انطلقت الخطوات الأولى لاستغلال سد أهل سيد المختار ولد النهاه الكائن على بعد 19 كم شرق مدينة كيفه في الخمسينيات من القرن الماضي عندما قام الرجال المزارعون بإنشاء سد رملي في ملتقى مصب عدد من الأودية بالمنطقة.

ثم بدأت زراعة "تقليت " و"آدلكان" وغيرها من المزروعات، وتميز الانتاج بعدم الاستقرار فخلال السنوات الممطرة ذات السيول الجارفة يتهدم السد فتكون المحاصيل متواضعة، و في المواسم التي يصمد فيها ذلك السد الكبير تخرج المحاصيل كبيرة فيأكل المزارعون ويبيعون ويدخرون.

بذل القائمون على السد منذ نشأته جهودا كبيرة من أجل جذب اهتمام الدولة إلى السد واكتشاف ما يمكن أن يسهم به في مجال الاكتفاء الذاتي من الحبوب، غير أن ستة عقود من تلك المحاولات فشلت في ذلك المسعى وظل المزارعون يعلمون في ظروف مضنية ويستخدمون أدوات وأساليب أجدادهم في العصور الحجرية.

مرت السنوات متتابعة ولم يرض هؤلاء المزارعون المتحمسون الاستسلام للجوع رغم حجم المثبطات وتعمد الدولة تهميشهم، وهم الذين يدركون جديا الانتقائية الفجة في اختيار المشاريع والمبادرات الزراعية بالمنطقة المستفيدة من الدعمات الحكومية ، حيث لا يجد غير النافذين والأغنياء طريقا إليها.

تمسك هؤلاء المساكين بخيط الأمل وظلوا عاملين في زراعة سدهم، ثم واظبوا على توجيه عشرات المطالب مكتوبة ومسموعة للجهات المختصة دون جدوى.

وحسب محمدو ولد سيد المختار رئيس التعاونية الزراعية بالسد فإنهم لم يجدوا أبسط لفتة قبل المفوضية في عهد بنت الكتاب حيث ضرب للسد بسهم في السياج فتمكنوا من حماية أجزاء كبيرة من الأراضي المزروعة.

وفي حديث له مع وكالة كيفه للأنباء طالب الحكومة بمساعدة المزاورعين في رفع التحديات التي تعجزهم ، مبرزا أن سدهم مفتوح أمام كافة المزارعين الراغبين في العمل. موسى ولد بلخير مزارع بالسد يرى أنهم يتعرضون للكثير من الإقصاء رغم جديتهم وخصوية أرضهم، مضيفا أن تدخل الدولة لتذليل بعض الصعاب سيمكن من اكتفاء غذائي على مستوى هذا السد، ولكنه يتأوه ولا يدري متى تستجيب الحكومة لمطالبهم.

وحسب من تحدثت معهم الوكالة في هذا السد من مزارعين أثناء إعدادها لهذا التقرير فإنهم يتقدمون بمطالب بسيطة يمكن إجمالها فيما يلي:

1- تتممة تسيج السد

2- ترميم السد بشكل كاف ومتقن أو تحويله إلى سد عصري

3- توفير بعض الآليات والمعدات الزرعية الحديثة التي تسمح بتوسيع النشاط وتطوير الانتاج. 4- الارشاد الزراعي وإدخال التقنيات الزراعية الحديثة.

5- بناء بئر ارتوازية لسقاية المزارعين مما يساعد على الاستقرار في محيط السد.

6- تقديم القروض والتسهيلات المالية لمزارعين مما سيتيح فرصة لطفرة نوعية على مستوى هذا السد.

في هذا السد الكبير توجد تربة خصبة معطاء تنبت تقليت، آدلكان، الذرة ، البطيخ ومختلف أنواع المزروعات ، وفوق ذلك حقق السد نجاحا كبيرا في تجربة زراعة القمح.

ولم يعد هذا السد يؤدي وظيفة زراعية فقط وإنما أصبح وجهة سياحة لسكان المدن القريبة وللمسافرين عبر طريق الأمل، حيث يستظل المتنزهون بأشحاره الوارفة ،ويستنشقون عبق الزهور،ويستمتعون بالنظر إلى تلك الأراضي الواسعة الخضراء و أنواع الطيور وهي تتمايل على الأقصان ،تتناغم زقزقتها مع أهازيج المحتفلين بذلك الجو السياحي المبهر.

هذا السد أيضا هو أحد أهم مناطق تجميع المياه التي تشكل مصدر الشراب لآلاف رؤوس الماشية لعدة أشهر مما يحل مشاكل كبيرة للمنمين.

هي ثرو ة نائمة بين يدي مواطنين يعوزهم ضعف الإمكانات لاستغلالها على الوجه الأكمل ،وهم يتسلحون بالإرادة والأمل انتظارا لليوم الذي تكتشف فيه الدولة الموريتانية ما يمكن أن يجود به سد أهل سيد المختار من قلات يمكن أن تغير الوضع المعيشي للسكان في المنطقة.

إنهم مزراعون متحمسون ينبذون الاتكالية والكسل. يكبحهم عدم الحيلة لتحقيق مطامحهم ، وتتجه أبصارهم إلى الدولة من أجل مساعدتهم، وفي انتظار ذلك قضوا أزيد من 60 سنة وهم يعملون ما في وسعهم.!

ملاحظة:

الصور ملتقطهة في شهر فبراير 2019