العبودية في حديث التراويح
وكالة كيفة للأنباء

حديث التراويح , هو محاولة لأخذ العبرة واستخلاص الدروس من خلال وقفات مع بعض المواضيع التي يتناولها القرآن في كل ليلة من ليالي رمضان .

وقد كان حديث التراويح في ثاني ليلة من ليالي رمضان , حافلا بالدروس المهمة , زاخرا بالأحكام الفقهية , حيث تناول أحكام القصاص : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى , أحكام الصيام :كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ , أحكام الحج : وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ , كما تناول أحكام المحيض والعدة , وأحكام اليمين والإيلاء , وأحكام الطلاق والخلع , وأحكام الرضاعة والحضانة ومُختلف الْمُدَدِ في مختلف الْعُدَدِ , وصداق الزوجة ومتعة المطلقة والفرق بين التعريض والخطبة ... هذا بالإضافة إلى الترغيب في الإنفاق والتحذير من الربا , والدعوة إلى توثيق الديون أو الإشهاد عليها , بالإضافة إلى أحكام كثيرة لا يتسع المقام لذكرها .

ولذلك سوف نكتفي بوقفات ثلاث لنختم بها إن شاء الله تعالى .

الوقفة الأولى مع أهمية البر والتقوى , فقد لا ينالهما كل من صام أو صلى , وإنما لا بد لهما من توفر عناصر الوصفة الكاملة , التي ذكرتها آية البر الجامعة : لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [(177) البقرة ] .

الوقفة الثانية : رسالة تهديد أكيد ووعيد شديد للمحامين الذين يزجون بأنفسهم في قضايا يعلمون بطلانها , أو يأخذون رشاوى لإضعاف حجج يعلمون أن الحق إلى جانبها .

ولما كان المحامي آكلا للمال بطبيعة عمله , جاء تقييد أكله بالباطل وبالإثم فقط وفي ذلك يقول الله تعالى : وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [ (188) البقرة ]

الوقفة الثالثة حول "موضوع العبودية" فقد تناولها حديث التراويح , ولكن بأسلوب التدرج , حيث تدرج في موضوع العبودية , ثلاث مرات في هذه الليلة : ففي المرة الأولى جعل العبد كفؤا للحر في القصاص فقال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ثم بين ذلك بأن المسلمين تتكافأ دماؤهم ولا فرق في القصاص بين حرهم وعبهم أو ذكرهم وأنثاهم الْحُرُْ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [(178) البقرة ]

وفي المرة الثانية تدرج العبد في القرآن حتى أصبح كفؤا للحرة في أمور النكاح امتثالا لقول الله تعالى : وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم بنت عمته "زينب بنت جحش" بمولاه "زيد بن حارثة" وكان يقول : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ).

أما المرة الثالثة من هذا التدرج المذهل في حديث التراويح ليلة البارحة ، فقد تدرج العبد الفقير حتى أصبح ملكا على أسياده قَالُواأَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [ (247)البقرة ] والحكمة من ذكر قصة طالوت واعتراض اليهود على إمامته بسبب نسبه وقلة ماله , أن يعلم الناس أن أكرمهم عند الله أتقاهم , ورب وجيه ذي مكانة عند الناس وهو لا يزن عند الله جناح بعوضة .

وفي الختام صلوا على سيد الأنام ، وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام .


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2012-07-22 13:03:55
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article1485.html