الصفحة الأساسية > الأخبار > كتب محمد لمين محمودي في تأبين عثمان ولد شبلي

كتب محمد لمين محمودي في تأبين عثمان ولد شبلي

الأربعاء 10 أيار (مايو) 2023  17:31

الراحل عثمان ولد عمار

آلو آلو آلو

عثمان

لايرد،.

آلو.

من جديد عثمان لايرد..وليس من عادته التأخر عن أي نداء،عثمان ولد مولاي ول عمار ول الشبلي،حقا لا أعرف كيف أعرفكم عليه،أوكيف أتحدث عنه،عثمان فارس من الزمن الغابر يعيش الفروسية والنبل في عالم اليوم، يتأبط كل صفات الفارس النبيل،عرفته منذ سنوات قليلة في بيت آل النمين لكنها كانت كافية لوضعه في قائمة أفراد أسرتي الخاصة،منذ أول يوم لابد أن تفكر مليا كيف لهذا الرجل المقعد الوصول الى ماعجز عنه رفاقه،السمعة الطيبة،الكرم الزائد جدا،قوة التحمل،والاهتمام بأشخاص عديدين،ثم العلاقة اللذيذة بالصلاة وبالدين ككل..حين يدخل عثمان يلتفت الجميع اليه وهو يتحرك بكبرياء نحو مركز الدائرة،فلابد أن يكون موجه الحوار،والهدف في النهاية هو اضفاء نسمة مرح على سرادق فيه رجال بأرجل أنهكت جلهم الحياة وأرهقتهم فلم يجدوا لها حلولا..عثمان ولد ذات يوم تحت نجمة مشعة،يقول هو إنه ولد وفي فمه ملعقة من ذهب،والحقيقة انه ولد تماما كالآخرين،بل كان يفترض ان يضعف عنهم للاعاقة الملازمة له منذ الطفولة لكنه يصر لكبريائه على أنه لم يضعف يوما..

مر عثمان بتجارب عديدة في الحياة وفي كل تجربة لابد لعثمان من خلق مرتبة لشخصه لايصلها غيره..في الرماية كان عثمان لسنوات "دون كينغ" هذه اللعبة،وحين دخل أخاديد الذهب ومعاركه ترأس الجميع وبات صوتا مسموعا كمنقب،ونقابي مدافع عن حقوق رجال يعيشون على بريق الذهب فقط..سيكون عالمنا نحن الأصدقاء مختلفا بدونه وبدون مداخلاته:"اسمعني جيدا،انا المحامي،وأنا الطبيب انا أدرى منكم وأعلم،فقط استمعوا" حتى اذا سكتنا أطبق شفتيه،عثمان يكره مبارزة العزل الصامتين..ثم يبحث بعينين ذكيتين عن متكبر من بيننا ليضعه أرضا أو غني غافل ليذكره بأن قيمة الانسان بأخلاقه وطيب تصرفاته..فارس "اولاد اعلي انتونفة" لم يترجل طيلة حياته وانما ظل يصول ويجول في معارك الحياة ويخلق لنفسه مكانا عليا رغم منافسته اياهم في الاولومبياد الطبيعي وليس اولمبياد المعاقين كما يسمونه..أصحاب الهمم تسمية جميلة للمعاقين ولم أعرفها حقا الا في عثمان، فهمة الرجل فوق الثريا وأحلامه التي حقق بعضها عجز عنها ملايين الاصحاء...

حين يعود عثمان من رحلته يجلس بين الجميع ثم يخرج كيلوغرامات(أقول كيلوغرامات) من الذهب،ويخبر الجميع بماجناه من رحلته ثم تبدأ الاتصالات التي تبدأ عادة بأخواته والأقارب ثم المعارف فالأباعد ..

تحويلات مالية لاتتوقف ويجب أن تستمر كي يستمتع عثمان بأنه تحول الى فقير مؤقت..حدث هذا أمامي مرات ومرات..سنشتاق لعثمان الصفحة البيضاء والزجاجة الشفافة التي لاتخفي أي شيئ..اتصالاته بميارة في كيفة وبالمنقبين وبخطري بشأن الرماية ثم بالاخوة،لاشيئ يخفيه الرجل..سنفتقد ذلك الدخول الذي يسلم صاحبه وكأنه يقول: أنا سيد الجلسة ومدير الحوار ومرتب الأمور ومقصد ذوي الحاجات..أنا عثمان..

بالنسبة لي شخصيا أحببته أيما حب وأخلص لي في حبه وتقديره وسؤاله عني واتصالاته بي للاطمئنان حتى من هناك، من الخطر الذي يشتغل فيه لأشهر...

لو أنني الوالي لصنعت تمثالا لعثمان ونصبته في كرفور ميارة كمعلم من معالم كيفة،المدينة التي أحبها بجنون ونقل لنا حبها عبر تصرفاته وحكاياه وأخلاقه، ولو أنني الرئيس لكتبت قصة عثمان في المناهج التربوية كقصة رجل تحدى الاعاقة حتى اختفت في عيون من يعرفونه،نافس الأصحاء والدكاترة والمهندسين في معترك الحياة وفاز عليهم بقلبه السليم وصفاء سريرته وارادته واخلاصه لمن يعرفهم...عثمان سبق الجميع لكل شيئ حتى الموت للأسف، اذ فقدناه هذا الصباح ودفناه، وعدنا الى السرادق حيث لايتخيل أي واحد منا أن عثمان لن يدخل وينادي للصلاة وبعدها يضحك ويبتسم ويتدخل في شؤون الجميع لحل المشاكل واسداء النصح...عثمان لن يدخل علينا أبدا لكنه لن يخرج من قلوبنا مهما تقدم بنا العمر..انه قصة لاتموت..المحزن اكثر من كل هذا ان عثمان لم يترك لنا من نراه فيه،من صلبه..لكنه ترك لنا قصته..يالبراءة الأطفال،حين اتذكر تعامله معنا.

صديقي سنبكيك كثيرا لكننا سنتذكر كل مرة أن الله خلقنا جميعنا وأخبرنا بمنتهانا وحتميته، وهذا منتهى رحلة عثمان وذاك منتهى آخر..لانقول إلا مايرضي الله: اللهم اغفر لعثمان ومتعه بالجنة وإنا لله وإنا إليه راجعون.

محمد لمين محمودي

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016