برنامج "مقاربات إسلامية": خطوة أضافت الجديد هذه المرة
وكالة كيفة للأنباء

من واجبي أن أبدي وجهة نظري وأن أدفع بالتي هى أحسن حول برنامج ظل حبيس "فلسفة خاصة" -لثقافة واسعة- لا تقدم ولكنها تؤخر في مجرى حياتنا اليومية، هو برنامج ديني اختار مقدمه أن يكون "مقاربات إسلامية " تربط الماضي لدينا كمسلمين بالحاضر وتستشرف لنا مستقبلنا من خلال تفسيرات وتأويلات هي الأخرى كانت نتيجة حتمية لتلك "الفلسفة الخاصة" التي ظلت حكرا على مجموعة تعيش بيننا بأجسامها وتعيش بعقولها في فترات انحطاط الحضارة الإسلامية.

وسبب دخولي هذا المعترك "غير الآمن" هذه الفترة هو بدافع حب هذه الأرض التي لا اعرف اى مدرسة شربتني إياه. فقد وجدت هذه المرة على غير العادة ما أعطانى دفعا وبعث الأمل في نفسي أخيرا بان التغيير ممكن وهناك من يحمل مشروعه من مثقفي هذا البلد رغم قلتهم كضيوف هذه "الحلقة الخاصة" ولقد قادنى البحث في موضوعها إلى اختيار هذا العنوان على اعتبار أننى عثرت على مقال سابق يتطرق إلى البرنامج معتبرا إياه قدم خطوة ولم يضف جديدا حسب كاتبه فأردت أن اربط القارئ بموضوع المقال حتى يلاحظ الفرق هذه المرة .

في البداية أنا كامرأة سعدت كثيرا بان الضيفين كانا من غير السياسيين وبأنهما شخصيتان تقدمان رؤيتين منفصلتين ولكنها متفقتين في الجوهر والهدف ومتمردين على تلك "الفلسفة الخاصة "يعرفان طريقهما جيدا فإذا كان الدكتور والفقيه محمد المهدى محمد البشير متخصص في أصول الفقه فان السيدة الدكتورة باحثة هي الأخرى في التاريخ الإسلامى وهما يعيشان معنا بجسميهما وبعقليهما وهذا ما نفتقده في ضيوف البرنامج عادة وهاتين الشخصيتين ومن على شاكلتهم يسير هو ما نحتاجه لتفكيك هذه الثقافة المتداولة اليوم التي ترى أن كل تضييق في الحياة هو انتصار وممارسة أصيلة في الإسلام وكل حاقد على غير المسلم هو مسلم حقيقي وكل ناكر لحضارة الغرب هو مسلم متشبث بدينه وكل منبهر بالتكنولوجيا الغرببية هو شخص مستلب مائع, بل ترى ان كل من حفظ المتون وبعض الأحاديث وان كانت ضعيفة أصبح "عالما مسموم لحمه"مؤهلا للفتوى يقدم للمشاهدين والمستمعين مع ديباجة كبيرة يخيل إلى السامع أن الضيف هو ابن رشد.

!!!

إن التعرض لمواضيع حساسة كالمعيقات الثقافية في المجتمع الاسلامى ونقاش الحضارة الغربية من منظور المسلم وتعدد الزوجات والمساواة بين الرجل والمرأة والميراث وتحقيق العدالة الاجتماعية وحفظ الارواح - من قبل مثقفين تعلموا وتثقفوا واحتكوا بثقافات أخرى وبحثوا في تاريخهم الاسلامى هو أمر يجب تقديره واحترامه خاصة عندما يكون ذلك عبر شاشة التلفزيون أو عبر الراديو الرسميين وهو ما يسمح للمواطن المسكون بثقافة الرفض والتضييق وللمثقف الحائر بالمشاركة في صنع المستقبل.

ان اختزال بعض فقهائنا للدين في الوعظ وتسفيه الحياة الدنيا افقد الكثيرين روح الصراع من اجل البقاء وبناء وتشييد الحضارات واختراع ما ينفع الناس رغم ان الحياة علمت الشعوب بأنها صراع ومن أراد أن يحيا عليه أن يصارع والبقاء لمن يصارع بعقله وبقلمه وليس من يصارع بسيفه وقنبلته أو بأذية لسانه و علي المصارع فينا بقلمه أن يتحمل ويتجلد بالصبر فهو وحيد وسط مجاميع من البشر نامت عقولها من زمن بعيد عبر دروس بعض الفقهاء وليس من السهل إيقاظها.

أن النبش في المخزون التراثي الاسلامى لدينا يجابه بمشاكل عدة:

أولها أن المهتمين بالحقل الثقافي وبتنقية التراث الاسلامى يخافون عداء الجماهير التي لا تعترف بالعقل ولا تسمح حتى بالنبش في تراثها.

ثانيا :أن المهتمين بالشأن الثقافي يجابهون بمجموعات أخرى اشد عنفا وفتكا ومستعدة لاستخدام المنابر الدينية لتصفية الحسابات مع منتقديها ومن لا يتقاسمون معها نفس الرؤية. وثالثا أن نفس المجموعة تجابه بالنكران من قبل مجموعة من الإعلاميين اللذين أجبرتهم الظروف على الاعتماد على مجموعة معينة من الناس تربطهم بها علاقة قبلية أو سياسية أو جهوية أو إيديولوجية لذلك غابت هذه الشخصيات الخاصة والمثقفة والتي لا تخضع للتصنيف السابق وهذا بالضبط يعيد إنتاج عصر الانحطاط فهو يشبه عصر التدوين في الحضارة الإسلامية إذ لم يكن باستطاعة الكتاب أو المدونين آنذاك كتابة إلا تاريخ المنتصر وبالطريقة التي يريد رغم ما شاب ذلك التدوين من تحريف ومن كتمان للحقيقة وما طال بعض الأحاديث والقصص المتعلقة بتاريخ النبوة الأول من تزوير وتأويل واغتصاب لحقوق المرأة .

ومن هنا تحتاج الحقيقة إلى جريء يقولها وتحتاج أيضا إلى جريء يدونها وقد لاحظت من فترة أن هناك مجموعة من المشاهدين والمستمعين تهيمن على جميع البرامج وتفرض رأيها عبر الهجوم على الضيف أو على الصحفي الذي يدير برنامجا لإخضاعه وجعله يسير وفق خط وفلك معين .وهو ما ينبئ بسيئ الأمور نظرا لمحاباة بعض مقدمي تلك البرامج وضيوفهم للمتدخلين وأفقدتهم وأفقدتنا الرؤية المستنيرة التى نبحث عنها لقضايا الساعة.

لم يبق إلا إن اعبر عن إعجابي بالضيفين الكريمين وبالحلقة المميزة وان أوجه نداءا آخر إلى المشرفين على هذه البرامج لعلى أوقظ فيهم ضميرا بأنه حان الوقت وحان الوقت لتقديم برامج دينية تشترك وتشارك في بناء الدولة فشراكتنا جميعا تقتصر على التعاون في هذه الحياة وعندما يدركنا الموت فلن نتقابل أبدا وما يهمنا من هذه الحياة الدنيا أن نعمرها وان نزرع فسيلة ولنعمر الأرض لنا ولأجيالنا وللإنسان وان نسيرها وفق خطط متجددة نتشارك الرؤى فيها جميعا .


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2013-03-19 07:35:13
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article3144.html