان.
ينفّذ مشاريع تنموية ملموسة لتعزيز صورته.
يعتمد على الإنجاز الميداني لا الخطاب السياسي.
الديمقراطي ذو الشرعية الدستورية:
يحترم الأطر الدستورية والمؤسساتية.
يتيح مساحة للحوار وحرية التعبير (ولو شكليًا).
يوفّر مناخًا سياسيًا أكثر استقرارًا من حيث الشكل.
المساوئ والنواقص:
الدكتاتوري:
يفتقر للرقابة المؤسساتية، ما قد يؤدي للفساد أو التسلط.
قد يستخدم التنمية كأداة تزيينية لا كقناعة.
يقيّد الحريات السياسية والفكرية.
الديمقراطي الشكلي:
ينفصل عن واقع الناس ولا يهتم بتحسينه.
يكتفي بالشعارات والمؤتمرات دون إنجاز فعلي.
يضع "صورة الخارج" فوق حاجات الداخل.
خاتمة:
ليست العبرة دائمًا في شكل النظام بل في أثره الواقعي على حياة الناس. فحكم يفتقر للشرعية الدستورية لكنه ينهض بالبلد قد يكون – في نظر المواطن العادي – أكثر شرعية من حكم شرعي لا يُحسّن شيئًا في الواقع. ومع ذلك، فالأمثل هو النظام الذي يجمع بين الشرعية القانونية والشرعية الاجتماعية.
بقلم: الأستاذ الفقيه محمد الصحه ديدي
