بات من شبه المؤكد أنه على الموظفين أن يثوبوا إلى رشدهم، بعدما أطلقوا العنان كثيرا لفرحهم منذ مساء الخميس 29 نوفمبر 2012، إثر إعلان رئيس الجمهورية عن "اختفاء" ضريبة الرواتب "الITS". فالواضح أن الإخوة في وزارة المالية، سامحهم الله، لديهم رأي مغاير لرأي رئيس الجمهورية، مؤداه أن تلك الضريبة التي أهلكت الحرث والنسل، ستبقى دائما تطل برأسها على الموظفين، كبيرهم قبل صغيرهم، مع نهاية كل شهر من خلال كشوف رواتبهم. والواقع أن الحابل اختلط بالنابل، سواء تعلق الأمر بزيادة الرواتب، ومن هم أصحاب العدة الكاملة أو "الثلاثين"، ومن هم أصحاب العشر الأواخر، أو بضريبة "الITS"، وهل ستنصرف غير مأسوف عليها أم أنها ستظل ماكثة ماحقة ساحقة.
ومع ذلك يمكن القول أنه بات من شبه المؤكد أن ضريبة الرواتب، ستشهد مراجعة ينتظر أن تخفف من وطأتها بالنسبة لأصحاب الأجور المتدنية. حيث يتوقع أن يرتفع المبلغ المعفي من تلك الضريبة من 40 ألف أوقية إلى 60 ألف أوقية، كما أن المبلغ الذي ستقتطع منه نسبة %15 سيرتفع هو الآخر ليناهز 200 ألف أوقية. وأما أصحاب الرواتب المرتفعة أو "المغضوب عليهم" هذه الأيام، فيبدو أنهم سيتلقون ضربة أخرى قد تكون القاضية، فبعد أن كانوا الأقل استفادة من الزيادة الأخيرة، لم تتضح حتى الآن الدروب التي ستسلكها بهم ضريبة الرواتب، في ثوبها الجديد المثير للشك والريبة، وإن اتفق الجميع على أن تلك الدروب ستكون وعرة جدا. إذ أن المبلغ ما فوق ال200 ألف أوقية ستقتطع منه نسبة 40%، بعدما لم تكن تلك النسبة تتجاوز ال30 في المائة خلال السنوات الماضية، وهو ما يعني زيادة ب10 نقاط دفعة واحدة، مما يطرح العديد من نقاط الاستفهام حول لعبة الأرقام هذه، وما إذا كانت الدولة قد قررت أن تستعيد بشمالها ما أعطته بيمينها. هذه الوضعية الضبابية، والتي جعلت زيادة الرواتب ومستقبل ضريبة "الITS"، يتحولان إلى أحجية يصعب فك طلاسمها حتى على خبراء وزارة المالية نفسها، تطرح العديد من الأسئلة: لماذا أكد الرئيس في نهاية لقائه مع الصحافة الوطنية، مساء ال29 من نوفمبر، بأن تلك الضريبة ستختفي؟ وهل كان ذلك مجرد خطأ في التعبير؟ أم أن هناك جهات معينة، زودت الرئيس بتلك المعلومات المغلوطة، عن قصد أو عن غير قصد؟ وهل سيحاسب الرئيس أولئك الذين أوقعوه في هذا الخطأ؟ ربما سيكون علينا أن ننتظر حتى عودة الرئيس من باريس، لعله يجيب بنفسه على تلك الأسئلة، لكن المؤكد هو أن البقر تشابه كثيرا على موظفينا، ونرجو أن يكونوا، إن شاء الله، من المهتدين
آراء حرة