الصفحة الأساسية > الأخبار > قيادي بقوى التقدم يوجه رسالة مفتوحة للمؤتمرين

قيادي بقوى التقدم يوجه رسالة مفتوحة للمؤتمرين

الأحد 30 آب (أغسطس) 2020  21:02

سي جبريل بكاي

عضو اللجنة الدائمة للمكتب التنفيذي لحزب اتحاد قوى التقدم الأمين الوطني للتوثيق والأرشيف

إلى/ أعضاء اللجنة الدائمة والمكتب التنفيذي لحزب اتحاد قوى التقدم

رفاقي الأعزاء،

إن حزبنا، اتحاد قوى التقدم الذي كان كثير من الموريتانيين يعلقون عليه أملا كبيرا، قد أصبح عالقا في وحل المستنقع منذ سنة 2013، حيث اتخذ قادته في تلك السنة أحد أكثر القرارات عبثية فيما يتعلق بالمنافسات الانتخابية، ألا وهي مقاطعة الانتخابات البلدية والتشريعية، التي لا تبررها الفطرة السليمة ولا الواقعية السياسية، ناهيك عن المراوغات حول موضوع الافتقار إلى الشفافية في الانتخابات المقررة. وقد أدى ذلك إلى نشوء خلافات عميقة داخل الحزب، لا سيما على مستوى اللجنة الدائمة ، دون معرفة الأسباب الحقيقية للحدة الجديدة تماما لمدى هذه الخلافات، غاصت بصفة تدريجية في أزمة ذات ملامح غامضة و مزعجة، عن طريق استغلال كل الفرص، سواء كانت هذه الفرص شريفة أم كانت سيئة، من أجل استمرار تعميق هوة الخلاف. لماذا ا؟ إنه سؤال سؤال متجدد لا نهاية له، و أتمنى أن نتوصل إلى إجابته يومًا ما.

وبوصفي عضوا في اللجنة الدائمة للمكتب التنفيذي المنبثق عن المؤتمر المنعقد سنة 2012، و فاعلا في المشهد وشاهدا على التطورات المختلفة للأزمة التي تمت تغذيتها والمحافظة عليها بذكاء لأسباب لا تزال تبدو غريبة بالنسبة لي، فقد اخترت المراقبة الدقيقة والمدروسة للوضع، على مدى فترة طويلة، لكي يتم إصلاحها بشكل أفضل.

وبتقاسمي الكامل لأساسيات الأفكار ووجهات النظر مع الرفاق الذين قرروا مؤقتًا عدم الاستمرار في التحرك داخل الجسم الذي يستهزئ الآن بجميع القواعد الأساسية للأداء الديمقراطي - وهو خيار كنت قد فهمته، نتيجة لمعرفة السبب - باسم أغلبية ميكانيكية ثابتة تم الحصول عليها بفضل المناورات وعمليات التلاعب التي كانت حتى الآن غريبة على ممارساتنا منذ سالف الزمن، ومع ذلك، فقد رفضت واستنكرت موقف هؤلاء، معتبراً أن ذلك كان يمثل سياسة الكرسي الفارغ. وقد اخترت، بعد رحيل رفاقنا، البقاء والاستمرار في الإقامة في اللجنة الدائمة لهدف مزدوج هو المشاركة، قدر الإمكان، في جميع المناقشات والتعبير عن رأيي بحرية، مع العلم أنه قد يصطدم بآذان صماء ، وأن أضع نفسي تحت تصرف هؤلاء وأولئك ، على أمل إعادة الجميع إلى مزيد من ضبط النفس والمشاعر الطيبة من أجل الحفاظ على وحدة الحزب التي يعتز بها مناضلو وداعمو حزب اتحاد قوى التقدم.

وقد كان من بين أكبر خيبة أمل تحصل لي هي أن رئيس الحزب، بدلاً من أن يسمو بنفسه فوق التجاذبات، فقد قام بالأحرى منذ بداية الأزمة بالتموقع كزعيم في اتجاه معين. حيث لم يبذل الجهد اللازم والكافي من أجل تجنب الانفصال عن الرفاق، الذين من المعروف لدى الجميع مدى التزامهم ودورهم في بناء الحزب وسير عمله، ضمن المكانة التي اكتسبها مع مرور الوقت. وبظهوره نتيجة لهذا الواقع غير قادر على لعب دور الموحِّد الذي ينبغي أن يكون هو دوره، فهو يتحمل في رأيي ، وقد أكدت على ذلك بصفة دائمة، القسط الأكبر من المسؤولية عن هذا الانقسام المؤلم.

وقد تم انتخاب الرفاق ذوي النوايا الحسنة، و القلقين على مستقبل الحزب، لمدة أشهر، إلى غاية يوم السبت، 22 أغسطس، أي قبل أسبوع من انعقاد المؤتمر المثير للجدل على نطاق واسع. حيث كانوا حملة رسالة واقتراح توافقي، من شأنه حسب رأيهم أن يؤدي إلى مخرج سعيد من المأزق.

و أمام تعنت الرئيس، الذي من الواضح أنه لا يريد الانخراط في أي مسار مهما كان، ما عدا المؤتمر الذي تم تصميمه على مقاس معين ، والذي يرى فيه مصمموه منعطفا حاسما يتم توجيهه في الحقيقة إلى تسوية حساباتهم مع أولئك الذين يرفضون مسايرة السياسة الجديدة لتدمير الحزب، فقد كان من الضروري ملاحظة فشل مهمة لم يكن هدفها سوى التوفيق بين وجهات النظر وتهدئة التوترات والعواطف، وخلق الظروف المواتية لتنظيم مؤتمر في جو أكثر طمأنينة لصالح حزب اتحاد قوى التقدم ولصالح موريتانيا.

إنني لا أنوي هنا إعادة إطلاق نقاش أصبح متجاوزا الآن. فالرئيس محمد ولد مولود قد قال وكرر منذ وقت طويل عبارة: "لقد أصبحت الأزمة وراء ظهورنا".

و لنكمل. فعلى الرغم من حضوري المنتظم في مقر الحزب – بحكم كوني الأمين الوطني للتوثيق والأرشيف – و أشارك بشكل منتظم ودائم في جميع اجتماعات هيئات الحزب، وأؤدي واجباتي كمناضل خلال جميع الاستحقاقات الحاسمة التي شارك فيها حزب اتحاد قوى التقدم، فقد واجهت أوقاتا من العزلة والإحباط وأنواع الاستفزازات الأخرى، والتي تبرر بطريقة ما، على غرار المناضلين الآخرين والأطر المهمشين، عدم مشاركتي في تهيئة وتحضيرات المؤتمر التي من الواضح أنني لست معنيا بها.

و في رغبتها العنيدة في طرد جميع أولئك الذين من المفترض أنهم غير طائعين، بما في ذلك الأعضاء المنتخبون في المكتب التنفيذي و اللجنة الوطنية المنبثقون عن المؤتمر الأخير، دعت إدارة الحزب، من خلال لجنتها الوطنية المحضرة للمؤتمر، في بيان بتاريخ 22 أغسطس 2020، "جميع المناديب وكذلك أعضاء المؤتمر بحكم مناصبهم" إلى "الحضور لدى اللجنة المذكورة مصحوبين ببطاقات تعريفهم الوطنية وبطاقات الانتساب التي تم الحصول عليها على إثر الانتخابات الأخيرة". وهي طريقة ليس من الممكن إعطاؤها توضيحا أكثر من كونها تجسد قرارا طالما غازله أعضاء معينون في اللجنة الدائمة: سد طريق المؤتمر المشهور أمام جميع من يصنفون على أنهم غير مرغوب فيهم.

وذلك من خلال اتخاذ قرار بسحب حق مكتسب من الأعضاء خلال المؤتمر، بحجة خادعة تتذرع بعدم تجديد انتسابهم، و أتساءل عما إذا كنا، سنجعل فجأة، دون تقديم تقرير وقبل انقضاء الأجل، جميع النصوص التي تم اعتمادها متقادمة خلال هذا المؤتمر نفسه. وفيما يخص ما تحتاج إليه القضية، فيبدو أن كل شيء قد أصبح مسموحا به من الآن فصاعدا بالنسبة للإدارة، التي لم تعد تهتم بعمليات التنميق من أجل الوصول إلى غاياتها. لكن لا الشطارة ولا الألعاب البهلوانية القانونية الأخرى، ولا محاولات التسميم الهادفة إلى ابتلاع القرص، يمكن أن تبرر مثل هذه المخالفات.

و ها نحن بالتالي قد وصلنا إلى منعطف تبدو مساراته متباينة بشكل لا يمكن إصلاحه بالنسبة للزملاء في درب النضال منذ تاريخ طويل. وقد قمنا جميعا بإلزام أنفسنا بأجسادها وأرواحها منذ مراحل شبابنا المبكر، وعلى الرغم من كل الصعاب، بإنجاز مشروع مجتمع نعتقد أنه قابل للاستمرار بالنسبة للشعب الموريتاني. وسيكرس المؤتمر القادم بشكل نهائي قطيعة مؤلمة. إنه أمر جسيم ومحزن. وبالنسبة لأولئك الذين قاموا بخلق هذا الوضع الكارثي، وأتهم بذلك الإدارة الحالية للحزب، فإنهم يتحملون مسؤولية ثقيلة أمام التاريخ، و أمام مناضلي وداعمي حزب اتحاد قوى التقدم وأمام الشعب الموريتاني.

و لهذا السبب قررت، منذ هذه اللحظة، أن أبتعد عن الإدارة الحالية للحزب، من وجهة النظر التنظيمية وبالنسبة لتوجهه السياسي الجديد القاضي بالتصفية المتعمدة لمكتسباتنا التي تم انتزاعها بفضل نضال كبير. وسأبقى على استعداد للتعاون مع كل أولئك الذين يجعلون من مهمتهم السير مرفوعي الرأس ورفض الانحناء أمام أي شكل من أشكال الإملاءات ومرافقتهم وخدمة مصالح الشعب الموريتاني متعدد القوميات.

إلى كل أولئك الذين انتفضوا على مدى عقود من الزمن ضد كل أشكال الظلم، في هبة رائعة من التضامن والرفقة الصريحة، وذلك خلال الكثير من الأحيان في تحدٍ للمخاطر الكبيرة والحرمان بجميع أنواعه، إلى مجموع الرفاق الذين ساروا معًا لفترة طويلة في درب الأخوة وحب الشعب، من أجل معركة نبيلة وحلم كبير برؤية موريتانيا تتخلص من كل العاهات، من أجل الوصول إلى ديمقراطية حقيقية في بلد موَحد من حيث المساواة والعدالة، أتوجه بتحياتي الأخوية وأطيب مشاعري. و لا ألوم أحداً، لكنني آسف لكوننا لم نستطع إنقاذ ما يمكن إنقاذه وبخسارة أقل.

وفقنا الله على الطريق المستقيم، ويسر من جديد التقاء جميع الوطنيين في يوم من الأيام من أجل التكاتف ومواصلة عمل بناء موريتانيا على الطريقة التي تكون الحياة فيها جيدة بالنسبة للجميع!

انواكشوط، بتاريخ 26 أغسطس 2020

سي جبريل بكاي

عضو اللجنة الدائمة للمكتب التنفيذي لحزب اتحاد قوى التقدم الأمين الوطني للتوثيق والأرشيف

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016