الصفحة الأساسية > الأخبار > هل غضب الرئيس فعلاً؟

هل غضب الرئيس فعلاً؟

الأربعاء 22 كانون الأول (ديسمبر) 2021  21:43

رغم وصفه بالهدوء، بل وحتى البرود، إلا أن الرئيس ولد الغزواني خرج عن عادته عندما عاد من مهرجان مدائن التراث، الذي شهده في مطلع الأسبوع.

ففي وقت متأخر من مساء الثلاثاء، استدعى الرئيس الوزير الأول ووزير الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي ووزير التجهيز والنقل ورئيس سلطة تنظيم الصفقات ورئيس اللجنة الوطنية لرقابة الصفقات العمومية. وأبلغهم عن عدم رضاه عن سير وتيرة المشاريع، وكأنما أرادت الرئاسة أن تبلغ الجمهور بهذا المحتوى فأعلنت عنه عبر صفحتها الرئاسية في وقت متأخر، موحية للجمهور بأن الرئيس في حالة غضب. من الواضح أن الرئيس ولد الغزواني أراد من خلال هذا الإعلان التعبير عن الإحباط من حصيلة عيد الاستقلال التي لم تتواكب مع تدشينات وإعلانات عن إنجازات كبرى. ولأنه لا يخفى على ولد الغزواني- وهو العائد من رحلة قابل فيها رجل الشارع- حاجة الحكومة في هذه الايام إلى شرعية الإنجاز في مواجهة التذمر الشعبي، لقد كان الغضب خياراً استراتيجياً. فالغضب أيضاً هو تنصّل من المسؤولية وتحميلها للحكومة وللإدارة.

عدة أسئلة تفرض نفسها: أولا لماذا غضب الرئيس؟ من الواضِح أنّه شعر بحاجة ماسّة للإنجاز، بل لشرعية الإنجاز. لقد عاد للتو من مناسبة حكومية لعله أدرك فيها أن الجمهور يميز بين المناسبات وبين الإنجازات. ففيما تكون المراسيم والمناسبات أنشطة بهرجية تسوق فيها الثقافة ويعطى فيها للشارع ما يتندر عليه، كما أنها تنعش نخبا فنية أو إدارية بعينها، ولكنها ليست هي الإنجاز. أي أنها ليست مما يمكن إدخاله في الحصيلة السياسية للرئيس. بل الواقع أنها قد تأتي بردة فعل معاكسة. هنالك تململ قوي في الشارع، في أوساط نخب المتابعة من المتعلمين والموظفين كما في الإدارة، ثمة إحباط من أن النظام الجديد لا يفعل شيئا؛ وما زال يعيش على شرعية المواجهة مع النظام القديم وشرعية التهدئة السياسية. ولكن هذه الأشياء صارت تنتمي للعصر الحجري، ولم تعد قادرة على إسكات الرغبة في التقدم بالبلد الى الأمام. السؤال الآخر: هل غضب الرئيس بالفعل؟ في صبيحة الغد لم يتخذ أي إجراء خصوصي في مجلس الوزراء، لم يتضح لماذا عقد الرئيس مجلساً وزارياً مصغراً فيما هو مقبل بعد ساعات على مجلس وزراء أوسَع. فهل كانت الخرجة دعائية لا أدائية هدفها السياسي التنصل من اللائمة، وتحميلها للمسؤولين الإداريين، إنها استراتيجية قديمة هدفها خلق تكتيك خطابي، أو انطباعي يكون بموجبه ثمة فريقان في الحكومة: فريق متباطئ يمكن لومه وفريق على أطراف أصابعه ومتحرق للإنجاز. أراد رئيس الجمهورية أن يقول بأنه يقود الفريق الثاني.

لعل الخطأ الذي حصل هو تسويق غضب ولد الغزواني، وهو خطأ ربما يعود لعدم كفاءة الجهة المختصة، التي أصدرت نيابة عن الرئاسة خبرا "عاجلاً" ينبئ بغضب الرئيس. لاحقاً عندما برد غضب الرئيس- ويبدو أن ذلك حدث بسرعة- قامت تلك الجهة بإعادة تحديث الخبر ونفي صفة الاستعجال عنه، كما تلطيفه أسلوبيا.

ولكن السؤال التالي هو: ما هي طبيعة الإنجازات التي يغضب الرئيس على تعثرها؟ يتبين بالنظر إليها أنها إنجازات بلدياتية، بعضها قد دُشن من عهد النظام القديم وبعضها من طبيعة فنية: تحديث موانئ وتوسيع طرق وبناء جسر. لا شك أن البلد يحتاج إلى هذه الأشياء الفنية، وبالأخص في مجال المرور، الذي هو عبارة عن فوضى وملحمة يومية. ولكن هذه الأشياء تترك للبلديات وللهيئات الحضرية. ما يُقصد بالإنجازات هو إحقاقات تاريخية على مستوى التعليم والصحة العامة وإعادة توزيع الثروة ومساواة الفرص وتصحيح الضيم التاريخي والاجتماعي وتقديم استراتيجية إدارية تُحدِث قطيعة مع الفساد، الذي صار بنيوياً في هذا البلد. هذه هي الإنجازات التي تستحقّ أن يغضَب الرئيس من أجلها. وإذا حدث ذلك الغضب عليه أن يكون صارما ودائما .

https://majabat.com/2021/12/17/%d9%...

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016