يعيش حزب الإنصاف على مستوى مقاطعة كيفه وولاية لعصابه عموما تشرذما غير مسبوق فيتطاير شظايا بين أحلاف وكتل ومبادرات لا تشترك في غير دعم غير عفوي لرئيس الجمهورية،ويبلغ الشد داخله و الحزازات مستويات متطورة حيث القطيعة التامة والهجران ومنع التحية بين هذه الأطراف.

ويرى بعض المتابعين أن المهرجان الأخير لهذا الحزب المنعقد في التاسع من هذا الشهرالجاري في مدينة كيفه ربما كشف عن توجه جديد يسلكه هذا الحزب- وإن بتلكؤ وتردد شديدين - فبإحجامه عن إرسال تمثيل مركزي فإنه يرسل إشارات جديدة بأن ظاهرة الأحلاف والتيارات والتخندق تحت يافطات مختلفة لم تعد تروق له خاصة أنها هي سبب خسارته في كثير من الدوائر في الانتخابات الماضية وهو ما يخشى أن تصيب عدواه الرئاسيات القادمة.

وينزع رأي جديد داخل هذا الحزب إلى أنه لا مبرر لمعارك جانبية بين الرفاق الداعمين لرئيس الجمهورية وأن السير في هذا الاتجاه لا يخدم رؤية رئيس الجمهورية الذي سعى- حسب هؤلاء - من أول يوم لتوليه شؤون البلاد إلى الجمع والانفتاح على كافة أطياف المشهد السياسي بما في ذلك المعارضة.

هذا التوجه يؤيده أيضا غياب الوزراء المنحدرين من المقاطعة وتخلف الزعامات التقليدية التي لن تتجرأ على فعل لا تباركه السلطة، فضلا عن اختفاء المنتخبين عن هذا المهرجان.

وفي ذات الصدد يمكن فهم الأنشطة التي أطلقتها مبادرة جديدة تسمى "الوفاق"، بقيادة عدد من الأطر حيث باشرت تنظيم اجتماعات في قرى متفرقة بمقاطعتي كيفه وكنكوصه بالتزامن مع عقد هذا المهرجان لنفس الغرض وهو دعوة الرئيس للترشح.وإن رفع هذه المبادرة لشعار "الوفاق" لهو مؤشر جديد يصب في الانطباع السائد في دوائر الحزب العليا من ضرورة تشجيع الاندماج وليس أساليب التشتت.

ونسجل أيضا ما قامت به مجموعة من الأطر داخل هذا الحزب حين بدأت التحضير لمهرجان ووزعت الدعوات على كافة الحساسيات داخل الإنصاف وسعت تحت "شعار النهوض" إلى تنظيم مهرجان جامع قبل أن تلغيه بسبب وفاة والد سيدة القصر.

هذا الأمر انسحب على باقي مقاطعات الولاية فعلى مستوى إحدى الأكثر المقاطعات حيوية وحضورا هي مقاطعة كرو وأشدها سخونة بين مكونات هذا الحزب فقد تنادى أبرز الفاعلين فيها يوم أمس إلى الاجتماع تحت مهرجان كبير عنوانه "الاتحاد" حضرته شخصيات لم تحتضنها قاعة واحدة منذ عدة عقود.

وعلى مستوى مقاطعة كنكوصه عقد عمدة بلدية أبلاجيمل الريفية واحدا من أكبر المهرجانات واختار لموضوعه اللحمة الوطنية رغم أنه أحد الأذرع القوية لحلف العدالة الذي يقوده الرجل القوي كابه ولد أعليوه ومع ذلك لم يُنظم هذا المهرجان تحت يافطة هذا الحلف.

كثيرون هنا من نشطاء هذا الحزب باتوا يجاهرون بخطورة "الأحلاف" داخل الحزب ولا يجدون مبررات لذلك، ويرون أنها فعل متعمد الهدف منه إبقاء شخصيات في الصدارة والنفوذ واستحواذها على كافة المزايا على حساب بقية المناضلين..

كل هذه القرائن تقود إلى الاعتقاد بأن هذا الحزب أدرك أخيرا خطورة وهزلية الانشطارات الداخلية وعبثية تشتت الجهود داخل إطار حزبي له نفس المبادئ وذات الأهداف؛ وهو اليوم يريد أن يدشن نمطا جديدا من تنظيم الصفوف ومحاولة التحول إلى فعل جماهيري يتجاوز هذه الوصولية التي ظلت من تجليات الهشاشة في أحزاب السلطة وتلاشيها عند أول وهلة تفقد فيها رئيس الجمهورية.

وفي الاتجاه المعاكس فإن هذا التوجه فيما يرى كثيرون داخل هذا الحزب وخارجه من المراقبين أيضا لا يستقيم ولن يصمد إذ لم يكن يوما هدفا لأحزاب السلطة حيث ظل الوقود الذي تتحرك به والوسيلة المثلى للتعبئة والحشد وملئ الصناديق هي المحافظة على المجابهة داخل مكوناته؛وبهذه الأداة وحدها يضمن تزاحم الناس داخله مهما بلغت درجة تناحرهم ، وحين يحاول أن يتحرك نحو حالة حزبية طبيعية وجماهيرية فإن مآله الاضمحلال فهو لا يحمل برنامجا مجتمعيا ولا رؤية فكرية يتقاسمها الناس لذلك تنتهي حياته بانتفاء شرطها وهو الصراع.