الصفحة الأساسية > الأخبار > في طريق الميليشيا..!!

في طريق الميليشيا..!!

الأربعاء 6 آذار (مارس) 2013  13:56

محمد الكوري ولد العربي

جاء في بعض وسائل الاعلام الوطنية أن تكتل القوى الديمقراطية اتهم السلطات العمومية بإرسال مجموعة من الشباب المنحرفين إلى المهرجان الذي نظمه الحزب يوم الاثنين الماضي في ساحة ابن عباس بقلب العاصمة وجاء أن هؤلاء الشباب تعرضوا بأفعال مشينة في حق النساء المتجمهرات .إن هذا الأمر جديد وخطير للغاية ، فهو إن صح فإنه يمثل تطورا بأقصى درجات الخطورة .فعندما تتعامل السلطة – التي هي الجهة المسؤولة قانونيا عن حماية المواطنين وتأمين الفعاليات السياسية – بعقلية إرهاب الناس وتعريض حياتهم وأعراضهم للخطر والانتهاك ، فإن ذلك يؤشر على نحو فاضح تردى السلوك المدني والأخلاقي والسياسي للقائمين على إدارة الشأن العام ، فكيف تتحول الدولة إلى مصدر لترويع المواطنين ، أي من واجب الحامي إلى فعل الحرامي ، بدافع منع الناس من التعبير عن خياراتهم السياسية والمهنية . وفى حالة ما إذا كان الخبر كاذبا أي أن السلطات لم تكن وراء ما جرى من أعمال إجرامية في حق المتجمهرين ، فإن الإعلان عنه يمثل جريمة في حق الدولة والسكينة الوطنية . إن ترويج كذب على هذه الشاكلة لن يفهم إلا في سياق الرغبة لخلق مناخ للرعب الاجتماعي الأمر الذي يقود إلى اضمحلال ثقة الرأي العام في قدرة الدولة على توفير الأمن والطمأنينة الاجتماعية ،ويشجع بوعي أو بغباء عصابات الجريمة المنظمة على نشر ثقافة الهلع ، إلى الحد الذي يصبح الجميع في خوف دائم ، يتطلب معه التفكير في الدفاع الذاتي ،وبالتالي ينتشر السلاح داخل كل بيت ، وبكل يد ، وفى كل مكان !.

والأخطر من ذلك أن فكرة الميلشيات تبدأ من هنا !..فقد أعلن أحد الأحزاب الوطنية ، بعد يومين من نشر هذا الخبر ، أنه عبأ أكثر من ثلاث مائة عنصر من شبابه لتوفير الأمن لجماهيره . وبالفعل عبأ هذا الحزب هذه المجاميع الشبابية ، وكانوا يرتدون زيا متقاربا ،ومنتشرون على حواف وأرجاء ساحة ابن عباس ، حيث ينظم هذا الحزب مهرجانا له .

إن هذا الإجراء قد يثير اهتمام كثيرين في بدايته ، لكنه في جوهره ، وبالتعود ، مخيف وينذر بخلق بيئة للتنافس السلبي على كسب الشباب لتأمين الأنشطة السياسية و الحزبية ، وهذا هو أول مظهر من مظاهر تحلل السلطة ، العمومية التي هي وحدها المسؤولة عن تأمين الناس وممتلكاتهم ، وأنشطتهم . وفى توقعنا أنه إذا لم يوضع حد لهكذا دفاعات ذاتية ، فإن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد ، بل سيشكل ، إذا تواصل ، تحديا للسلطة العمومية ، وستتعاظم الحاجة إلى مجاميع الشباب للتأمين ،وستستدعى هذه الحاجة تأهيل هذا الشباب على مستوى اللياقة الجسمية ، وعلى مستوى الاعداد لمواجهة الخطر ، أي إعداد الأبدان وتطوير القدرات الدفاعية (القتالية ) . بل ستتطور الحاجة الأمنية في هذا الشباب – الذين بحكم مهمتهم الجديدة معرضون للخطر –إلى تزويدهم بأدوات دفاعية مناسبة . وهذه ، مع تطور الجريمة والمجرمين ، لن تكون إلا بنادق ومسدسات . وهكذا تظل الحاجة الأمنية تتطور تبعا لتطور التحديات الأمنية بصورة مستمرة ، بل سيتطور مفهوم " الحاجة الأمنية " نفسه .!

على صعيد آخر تصوروا لو أن كل حزب أقدم على التعبئة الأمنية في صفوف الشباب المنتسبين إليه ، تصوروا لو قادت الحاجة في الأمن إلى اكتتاب " مرتزقة " لتامين الفعاليات السياسية ، بالنسبة للأحزاب التي لا تتوفر على العدد الكافي من الشباب !

إن الأمر في غاية الخطورة ، في بلد تفشل فيه الحكومة القائمة في الاستجابة لتأمين أنشطة حزبية مرخصة وفى ساحة عمومية مكشوفة ، وفي بنية اجتماعية مشحونة فئويا ، وبنية اقتصادية متردية ، وبنية سياسية مأزومة .

إنها مجرد وخزة للضمير الجمعي ، لدى كافة القوى السياسية والسلطات العمومية من أجل جلب اهتمامهم إلى خطورة غياب هيبة الدولة في أعين العموم ، إن سقوط هذه الهيبة لن يكون في مصلحة أي كان ، وبخاصة الديمقراطية ودولة القانون اللاتي يتغنى بهما الجميع ، . أردت كذلك تنبيه الجهات التي تسرعت في التعبئة الأمنية الذاتية إلى أن توفير الأمن يعود للنظام القائم ، ولن يكون في وسعها ، هي ، في النهاية القيام بذلك ، فضلا عن أنه يعطي إشارة سلبية على تحلل الدولة ، الذي لا يخدم إلا الجريمة والمجرمين ..كما أنه يصب في عسكرة المجتمع ، وعدم الاستقرار ، والرهان علي القوة وانتشار ثقافة العنف .

وأعتقد أن الأحزاب والجماعات التي راهنت ، في تاريخها ،علي المليشيات لم تحقق أمنا لأفرادها ، بل تحولت إلى عبء ثقيل ومعيق جدي أمام التنمية السياسية لأطرها الحزبية

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016