الصفحة الأساسية > الأخبار > موريتانيا: كفاءات ديبلوماسية معطلة

موريتانيا: كفاءات ديبلوماسية معطلة

الأحد 9 آذار (مارس) 2014  16:53

الدول تبني بالتراكم وتزاحم العقول والكفاءات والخبرات والتجارب وتوظيف العلاقات وبإعطاء كل ذي حق حقه احقاقا للعدل وانصافا للمواطنين وخدمة للوطن، وثروة موريتانيا التي لا تنضب هي الانسان الموريتاني بكل ثوابته الحضارية ومتغيراته التكوينية وبقدرته الهائلة على التواصل والتفاعل مع فضاءات متباينة ومع اجناس مختلفة.

في سبعينيات القرن الماضي أضافت موريتانيا لكونها منارة علم ورباط معرفة كونها أصبحت منطلق اشعاع دبلوماسي ومركز استقطاب في محيطها الاقليمي العربي والافريقي والاسلامي والدولي، وأنا مؤمن بأن الله منح موريتانيا بالإضافة إلي الثروات الطبيعية ثروة تواصلية دبلوماسية عظيمة لا يفرط فيها إلا هالك، واستغلال وتوظيف هذه الثروة الدبلوماسية يحتاج إلي الخبرة وإلي التشاركية وإلي التأسيس على التراكم لإقامة علاقات مجدية تحقق مصالح الوطن وتضعها فوق كل اعتبار، فمن الصعب أن تكون دبلوماسيا ممارسا ناجحا في أقل من ربع قرن وعندما يكون يقتضي منطق المصلحة أن لا نفرط فيه وأن نستغله في الوقت والمكان المناسبين ونتيح له فرص أداء مهامه بخبرة وتميز يواكب حركية هذا العالم الموار .

أسوق هذا الكلام لأنبه إلي وضعية فاسدة حرمت البلاد دون أي مسوغ موضوعي من خبرة كفاءات وقامات دبلوماسية معتبرة وعطلت قدرات هائلة كانت الأولى والأجدر بتسويق صورةنمطية إيجابية لموريتانيا بكل تعددها وبكل مجريات أمورها بثوابتها وبمتغيراتها وبآمال شعبها وتطلعاته وجنوحه الدائم للتفاعل والتكامل مع الآخرين في شتى المجالات وفي شتى بقاع العالم.

والحديث عن هذه القامات وعن الدبلوماسية الموريتانية حديث ذو شجون فهو يذكرنا بالرعيل الأول المختار ولد داداه وسليمان ولد الشيخ سيديا وشيخنا ولد محمد الأغظف وحمدي ولد مكناس وآخرين واكبوهم في الحقبة الدبلوماسية الذهبية، والتاريخ كما هو معلوم حلقات يفضي بعضها لبعض والحلقة الدبلوماسية الثانية بعد هؤلاء انتجت وزراء وسفراء بارزين خدموا الجمهورية الاسلامية الموريتانية منهم من ما يزال في أوج العطاء وهؤلاء هم بيت القصيد ومربط الفرص لهذه المعالجة اذكر منهم الدبلوماسي المتميز والوزير السابق محمد السالك ولد محمد الأمين الذي خدم موريتانيا من كل المواقع بمهنية ونكران ذات ويخدمها حاليا من خلال موقعه في جنيف بل لا أبالغ إن قلت إنه ظل رغم عدم التكليف الرسمي يخدم الجمهورية ويخدم البلد عن قناعة وبكل جدية وصدق، واذكر الوزراء السفراء محمد الأمين ولد يحي ومحمد ولد الطلبه ومحمد الأمين ولد سلمان على سبيل المثال فهؤلاء من خيرة الدبلوماسيين الموريتانيين وأبلوا بلاء حسنا في كل التكليفات وكانوا مميزين ومتميزين ولم يكونوا سفراء سياحة أو فواتير كانوا سفراء موريتانيا الأكفاء وظفوا رصيدهم الفكري والدبلوماسي المعتبر كي تظل صورة موريتانيا ناصعة، وحين تتاح لهم الفرصة قطعا ما يزال في جعبتهم الكثير مما يقدمونه ولا يعقل ولا يقبل أن يظلوا طاقات معطلة لشدة حاجة البلاد وحاجة الحقل الديبلوماسي لمؤهلاتهم وخبراتهم وتجاربهم المتراكمة.

وهنالك وزراء خارجية سابقون من أمثال محمد فال ولد بلال الذي هو بالإضافة إلي بعده الدبلوماسي ووجاهته الاجتماعية فاعل سياسي وقائد رأي وأحمد ولد سيدي احمد والداه ولد عبدي والشيخ سيدي أحمد باب أمين ومحمد فاضل ولد الداه ومحمد محمود ولد ودادي والعميد الوجيه الدبلوماسي المحنك محمد عبد الرحمن ولد أمين وكلهم راكموا خبرات هائلة وأقاموا علاقات نافعة، وتقتضى مصلحة البلاد العليا أن تتم الاستفادة من خبراتهم داخليا ويسندوا للحصول على مواقع خارجية في منظمات وهيئات اقليمية ودولية فتواجدهم هناك يشرف موريتانيا ويخدمها، وكل الدول تتنافس وتتسابق لتمكين أحد مواطنيها من الفوز بمنصب اقليمي أو دولي، وموريتانيا تتوفر على شخصيات مرموقة بمواصفات مؤهلة لهذه المواقع لكنها لا تبادر ونادرا ما تدعم من يبادر، فلماذا لا تشكل الرئاسة والخارجية خلية لجرد اسماء هذه العينة النادرة وتتحين الفرص وتستغل ما يتاح منها تثمينا لكفاءات أبنائها المؤكدة؟ لما ذا لا توظف خبرات محمد السالك وولد الطلبه وولد يحي وولد سلمان وغيرهم لإنجاح رئاسة موريتانيا للاتحاد الافريقي؟ هل يدرك فخامة الرئيس أن لديه محليا كل هذه الخبرات الهائلة وأن لديه قامات سامقة من شأنها أتسند جنوحه الدبلوماسي وتترجمه على الأرض وتنزله في مسارات تحقيق مصالح موريتانيا الحيوية وبناء صورتها النمطية الإيجابية؟ هل يدرك فخامته أن التشويش على أصحاب الكفاءات وتهميشهم قد يخدم عديمي الكفاءات ويضعهم في أماكن لا يستحقونها ولكنه قطعا لا يخدم الرئيس ولا يخدم مصلحة البلاد؟ متى يقدر لهذه البلاد أن تستفيد من خبرات أبنائها المتراكمة؟ متى يتوقف "تناسخ المصالح العقيم" الذي يضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب؟ متى تنتهي دبلوماسية الفواتير المفبركة والوشاية والنميمة والزبونية والشعبوية وتحل محلها دبلوماسية الخبرات والكفاءات والاستقامة والاخلاص للوطن ووضع مصالحه الاستراتيجية فوق كل اعتبار؟

أحمدو ولد أعمر

ناشط دبلوماسي

dedehmed@gmail.com

1 مشاركة

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016