هبطت قبل قليل في مطار نواكشوط الدولي "أم التونسي" طائرة خاصة تقل رجل الأعمال محمد بوعماتو.

وكان من المنتظر أن يصل رفقة ولد بوعماتو عبر طائرة خاصة كل من الإعلامي باباه ولد سيدي عبد الله والأديب محمد يحيى ولد امزيدف.

ولدى وصوله إلى المطار عبر المعارض البارز محمد ولد بوعماتو عن شكره لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى "الذي اتخذ لدى تسلُّمه مقاليد الأمور شجاعة في مواجهة التشاؤم والتشكيك والتآمر، وخطا واثقًا على درب إعادة وطننا الغالي إلى سكة دولة القانون والديمقراطية".

وغادر ولد بوعماتو موريتانيا منذ نحو 10 سنوات، إثر تصاعد الخلاف بينه والرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، الذي لاحقه أمام القضاء .

وهذا نص كلمة ولد بوعماتو :

أیھا الإخوة والأخوات الأعزاء،

أبناء موریتانیا العظیمة والجمیلة،

ُ في ھذه اللحظة بالذات ، أنا أسعد ٍ رجل على وجه الأرض.

وكیف لا أكون سعیداً وقدماي تلامسان من جدید تراب وطني، بعد عشر سنوات ٍ طوال من المنفى الإجباري وبالإكراه ؟

یمكن القول إنھا كانت المحنة َ الأكثر ً إیلاما في حیاتي كإنسان.

لقد ُ افتقدت ھذه الأرض كثیراً، َّ وشدني ُ الحنین لھوائھا الدافئ!

ً ا لدودا لما تمنیت له من شط المزار ما عانیته وأنا بعید عنكم .

ّ أما أنتم ، مواطني الأعزاء ، فلو أن لي عدوً ٌ باختصار: أرجو أن لا یحرم أحد ُ من وطنھ، أو ی ُ خرج منھ بالقوة، أو یبعد عنھ بتعسف.

بالنسبة لي، كان الغیاب ً ألما مضاعفاً: ففي نھایة عقد طویل من الغربة ً بعیدا عن الوطن الأم ، صعدت إلى باریھا رو ُح أمي ُ التي أنجبتني على ھذه الأرض، دون أن یتاح لي أن أرافق جثمانھا الطاھر إلى مثواھا الأخیر.

لذا، فإن خطواتي الأولى فوق ھذه الأرض الغالیة ستكون باتجاه مرقدھا الأخیر.

لیس ھذا أفضل تأبین، لكن لا حول ولا قوة إلا با العلي العظیم، فأنا مؤمن وراض بالقضاء والقدر، ولساني منعقٌد عن الشكر الجزیل والعرفان لكل الذین امتلكوا شجاعة القرار والفعل، َّ ومكنوني من العودة، ومن أن أقف على ضریح والدتي متضرعا إلى المولى عز وجل أن یشملھا برحمتھ الأبدیة وأن یسكنھا فسیح جناته .

ا شكراً لرئیس الجمھوریة الذي اتخذ لدى تسلُّمه مقالید الأمور شجاعة في مواجھة التشاؤم والتشكیك والتآمر، وخطا واثقً على درب إعادة وطننا الغالي إلى سكة دولة القانون والدیمقراطیة.

فبفضل شجاعة وانفتاح السید الرئیس استعدنا تقدیر إخوتنا العرب والأفارقة، وكرامتنا واحترامنا على الصعید الدولي كشعب وأمة.

قد یبدو الأمر مجرد كلام، لكنه عین الحقیقة وشھادة لا لبس فیھا من شخص لم یزده ُ البعد إلا انشغالا بصورة وطنه على المشھد الدولي.

في ظل ھذه القیادة الشجاعة، ندعو الله سبحانه وتعالى أن ُ ی َ عین شعبنا على التصالح مع ذاتھ، ویوفق رئیسنا محمد ولد الشیخ الغزواني في مسعاه لتحقیق المستقبل الأفضل لوطننا الحبیب.

ُ الشكر الجزیل موصول أیضا لأولئك القضاة الأحرار وحماة الحریة الذین تحلوا بالجرأة في إحقاق الحق وإنھاء التعسف. لقد أسسوا نموذجا یجب احتذاؤه، فمصداقیة العدالة ضروریة وأساسیة في دولة القانون التي یحمل بھا شعبنا في تطلُّعه لبناء أمة دیمقراطیة لھا مسسات قویة وعلاقات تعاون مع جمیع الشركاء.

َّ إنني واثق من أن التنمیة المستدامة لبلدنا لا تتأتى إلا بالسلم مع الخارج والعدالة في الداخل.

أمنیتي الأعز لوطننا الكریم ھي أن لا ُ ن ّ لقي أبدا ّ بأي من مواطنینا في سجن المنفى البغیض، لمجرد أنھ مختلف أو یفكر بطریقة مختلفة.

ُ سامح الله المتواطئین، بدرجات متفاوتة، في الظلم الذي عانیتھ وعاناه الكثیر من الموریتانیین الآخرین. َّ لیس في قلبي مكان للكراھیة ولا لذرة استیاء من ما اقترفوه في حقي.

على المستوى الشخصي، وبكل تواضع، وفي إطار ما ْ أتقنھ أكثر، ستستمر جھودي للنھوض باقتصاد بلدنا، ولتحسین الظروف المعیشیة لمواطنیھ، فحتى، وأنا في المنفى، لم أتوقف عن خدمة بلدي.

وأود في ھذا المقام أن أشید إشادة مستحقة بفریق مستشفى العیون التابع لمؤسسة بوعماتو على التفاني والالتزام، رغم َ المحن، في خدمة المرضى والأكثر عو ًزا على وجھ الخصوص.