الصفحة الأساسية > الأخبار > "العلك": ثروة وطنية مهدورة وبيئة مكسورة!

"العلك": ثروة وطنية مهدورة وبيئة مكسورة!

الخميس 18 شباط (فبراير) 2021  21:09

الصمغ العربي، أو "العلك" عندنا، مادة غذائیة عریقة، یستخدمھا الموریتانیون منذ القدم إلى یومنا ھذا، في العلاج الطبي والتطبیب الذاتي والتفكه... وللعلك في ھذه البلاد تاریخ زاخر أثَّـرت أدواره الاقتصادیة والاجتماعیة المھمة في الحیاة السیاسیة والعسكریة... فقد لعبت تجارة العلك دورا تاریخیا حیویا في تنافس القوى الأوروبیة على النفوذ في موریتانیا منذ القرن 17 المیلادي، وكانت سببا لنشوء موانئ ومناطق تجاریة على الواجھتین المائیتین: المحیط والنھر...

وظلت موریتانیا ثاني أكبر منتج ومصدر للعلك في العالم، بعد السودان، حتى أثخنھا جفاف 1969 ،فتراجعت رقعة غابات القتاد، ولكن ظل الإنتاج وفیرا؛ حیث كانت صادرات موریتانیا من الصمغ العربي إلى أوروبا تناھز 4000 طن سنویا خلال السبعینیات.

وقد أعطت الدولة الموریتانیة بعد الاستقلال عنایة كبیرة لإنتاج الصمغ وشجعت علیھ المنتجین بضمان شراء جمیع محصولھم من العلك مباشرة بأسعار جیدة، بواسطة شركة الإیراد والتصدیر الوطنیة (سونمكس).

وبعد انقلاب 1978 العسكري، وجفاف الثمانینیات، والقضاء على تدخل وقدرة الدولة وبیع أو عزل مؤسساتھا الوطنیة في التسعینیات، انھار إنتاج الصمغ العربي تماما وباتت صادراتھ السنویة في حدود 100 طن أو دون ذلك.

الجفاف والإھمال حتى في زمن المستعمر، وخلال عقود الاستقلال الأولى كانت السلطات تقوم سنویا بإلقاء بذور شجرة العلك "اروار" (الأكاسیا السینغالیة) على مساحات واسعة من البراري فتنبت غابات جدیدة في مواسم المطر الجیدة.

كما سنت الدولة قوانین تحمي ھذه الأشجار وتعاقب على قطعھا أو حرقھا...

وتعتبر أشجار العلك ذات أھمیة كبیرة، تتجاوز إنتاج الصمغ، إلى حمایة البیئة ووقف التصحر وتوفیر الغذاء الجید للسوائم فیھا من الحیوانات البریة والأھلیة...

َ وبما أن شجرة القتاد ضعیفة المقاومة للعطش، فقد أھلكت سنوات الجفاف في عقد الثمانینیات أكثرھا، ومسحتھا كلیا من بعض المناطق التي كانت تظللھا، مثل منطقة "إكیدي" في اترارزه ومنطقة "آفطوط" في لعصابة وغورغل...

وفي نفس الوقت، ومع النزوح من الأریاف الى المدن، تناقص عدد المشتغلین بجني العلك وتجارتھ، حتى صرفوا النظر عنھ تماما!

فماذا فعلت السلطات العمومیة لإعادة إنبات أشجار الصمغ، مع تحسن مواسم الأمطار، وھل بات لھا علم بأھمیة ھذه المادة الفلاحیة المھمة، التي تتزاید أسعارھا باستمرار؛ حیث تبلغ الیوم في السوق الدولیة ثلاثة آلاف (3000 (دولار أمریكي للطن الواحد؟ حصیلة عمل الدولة في ظل الأنظمة الانقلابیة المتعاقبة:

* الاكتفاء الذاتي من الخضار والبقول: تحول إلى عوز تام وتبعیة أزمات للخارج؛

* الاكتفاء الذاتي من الذرة والشعیر والقطانیات: تحول إلى استیراد لھا م الدول المجاورة؛

* الاكتفاء الذاتي من التمور: تحول إلى إنتاج ضئیل ورديء، وغرق للسوق بالتمور والبلح المستوردة.

* التوسع التقلیدي لغرس النخیل وزراعة الواحات: توقف، ومات النخیل وجفت ینابیع واحاتھ، جراء العطش والآفات وھجرة المزارعین وعجزھم...

ـ السمك في المحیط یتراجع وتتناقص أصنافھ وترتفع أسعاره، جراء النھب الأجنبي، و"الفساد الوطني"... ـ ...... ما ذا بقي....؟!

م. محفوظ ولد أحمد

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016