الصفحة الأساسية > الأخبار > كيفه.. قصة أقرب إلى الخيال .../ إسلمو أحمد سالم

كيفه.. قصة أقرب إلى الخيال .../ إسلمو أحمد سالم

الأحد 11 آذار (مارس) 2018  09:45

كثيرا ما نسمع في القصص عن العجائز و الأكواخ ، و آلام العوز و ضيق ذات اليد و انعدام الحيلة ، و نسمع عن المحسنين و دور المسنين ، و عن التكافل و التعاون ، و الكرم و البخل و الشح ، و إكرام الجار و أذيته و عدم الاكتراث بحياته و ما يقاسيه .

القصة التي سأنشر بين يديكم حقيقة ، و لا زالت واقعا يصرخ في وجه حياتنا البائسة العديمة الرحمة ، و تبرهن عن خلو قلوبنا من العطف ، و ضياعنا في دهاليز المادية ، متناسين الدين و النخوة و القيم و الأخلاق .

إنها قصة عجوز في المائة ، لا ولد لها و لا بنت ، و لا قربب و لا عصب ، تسكن في وسط ثاني مدينة من الوطن ، عمياء يتساوى لديها الليل و النهار ، مقعدة لا تستطيع تحريك أعضائها ، نحيلة بلى جسمها بمقاساة الجوع و العطش و النسيان ، و فقدت جل سمعها ، مرمية في كوخ مفتوح من جميع الأطراف في كل الفصول، و ليس لها غير دعوة في جوف الليل ، و جارة تجلب لها الماء الذي يعبث به الصبيان، و بقيت المسكينة وحيدة مع مرضها و عجزها و عوعزها.

جئنا إلى الخباء البالي بعد صلاة المغرب ، فوجدنا في خلوها ، و بأصوات مرتفعة استطعنا أن نفهمها أننا بشر ، و عندما سألتها عن حالها قالت : و ما ظنكم بعجوز عمياء مقعدة ، ترتجف يداها من الوهن ، و لا قريب لها و لا معتني .

انهمرت دموعي و أجهشت بالبكاء ، لقد اختصر المشهد ضياع المجتمع و ذوبان القيم و الأخلاق .

لن تتمكن المسكينة من التصويت للمنتخب ، و لا إنشاء وحدة قاعدية للحزب الحاكم ، و لا من التزلف لمسؤول لذلك مكترث و سائل عن حالها.

أعطيناها بعض البسكويت فطفقت تلتهمها بسرعة في مشهد يبرهن على أقصى درجات السغب ، و انفتحت أساريرها ، تحدث عن ماضيها و مجالسنا للعلماء و قدرتها على القيام بشؤونها.

سألناها : هل يأتيك أحدهم بالعشاء أو الغداء ، فابتسمت و قالت و من يهتم لي .

تبقى المسكينة في عزلتها الأشهر بعد الأشهر ، و لم تعرف طعم اللحم و لا نكهة الشاي .

قضينا وقتا مع المسكينة ، و انبسطت أساريرها للحديث ، و امضت دقائق في راحة بال .

لست أصدق أنه في مدينة "كيفة" بما تحمله من ثقل حضاري و اجتماعي ، و هذا الكم الهائل من العلماء و الرجال العظام ، و الوجهاء و الأطر ، و المثقفين و المجتمع المدني ، و الصحافة و المنظمات الخيرية ، يمكن أن تحتضن مثل هذه الإنسانية الحرجة ، و كيف يمكن أن يتواجد كل هذا النسيان.

كتبتها صرخة في جدار بالصمت الذي يحيط بهذه القضية ، و اعلم ان القلوب الرقيقة لا زالت موجودة ، لكن الإرادة المسلوبة لا تصنع الأحداث ، فأفيقوا لقد طفح الكيل و بلغ السيل الزبى.

2 مشاركة منتدى

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016