الصفحة الأساسية > الأخبار > مراتب نقد المعارضة

مراتب نقد المعارضة

الثلاثاء 10 شباط (فبراير) 2015  15:17

يجب الآن التّنبيه إلى الفوارق بين انتقادات المعارضة. وطبعاً لسنا هنا بصدد تكرار ثنائية التّمييز بين "النّقد البنّاء" و"النّقد الهّدام" التي يُكرِّرُها كلّ ديماغوجي موريتاني. وهنالك نقدٌ يكَرِّرُه الإيزيدبيهان وولد محم والحسين ولد محم وبعض الأبارتشيكات الأقل بلاغة في التمييز بين المعارضة المسؤولة (يعني معارضة بيجل ولد حُميد ومحمد يحظيه ولد مختار الحسن ولوليد ولد ودّاد) والمعارضة غير المسؤولة (أي المعارضة التاريخية). وطبعاً هذا نقدٌ ليس مهماً. ويجب أن لا ننسى الحِكمة أنّ مدح "المعارضة" من قبل المولاة هو ذم. وهو مما تُردُّ به المعارضة. وفي الأثر الغربي أنّه "ليس هنالك أسوأ من أن تتلقّى المديح من وغد".

وهنالك انتقادات توجِّهُها المعارضة لذاتها. وهذه تقوم بها القوى النّقدية من داخل المعارضة. ولن نُفصِّلَ كثيراً في هذا لأن هنالك أخطاءً منهجية كثيرة هنا.. النقد السائد للمعارضة هو نقدُ صراعاتِها وتشرذُمِها وضعفها. وكان هنالك ذئاب انتقدوا المُعارضة بأنّها ضعيفة في مواجهة النظام. وكان الحلُّ بالنسبة لهم هو الانضمام للنظام! وهنالك عدةُ انتقادات أخلاقية للمعارضة تتعلّقُ بانتهازية بعضِها وتفضيله منافِعه على قضيّته (هذا على افتراض أن قضيّتَه ليست هي منافِعه، وفي هذا تصديق له واستسلام لثعلبانيّتِه وإغفال لحقيقة أنّه ليس ثورياً بل هو مستعلِفٌ وباحث عن المرعى).

ولكن ها هو الخَبر الجيِّد: لقد رُفِعت السّواطير منذ أواخر التِّسعينيات ضد كلِّ المُتحرِّفين للكسب السياسي على حساب القضية العامة للمعارضة (على أساس أن هنالك قضيّة عامة للمعارضة، أكثر من كونها مجموعة من الماعز والنعاج والبقر وحّدَها مرأى الذِّئب، وستفترِقُ قريباً عندما يهرب الذِّئب).

وما علينا..المهم أن نقد المعارضة على استنفاعِها على حساب قضيّتِها يبقى نقداً أخلاقياً (بغض النظر عن دقتِّه). ويجب علينا أن نحتفِظَ في أذهاننا أن أخلاقية هذا النّقد مرتبطة برفضه التمصلحَ على حساب القضية. التِّكراريون ينسون هذا لأنّهم يأخذون بالتلقين، لا بالتّفطين.

والآن المشكلة هي أن الضِّعافَ في المنطق يقحمون ويخلطون القضايا. فإذا كان نقد بعضِ المعارضة على أساس خرق الإجماع بسبب المصالح نقداً أخلاقياً، فإن نقدها على أساس خرقِ الإجماع بدون مصالح (بل بخسارة مصالح) لا يبقى نقداً أخلاقياً. بل تبقى لخارق الإجماع قضيتَه الأخلاقية والمثالية (ما دام ليس منتفعاً).

إذن ما ذا يبقى من نقدٍ كهذا الذي أشرنا إليه بعد سقوط شرعيتِه الأخلاقية؟ هل يموت؟ طبعاً لا، يمكِنُه أن يبقى نقداً سياسياً واستيراتيجياً. أي أنّه بعكس النّقد الأخلاقي ينتقد حثاً على المنفعة والمصلحة، لا رفضاً لها. وليس معنى هذا أنّه غير أخلاقي. معناه أنّه تخطيط. إنّه هنا يُصبِحُ رأياً ومكيدة، لا ديناً.

والآن ها هي المشكلة: يمكن للنقد السياسي والاستيراتيجي أن يحاجج ضدّ "المُخطئين"، ولكن بما أنّه ليس نقداً أخلاقياً، لا يمكنِه حمل الشُّحنة التقريعيّة التّي يحمِلُها النّقد الأخلاقي. أي أنّه يجب، والحالُ هذه، أن يتخلّى عن عصا الخطيب. يجبُ أن يتواضَع.

وماذا يحدُثُ عندما يتجاهل هذا النقد السياسي أنّه ليس نقداً أخلاقياً ويبدأُ في سبِّ أو تقريع الخصوم أو تسخيفهم. في هذه الحالة لا يُصبِحُ غير تعصُّب ورذاذ.

هل يجب أن يُستمع له؟

ربما.

هل يجب أن يُنصتَ له؟

لا أعتقدُ ذلك. من صفحة الكاتب على الفيس بوك

أبو

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016