كنت في المملكة المغربية في الأيام الأولى لولوج هذا النظام لمؤسسات التعليم العالي المغربي، وقد سخرت وزارة التعليم العالي حينها ما أتيح لها من كادر بشري ووسائل مادية ولوجيستية، لكن المشرفين على الشأن الجامعي هناك استشرفوا فشله نتيجة الشروط الضرورية لتطبيقه فأبدلوا تسميته العربية "المسالك باستعارة تشاؤمية "المهالك" وبعد ثلاثة عقود من الزمن يطالعنا الإعلام باستعداد المغاربة لمراجعة المنظومة الأكاديمية L.M.D

أسباب اختيار النظام والغاية منه:

يعتبر نظام L.M.D مطلبا وضع لغاية تمليها الخصوصية الأوربية

ـ حيث المجتمعات مصابة بالشيخوخة وقلة الشباب، واستعجالهم على تجدد الطاقات الإدارية

 لا مشكلة لديهم مع التشغيل فنسب البطالة تكاد تصل درجة السالب وبالتالي فلا خوف لديهم من سيل البطالة الجارف.

 الشباب في المجتمعات الأوربية أصبحوا يستعجلون العائلة وظروفها ويعدون أعمارهم وزهورها ويعتبرون أنها المرحلة

الأمثل لتربية الأولاد وتسيير العائلة، وما بعدها مرحلة الضعف الأخيرة التي لا قوة بعدها، وبالتالي اعتاض الأوربيون بالآسيويين والأفارقة في المخابر ومراكز الدراسات نظرا لطول الانتظار في الماستر والدكتورا مع إبقاء الإنتاج العلمي لمصلحة ملاك المخابر ومراكز البحث وهيئات الإشراف وتلك لعمري مهمة الباحث التي يبلغ سن الرشد ولما يصل إلى مبتغاه المعرفي، ومع ذالك يتندر من لم تبلغ مسافته الدراسية الشهادة العامة الجامعية، وبلغ مداه الوظيفي -ما يحسد عليه - ويستعظم لمن شابت رؤوسهم وأفنوا زهور أعمارهم في التحصيل المعرفي أن يكون لهم امتياز خاص ولو أمعن النظر في المدة الزمنية للتكوين لكفته إقناعا.

معوقات التطبيق تكمن في شروط الولوج :

يشترط في تطبيق نظام L.M.D

1ـ كادر بشري مكتمل عددا وجاهز عدة متسلح بجميع الوسائل لتنفيذ مهمة التدريس والتدريب والتأطير ...

2ـ قاعات ومكاتب وأجهزة ومعدات وبرامج معلوماتية متطورة، فمن المعلوم أن نظامL.M.D يلغي المدرجات المفتوحة ويبدلها بالمجوعات على ألا تزيد المجموعة عن ستين طالبا لهم ما يقابله من المؤطرين والمشرفين والمسيرين يحتاجون إلى طاقة استيعابية من القاعات والمكاتب والأجهزة....

3ـ إعداد مناهج عالية الجودة مكتوبة بعناية فائقة سهلة التنفيذ والتطبيق مراقبة ومتابعة بشكل جدي بحيث تضمن نتائج المخرج بالشكل المطلوب.

4ـ التكوين والتأطير

5ـ تسميات الوحدات والشعب والمسالك يكون بالشراكة بين الجهات ’المفترضة أن تكون مشغلا الدولة، القطاع العام، الخاص و شبه الخاص ...

6ـ مراجعة المناهج بما يتطلبه الوفرة في سوق العمل وذالك يتطلب متابعة المسارات الأكاديمية ومراقبتها بانتظام، المجالس العلمية والتربوية وما يستدعيه ذالك من تنفيذ المنهج ومطابقته مع الوعاء الزمني المحجوز له في الوضع أصلا

7ـ من المعلوم أن نظام L.M.D يستبدل السنة المفتوحة بالفصول السمستر والأشهر بالأسابيع والأيام بالساعات مما يتضح انه يلتزم دقة زائدة في الحساب الزمني لذلك كان لزاما على من يطبقه الحزم والجاهزية البشرية واللوجستية التامة فضياع حلقة واحدة ضياع لكل المنظومة أو لمسلك على الأقل.

8ـ جاهزية القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والخصوصية لاستقبال الخريجين وإدراجهم في الحياة النشطة المكونون من أجلها أصلا.

9ـ ومن المعلوم أن نظام المسالك يتطلب ما يسمي بوحدات التفتح ووحدات الدعم وهي في الغالب تكون بعيدة عن التخصص ونعجز في مؤسساتنا الأكاديمية عن تطبيق ذالك لما يتطلبه من كادر بشري قد لا يكون ضمن منسوبيها.

10ـ مخابر ومراكز بحثية بالنسبة للعلوم التجريبية

وتكوينات وتطبيقات في المؤسسات والهيئات بالنسبة للعلوم الإدارية والقانونية والاقتصادية والإنسانية

11ـ اكتمال البنية البيداغوجية للنظام فأحرف الاختصار L.M.Dتعني المراحل الثلاثة الإجازة ، ماستر ، الدكتوراه وهو شرط أساسي كأي بداية للمنطلق وعليه فأي مؤسسة لا تستجيب للمراحل الثلاثة تعتبر عاجزة عن التنفيذ.

إذا كانت هذه الشروط هي أساس لا غنى عنه لتطبيق منظومةL.M.D فإننا نتساءل كم منها متوفر لدينا حتى نتبناه فمن المفترض أن أي برنامج تنموي ينبغي أن يكون كالثوب لا بد أن يقاس على صاحبه وإلا كان عبثا لاسيما إذا كان نظاما تعليميا جامعيا فهو عندي أشبه بالمعطف قياسه يكون أدق فمن الأكتاف إلى البطن وحتى الخاصرة.

ـ مجتمعنا يطالب من لهم أهلية التفكير والتنظير والتنفيذ ألا يقدم على أمر يراد منه مصلحة أو تصور استراتيجي أن يضع في حسبانه خصوصية ما يتطلب ذالك من صعوبة وإكراه.

ـ إن استعارة البرامج واستنساخها من بلدان نختلف وإياها من حيث التطور والازدهار والكثافة السكانية والقوة الاقتصادية لهو مكمن الفشل وهو المعبر عنها بالمثل "سياسة النعامة"

ـ المغاربة راجعوا واعترفوا بعجزهم عن تطبيق نظام L.M.D وهم من سلمونا تلك النسخة تكوينا وتدريبا وتأطيرا وحتى لوجسيل المنظم مع قدرتهم أكثر منا على تطبيقه، فهل نعي ذلك. ...

الدكتور سيدي محمد ولد العربي