فى الوقت الذى يمر لا يجد المربع الأخير الموالى للرئيس ولد عبد العزيز أفضل من الصيغة المشهورة ’أنا أتصل.. أنا إذن موجود’. فما عدا اتصالات هاتفية متقطعة مع شخصيات ليست من أكثر المقربين سياسيا منه أصبح الرئيس ولد عبد العزيز غير موجود. فصحة الرئيس من خلال هذه الصيغة هي جيدة لكننا على الأرض لم نر مؤشرات جدية.

فولد عبد العزيز يرفض على ما يبدو أن تتم تصفيته ولذا فإن الرجل المريض ينتفض من وقت لآخر ليقول لمحدثيه أن صحته تتقدم وأنه سيعود بسرعة إلى القصر الرئاسي. كان يوم الــ31 من أكتوبر بداية الاتصالات التلفونية بمسعود ولد بلخير الذى بادر إلى طمأنة الشعب على صحته. فبعد الجدل الذى أثاره التعامل السيئ مع موضوعه يبدو أن ساكن بيرسي قرر أن يسكت الأصوات. فبعد مسعود وفى التاسع من نوفمبر كان الاتصال الثاني مع بيجل ولد هميد زعيم المعارضة المحاورة. ويوما بعد ذلك نال عثمان ولد الشيخ أبى المعالي شرف الاتصال الرئاسي. لكن الرئيس لم يسمع من هاتفهم غير تلك الجمل نفسها.

والموريتانيون يتساءلون عن سر اختيار الشخصيات الثلاث وهي من ليست من الأغلبية القريبة من الرئيس؟ لما ذا لم نسمع عن اتصال واحد مع ولد محمد لغظف؟ أو مع أحد النواب المقربين الذين يدافعون بشراسة عنه؟ أو يتحدث إلى الأمة بكاملها؟ فمن يعرفون الرجل يدركون جيدا أنه من الصعب أن يختفي وراء الاتصالات الهاتفية. فهو لم يلجأ لمثل هذه الطريقة إلا لأنه لم ير أمامه سبيلا آخر. ليست صحته فقط هي ما تقلقه لكن أيضا مستقبله السياسي والرئاسي. وإلا فإن رئيسا فى كامل عدته لا يوزع معلومات عامة عن صحته لأشخاص هم فى أحسن الأحوال موالون من الدرجة العاشرة.

يجب القول إن هناك لعبة كبيرة تدار من وراء الكواليس لم تتضح بعد أطرافها ولا حدودها. وحتى يعيق استمرار مثل هذه اللعبة يريد الرئيس المريض أن يؤكد دائما على أنه موجود. يريد أن يقول لأولئك الذين يريدون رأسه أنه عائد إلى عرشه؛ هذا العرش الذي كان انتزعه بقوة السلاح قبل أن يشرعن الأمر بصناديق الاقتراع. ولا يجد وهو بعيد كل البعد عن مركز صنع القرار فى انواكشوط غير الهاتف كوسيلة لضبط الأمور.

فى المحصلة فإن الرئيس موجود لكن فى الهاتف فقط. وللذين يستعدون لاستقباله، عليكم أن تخلدوا أكثر اتصالاته الهاتفية التى يقوم بها. فهو يناديكم ’أنا أتصل أنا إذن موجود’.

L’authentique N° 1705

الصحراء