الخوف من الحوار!
وكالة كيفة للأنباء

يبدو أن قصة الحوار السياسي في بلادنا، مستمرة في إثارة الجدل حولها وخصوصا حول مدى قدرة "طبقتنا السياسية" على التحاور وعلى تحقيق نتائج إيجابية تخدم المصالح العليا للبلاد. فما إن أعلن مؤخرا عن استعداد السلطة للدخول في حوار "من دون محظورات" حتى تعالت الأصوات مستنكرة ومشككة ومحذرة من مخاطر "مؤامرة جديدة تستهدف دستور البلاد"!

هي قصة مثيرة بالفعل لأن الجميع يعلنون استعدادهم الدائم للحوار ومطالبتهم به، ولأن الدعوة إليه قد تأتي من المعارضة وقد تأتي من السلطة، غير أنها في النهاية تبقى من دون نتائج مثمرة، وكأن الحوار شيء مخيف يصعب الاقدام عليه أو كأن نجاحه ليس في مصلحة من يعلنون الرغبة فيه!

ويبدو أن "الهجوم الحواري" الأخير للسلطة معرض لأن يواجه نفس المصير، ذلك أن العقبات في وجه التوصل لتسوية سياسية تظل كما هي متمثلة في: انعدام الثقة بين مكونات المشهد السياسي، تغليب المصالح الخصوصية على المصالح الوطنية وجمود المواقف لدرجة "التكلس" في لحظات سابقة من شبه المستحيل التخلص من تأثيرها.

لقد غابت العقلانية والمرونة حين تحول الصراع بين الفاعلين السياسيين إلى صراع صفري يحاول فيه كل طرف إفناء الآخر، لأننا انتقلنا من مرحلة الاختلاف حول البرامج السياسية إلى مرحلة التعلق بالكرسي والصراع عليه، ومن حالة الطموح لدولة المؤسسات إلى واقع الرضوخ لزعامات تحاول أن ترتهن الوطن لرؤاها ومصالحها الضيقة!

ويكفي أن نستعرض مختلف "العرائض الحوارية" المطروحة للنقاش، لندرك مستوى الجرأة السائد على تفصيل ما ينبغي أن يكون "مصالح عليا للبلاد" وفق مقاسات محددة ومكشوفة، لدرجة تفرض التساؤل حول ما إذا كنا بالفعل أمام نخبة سياسية أم نحن إزاء "زمرة" تنخرها "الأمية السياسية" لتحجب عنها حتى إمكانية التحلي بأدنى قدر من الاحترام لشعبها؟

كيف ينصب كل الاهتمام حول إعادة كل المسار الانتخابي ورفع سن الترشح وعدد المأموريات الرئاسية وإعادة تعريف زعامة المعارضة؟ وكأن مصالح الشعب الموريتاني تتماهي مع مصالح مؤسسسات سياسية بعينها! وكيف يتم التمسك بأفكار تقادمت وأثبتت عدم نجاعتها مثل "موضة التسعينات" (لجنة الانتخابات) على أنها ركن أساسي في تحديد مستقبل البلاد؟

ومع كل ذلك، وبالرغم من تضاؤل حظوظ نجاح أي حوار في الظرفية الراهنة وفيما بين الفاعلين الحاليين، فليس أمامنا سوى التمسك بالأمل في مواجهة واقع مشحون بالمخاوف، لعل هؤلاء يثبتون يوما بأنهم يحسنون شيئا آخر غير صناعة الأزمات!

أقلام


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2015-01-25 01:22:36
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article9082.html