حدثني المرحوم أحميد ولد محمد عبد الله ولد الحسن انه في ليلة من ليالي صيف 1973 الطويلة والتي تختلط فيها هموم النضال والثورة باكرا هات الحياة وهواجس السجن ومخاوف التعذيب وتمتزج فيها قصص نجاحات المناضلين وانتصاراتهم بحكايات سياط الجلادين وبطشهم كان يغط في نوم عميق على فراش خفيف افترشه بين خيمتي احمد بمب ول ابراهيم اخليل رحمه االله و ما لكيف ول الحسن أطال الله في عمره و الذي كان سجينا وقتها.

كانت الخيمتان المضروبتان شرق الساحة التي سيشيد بها فيما بعد الجامع المعروف حاليا بمسجد السعودية وسط العاصمة نواكشوط تشكلان مقرا شبه رسمي لحركة الكادحين ،وفي الهزيع الأخير من الليل - يقول احميد- أيقظني شخص ملثم ،وفاتحني بكلمة السر الخاصة ،فرددت عليه: أية خدمة تريد مني؟ فهمس في أذني :غدا يجب أن تحضر إلي" افيتنام ّفقد تم اختيارك لتنفيذ مهمة مستعجلة في مدينة النضال المذرذرة.

يذكر ان تسمية "فيتنام" كانت تطلق على احد المقرات السرية للحركة مثل "ابيافرا" و فلسطين و موزنبيق الخ..

أمضيت بقية ليلتي تلك مهموما أتوجس فشل العملية والزج بي في السجن خاصة في المذرذرة التي يوجد بها الدركي "لحرور" المعروف بالشدة والقسوة ، وفي الصباح الباكر غيرت ملابسي حيث ارتديت ثيابا رثة (فضفاضة متسخة بالية ولثام من النيله)لأظهر بمظهر البدوي لعلى اضلل عيون المخبرين التي كانت تفحص كل الشوارع ، وفي حدود الساعة العاشرة توجهت إلي حي مدينة3 التي يقع بها محل"افيتنام" وهو عبارة عن منزل قديم متهالك من ثلاث غرف، نظرت في كل الاتجاهات للتأكد من أنني لست متابعا، ثم دلفت بسرعة إلي داخل المنزل ينتابني إحساس شديد بالخوف من أن تداهمني الشرطة وأنا في لحظة تلبس فأصير إلي السجن مثل شقيقي المناضل يحي ابن محمد عبد الله الحسن، الذي يقبع فيه منذ أشهر ،وجدت إحدى الغرف مفتوحة ينام بداخلها شاب ملثم أيقظته بصعوبة كبيرة، أسمعته كلمة السر فرفع رأسه وقال:رسائل المذرذرة هناك وأشار الشاب الذي سيصبح فيما بعد مسؤولا وطنيا ودوليا كبيرا إلي خنشة صغيرة مليئة بالمناشير في إحدى زوايا المنزل وعاد للنوم، سلكت طريق الجنوب نحو "البركه" في سبخة "لحرايث" سابقا، وقد أمضيت بعض الوقت مع صاحب دكان هناك اعرفه، ثم توجهت نحو المستشفى و بجانبه مكثت وقتا في حي "حلت شرويطة" في مكانîlot k الحالي، أمضيت هناك نحو ساعة وتوجهت شرقا و مررت بين سفارتي الصين و فرنسا متجها الى طريق الكنيسة، و تأكدت إني لست متابعا من الشرطة، فاتجهت إلى منزلنا و رميت الخنشة في إحدى الغرف، و بدأت أفكر ، كيف سأتوجه الى المذرذرة...

يتواصل

محمد ولد اعلي ولد سيدي يعرف