حوار المنسقية والحكومة ورهانات حل الأزمة السياسية
وكالة كيفة للأنباء

تنفست موريتانيا الصعداء خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن خفت حالة الاحتقان التي حشرت الطبقة السياسية في عنق زجاجة الديمقراطية و هددت بتكسيرها في أكثر من مرة.

واليوم وبعد الحديث عن مساع جادة يبذلها طرفا اللعبة السياسية لإجراء انتخابات تشاركية تراجعت حدة التوتر، وكادت المياه السياسة الآسنة، والراكدة منذ أكثر من سنتين -في غياب الصرف الصحي - تتحرك نحو مجاريها الطبيعية نظرا لتخلي منسقية المعارضة عن مطلب الرحيل ، واحتجاجات الشارع ،وتوقف الحزب الحاكم عن إصدار بياناته شديدة اللهجة اتجاه المعارضة ،فضلا عن وقف نزيف التسريبات الإعلامية التي تستهدف المس من قادتها الأمر الذي وصف بالهدنة غير المعلنة لإفساح المجال أمام الحوار والتشاور.

ولعل أول مطبة او عقبة قد تعترض طريق الحوار المرتقب تتمثل في محاولة الحكومة الاتصال بالأحزاب بصفة انفرادية وخارج عباءة المنسقية في المرحلة الأولى من المشاورات حسب ما أكد الوزير الأول مولاي ولد محمد لقظف لرئيس حزب تواصل جميل منصور لذي فوضته المنسقية للقائه ، والتعبير له عن استعدادها للحوار شريطة أن يتم في إطارها ،وقد يحول رفض الحكومة لهذا الشرط دون إطلاق الحوار، ويعيد الأمور إلي المربع الأول.

ولم يكتفي ولد محمد لقظف برفض الشرط الوحيد الذي وضعته منسفية المعارضة للحوار،بل انه أصر على استبعاد أهم مطالبها والمتمثل في توسيع الحكومة من خلال منح الحقائب الوزارية المعنية مباشرة بالانتخابات لشخصيات مستقلة و اشترط عدم طرحه على طاولة المفاوضات مما يعنى انه قد نسي آو تناسى الردود التي واجه بها النظام حجج منسقية المعارضة للمشاركة في الحوار السابق ،والمتمثلة في ان تلك الشروط يجب أن تكون نتيجة للحوار ،ولا يمكن بحال من الأحوال أن تكون سابقة عليه .

ورغم تعنت الحكومة فان هنالك بوادر حسن نية من النظام تمثلت في دعوة البرلمان الموريتاني إلي عقد دورة طارئة للمصادقة على المستجدات التي سيتمخض عنها الحوار كما ينتظر ان تصادق على الضمانات التي اعلن عنها ولد عبد العزيز في لقاء الشعب مثل تشكيل مرصد لمراقبة الانتخابات ،وتوسعة اللجنة المستقلة لها ،وتكوين لجان برلمانية للتدقيق في اللائحة الانتخابية لاقناع المنسقية بالمشاركة

وكانت منسقية المعارضة قد قبلت على مضض وبعد أن فشلت في اتخاذ موقف مشترك من الانتخابات الدخول في مفوضات مشروطة مع النظام، وباشرت وضع الآليات التي تراها كفيلة بذالك حيث عين لجنة ثلاثية عهدت اليها بصياغة مقترح للنقاط التي سيتم التطرق لها خلال الحوار وقد ضمت اللجنة: لكرمو عبدول من اتحاد قوى التقدم، واحمد ولد لفظل من التكتل و موسى افال. وقد قدمت اللجنة مقترحا تم تدارسه من طرف مكتب الرؤساء ، كما شكلت وفدها المحاور من خمسة أحزاب هي : التكتل ، اتحاد قوى التقدم ، تواصل، الحراك، المستقبل.

غير ان ضرب الحكومة عرض الحائط بوحدتها ، وإصرارها على التعامل معها كأحزاب قد يجهض تلك الجهود وينذر بانفجار منسقية المعارضة وانفراط عقدها.

قد يقدم النظام تنازلات للمعارضة مثل تأجيل الانتخابات، وتوسعة لجنتها وغيرها من الأمور الشكلية لكن مهما بلغت تلك التنازلات فان المعارضة لن يكون بمقدورها بدا تجاوز أثار الحملة الانتخابية التي أطلقتها الحكومة قبل فترة في أنحاء موريتانيا والتي من اخطر مظاهرها توزيع وزيرة الشؤون الاجتماعية لمبالغ نقدية على المعوزين والفقراء لأول مرة في تاريخ البلاد ،فضلا عن النشاط الكبير للجنرالات في كل الولايات ما أعطوا من تعهدات للسكان الأمر الذي يبعد الهوة بين المتنافسين من مرشحي النظام وغيرهم ويجعل الامور محسومة سلفا لصالح من يقدمهم النظام وتكون خطورة هذه الحملة اكبر اذا ما علمنا أنها تستخدم المال العام لشراء الذمم. ويرى المراقبون ان الوضعية الحالية لا تختلف عن الوضعية التي تم فيها اتفاق دكار وهو ما استشعره رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود عندما أكد ان "المعارضة لن تلدغ من جحر مرتين ". ومادامت المنسقية على نفس المسافة التي لدغت فيها من "الجحر" سنة 2009 فان احتمال لدغها يبقى واردا.

وفي انتظار ما ستؤول إليه الأمور يحبس الموريتانيون أنفاسهم بعد أن سئموا الاحتقان السياسي ،و ملوا الأزمات التي تتخبط فيها بلادهم منذ فترة ليست بالقصيرة.

امربيه ولد الديد


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2013-09-19 11:06:11
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article4521.html