بسم الله الرحمن الرحيم
قدِمتُ اليوم على مدينتي الحبيبة "مدينة كيفة" بعد فُرقة دامت أكثر من شهرين مرَّت كأنها سنوات ، و كيف لا و الزمن تتسارع وتيرته مع الاحبة ، و يمشي الهُوينى و تتقارب خطواته و تطول لياليه كأن نجومها تُشد بأمراس كتان إلى قمة من قمم لَعْصَابَة الشاهقة ، حين تكون بمنآى عن ربوع أرْكَيْبَه و أهلها الطيبين .
جئتُ عشيةَ افتتاح الحملة الإنتخابية لكي أتقاسم مع الساكنة فرحة الرِّيِ بعد طول عطش ، و أتدارسَ مع حلفٍ جمعتْني معه تجربةٌ سياسية رائدةٌ ، حين رشحني في الإستحقاقات الأخيرة على مستوى بلدية كيفة ، فكانت نتائجنا مشَرِّفةً و دورنا حاسما و مواقفنا ثابتةً لا تتزعزع .
لقد دشن رئيس الجمهورية قبل أيام مشروعا طموحا لسِقاية المدينة ، كان ختاما مسكاً لمِشواره السياسي ،فانطلقَت شلالاتُ مياهٍ تابعتُها عبر شاشتي الصغيرة ، لِتغمرني حينها سعادةٌ لا توصف ، مستحضرا المقولة الشعبية "ألي أصبر يلحكو الظل" .
و فَورَ وصولي لمسقط رأسي في " أقليق ولد سلمَ " قسَّمت الأدوار يُمنة و يسرة :
.فالصغيرُ هنا عليه أن يملأ الجرَّة الكبيرة من الماء الغمر الجاري في الصنبور المنتصب عند مدخل المنزل ، في كامل عدته و عتاده ، لتُرطبَ مياهُه أجواءَ حزيران ، و تزيلَ وعثاء سفر استمر يومين ، وزَّعتْ شمسُهما قيظَها بسخاء و تراءَى سرابهُما للرائي جداولَ ماء ، تُضاهي تلك التي تابعتُها عشيةَ تدشين مياه نكط ، " على شاشتي الصغيرة طبعا " .
كانت مهمةُ الأختِ أن تجلبَ شُربةَ ماء لا تشوبه إضافاتٌ قد تُعكِّر صفوه و تزيل نكهته و عذوبته ، و لِم لا و قد انتظرنا أشهراً طويلة استجلابَ ماكناتٍ عملاقة لتحلية المياه و تصفيتها ، فكان أنتظارنا مبرَّراً ، على الأقل حسب ما ذكرته " الشاشة الصغيرة " ..... . لكن كم كان وقْع الصدمة مُدَوياً حين علمت أن الماء لم يصل إلا للحنفية التي تم عرضها على " الشاشة الصغيرة " ،
و أن عليَّ أن أُشمر عن ساعد الجِد لأجلبَ الماء من آبار نائية ، تلاحِظ لمجرد تذوقها أنها تحتوي على كل عناصر مينديليييف لمُلوحتِها ، أما ما قد يسببه تناولها من ضرر على المواطن البسيط فالله أعلم به ، غير أن الضرورات لها أحكامها ، هذا إذا كنتَ محظوظا فوصلك طابور الوُرَّادِ قبل ساعات الصباح الأولى ، فَوَحْدَه السُّرى قَرَبا ما سيجعلك تُفلِح في ملئِ قِربتك في القرن الواحد و العشرين ، تأسيا بالشنفرى حين يقول : و تشرب أسآري القطا الكدر بعدما /
سرت قَرَبا أحناؤها تتصلصل...
نفَّذتُ المهمةَ على تمام الساعة 23.00 بالتزامن مع انتهاء اللمسات الأخيرة لبدء الحملة الإنتخابية أي قبل أقل من ساعة على بدئها.....
إخوتي المرشحين !!!
سكانُ مدينة كيفة ثاني أكبرِ مدينة بعد العاصمة انواكشوط ، ذاقوا مرارة التهميش و التعطيش و التفقير و البطالة منذ الإستقلال و حتى نهاية العشرية الميمونة .
إنكم بُرَآءُ كلُّكم حتى الآن من مسؤولية ما تتعرض له مدينتنا فالمسؤول أولا و أخيرا هو من يعتلي هرم السلطة ، و أنتم كلُّكم شاركتم في حكومات أو تحالفات معلنة و غير معلنة مع هرم السلطة في فترة من فتراتها ، أو كُلفتم بمهام محورية في سابق مسيرتكم المهنية ، لكن ذلك لا يجعل منكم مسؤولين عما نتعرض له .
و أنتم الآن تخطُبون ودنا لنصوت لكم ، غير أننا بالمقابل نريد حلولا جِذرية و مقنعة لمُشكل العطش فالماء عصب الحياة ، و بدون أن نستشف جِدية خطابكم مُدَعَّما ببرامج مقنعة في هذا المنحى و غيرِه مما يهم الساكنة ، فإننا في حلف المساواة لن نعيد الكرة بانتخاب من لا نرى فيه المخلص مما تعانيه مدينتنا .
كلكم يمتلك الحِنكةُ و الكفاءات التي تؤهله لذلك ، فأيكم يمتلك الإستعداد و النوايا الحسنة ؟؟؟؟
المهندس محمد محمود / أبابه