الصفحة الأساسية > الأخبار > هل يلعب محامو موريتانيا دور اتحاد الشغل التونسي؟

هل يلعب محامو موريتانيا دور اتحاد الشغل التونسي؟

الثلاثاء 5 حزيران (يونيو) 2012  23:36

يبدو أن الأزمة السياسية القائمة في مريتانيا بدأت تدخل مراحل متقدمة التعقيد، جعلت الكثيرين يخرجون عن صمتهم لتعزيز الجهود الرامية إلى وضع حد للنظام القائم بصفته المسؤول الأول والأخير عما آلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية من ترد غير مسبوق.

فبالأمس القريب أماط الرئيس السابق والعقيد المتقاعد اعلي ولد محمد فال اللثام عن وجهه، وبدا أكثر تصميما على المشاركة الفاعلة في إسقاط ابن عمه، متسلحا بمبررات يراها كافية للقضاء على مستقبل الدولة وانسجام المجتمع إذا ترك الرئيس محمد ولد عبد العزيز ينعم بما تبقى من مأموريته الأولى، والتي تجاوز نصفها الأول بارتفاع منسوب الفساد، بل ورعايته الشخصية له دونما تفكير في مصالح الناس ومستقبل البلد؛ كما يشخص ولد محمد فال.

عقيد آخر سبق أن كان قائدا لأركان الجيش الوطني هو عبد الرحمن ولد ببكر، رأى في استمرار حكم النظام الحالي خطرا على وحدة وانسجام المؤسسة العسكرية، التي اعتبرها صمام أمام البلد ومنقذه في الأوقات الحرجة التي تمر بها البلاد من حين لآخر، منتقدا ما وصفها بالحرب بالوكالة التي زج فيها أفراد القوات المسلحة لتوفير الأمن لدولة أجنبية، وأكد أن ولاء العسكري يجب أن يظل لشعبه الذي يتقاضى راتبه وامتيازاته من عرق جبينه ومن خيرات بلده.

وهناك عقيد ثالث شارك في حرب الصحراء وتقلد وظائف وزارية ودبلوماسية يعلن شق عصا الطاعة، ويصدر بيان انسحاب من الحوار الذي جرى بين السلطة وبعض أحزاب المعارضة، ويصفه بالمهزلة، وإن كان بعض قادة المعارضة المحاورة يحاولون بكل ما أوتوا من قوة ومكر ثنيه عن الانضمام إلى الصف المطالب برحيل النظام، غير أن شهادته على الحوار كتبت في أروقة المحللين بماء من ذهب، وأصبح الاستشهاد بها على زيف ادعاء نجاح الحوار جاريا على كل لسان.

أما المراقب للساحة؛ أي ساحة في العاصمة نواكشوط فلا تخطئ عينه تجمعا هنا واحتجاجا هناك، وإضرابا ومسيرة واعتصاما، ومظاهر أمنية دائمة تشبه الاستنفار الأمني الإسرائيلي حول بيت المقدس أثناء أداء المسلمين لصلاة الجمعة.. مشهد بات مألوفا وسط العاصمة حول المساجد الكبيرة، وكأن النظام يستعد لاتخاذ قرار بمنع الموريتانيين ممن تقل أعمارهم عن 45 سنة من أداء الصلاة، كما في القدس، أو وضعهم تحت المراقبة والمساءلة، مثلما درج على ذلك نظام بن علي الهارب ومن قبله بورقيبه المقبور.

الاتحادات الطلابية، النقابات العمالية، العاطلون عن العمل، شباب المعارضة، نساء الأحزاب، أصحاب المظالم، الأحزاب السياسية، المنظمات الحقوقية... ألوان المشهد المتأزم الذي ينبئ بأن استمرار حكم الجنرال بات في حكم المستحيل؛ كما قال اعلي ولد فال في مقابلته الأخيرة مع إذاعة موريتانيد.

بيد أن الثورة أو العصيان؛ سمه ما شئت، لا زالت ترواوح مكانها لعوامل عدة من أهمها محاولة المطالبين بإسقاط النظام لإسقاط ما تبقى من ورق التوت الذي لف به نفسه غداة إطاحته بأول نظام تعددي مدني يشهد البلد منذ الاستقلال، وثانيهاإ فراط الأمن في استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين، مما جعلهم يتفادون الصدام المباشر حقا للدماء وإيمانا منهم بأن رحيل النظام لا يتطلب تضحية تعرض حياة الناس للخطر بسبب القناعة الراسخة لدى الجيش والأمن والساسة والمواطنين العاديين، وإجماعهم على ضرورة رحيله، بحيث لم يعد هنالك من يتشبث ببقائه ويشكل خطرا على الثورة والثوار، مبررين إفراط الأمن في استخدام القوة بمحاولة القائمين عليه لزيادة الضغط على النظام وتعرية شعاراته الديمقراطية أمام الرأي العام المحلي والدولبي.. وهو ما تم؛ يؤكد محلل سياسي.

المراقبون يرون أن المؤسسات الدستورية الثلاث (التنفيذية، التشريعية، والقضائية) باتت تعمل خارج الإطار القانوني والدستوري.

فالرئاسة؛ كما يرى اعلي ولد محمد فال، انتزعت شرعيتها بتمرد عسكري على قرار إقالة ضابط من طرف رئيس مدني منتخب طبقا لصلاحياته الدستورية، وبالتالي فهي فاقدة للشرعية. والبرلمان منتهي الصلاحية وقد انهكه التمديد، في خطوة تعبر، من وجهة نظر المحللين، تؤشر على خوف النظام من انتخابات جديدة ستفقده ذراعه البرلماني الطويل، أو ما درج البعض على تسميته بالكتيبة البرلمانية.

أما القضاء فقد ظل يخضع لوصاية السلطة التنفيذية منذ وصول الجنرال إلى السلطة خريف 2008؛ حسب تأكيدات القانونيين، ومما زاد الطين بلة إقدام ولد عبد العزيز على إقالة رئيس المحكمة العليا السيد ولد الغيلاني، في إجراء وصف بغير الدستوري، وذلك قبل ثلاث سنوات من انتهاء مأمورية رئيس المحكمة المقال.

نقابة المحامين الموريتانيين بادرت إلى رفض إقالة ولد الغيلاني، وقال نقيبها أحمد سالم ولد بوحبيني إن نقابته ستعلن عن مبادرة لإصلاح قطاع العدالة، في إشارة إلى أن أيادي الفساد قد امتدت إليها.

وأكد النقيب؛ في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، ان العدالة فى موريتانيا تسير بمنطق غريب ومخالف لكل القوانين التى تدرس أو التى تم سنها من قبل المشرع، وإن استقلاليتها الآن فى خطر.

وقال إن الشرطة باتت تتحكم فى زوار مكتب الهيئة الوطنية للمحامين، كما أن النيابة العامة باتت تتهم وتدين وتطلق سراح الموقوفين دون علم القضاة أو اذن منهم ، كما حصل مع الطلبة الذين اتهموا بالمساس بأمن الدولة ووجهت لهم تهم تصل عقوبتها للاعدام قبل أن تقرر النيابة العامة الإفراج عنهم دون مقدمات.

واضاف ان العدالة سقطت بيد وزارة العدل والسلطة التنفيذية وهو أمر مؤسف وبالغ الخطورة على مسار فصل السلطات، وعلى استقلالية القضاء الموريتانى. مؤكدا أن السلطة تتحكم الآن فى العدالة من خلال تعيين واقالة القضاة ، بل إن الوزارة هى من يتحكم في مسار العملية بالكامل حتى ملف التأطير الذاتى للقضاة يخضع لتحكم الوزير.

وأوضح أن العنجهية بلغت حد انتزاع صناديق الانتخابات من مجموعة من القضاة أثناء فرز الأصوات فى عملية تنافسية داخلية ضمن ودادية القضاة. وقال (تصوروا أن هذا يحدث فى الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وأن الضحية هم القضاة المكلفين بحماية حريات الناس وكرامة الناس وحقوق الناس؟!). وقال ولد بوحبينى إن العشرات من فقراء البلد يدخلون السجون لأخطاء بسيطة ويخلدون فيها لأن لا أحد يستمع اليهم أو يهتم بهم ، وحينما حاولنا توفير المحامين لهم (منعنا من ذلك)؛ حسب تعبيره.

وفي ظل خضوع السياسيين لأجندات خاصة تمنعهم من المضي في تهديدات الاعتصام المفتوح والتظاهر اليوم، ربما تتعلق بالجهات التي تنسق معهم في الدوائر الحكومية، برز المجتمع المدني رأس حربة في مقارعة النظام، وخاصة نقابة المحامين التي تنال ثقة واحترام الشركاء السياسيين وأصحاب المظالم، وتزكية المجتمع الدولي الساعي إلى تطبيق العدالة. فهل ستلعب الهيئة الوطنية للمحامين في موريتانيا دورا بارزا في إسقاط النظام، كما فعل الاتحاد التونسي للشغل أثناء الثورة التي وضعت حدا لنظام بن علي؟!!!

السفير

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016