مهرجان اتويقيدة: الدوافع والأهداف
وكالة كيفة للأنباء

اتويقيدة مدينة تقع على بعد 10 كلم من بلدية كرو. وتقع ضمن فضائها الحضري. لكن الجغرافيا الحضرية وصبر أهلها على التهميش ظلماها ظلما كبيرا.

فمنذ أن عقلت وأنا أتابع حالة غريبة ومقصودة من الغبن والتهميش، تعيشها هذه المدينة وأهلها. بعد نهاية كل أسبوع نتحلق ونحن صغار حول المذياع نستمع إلى نتائج مجلس الوزراء، لعل أحد أطر اتويقيدة ينال تزكية من الحكومة فيعين على مرفق من مرافق الدولة يشارك في بنائه وتطويره ، ولكننا كنا نصاب بالإحباط في كل مرة.

كنت أتساءل في نفسي لماذا كل هذا الإقصاء، ألسنا مواطنين موريتانيين؟ ألسنا نمتلك كل المؤهلات التي يمتلكها إخواننا؟ لكنني كنت بعد ذلك أقصي حسرتي بعيدا ، وأطمئن نفسي أن القادم سيكون أحسن. لكنه ما كان يوما أحسن، وما زادنا الصمت إلا إقصاء وتهميشا.

ما يقارب الألفين من السكان، وما يصل إلى القريب من ألف منزل. ومع ذلك لا يجدون مكتبا للتصويت!!! أتفقنا مع إخواننا في انتاكات على استقبال رئيس الجمهورية في زيارته الأخيرة لولاية لعصابة، في المسافة الوسطى ما بين اتويقيدة وانتاكات، وسلمناه طلبا كتبناه معا من أجل الحصول على الكهرباء. وجاءت الكهرباء، وما بقي زقاق في انتاكات إلا وحظي بعمود أو عمودين.

وكان نصيب اتويقيدة ستة أعمدة، وزعت بطريقة مشبوهة ولحاجة في نفس يعقوب!!!

كانت السيارات تضع حمولتها من أعمدة الكهرباء في اتويقيدة، كأنما تمعن في إهانة سكان القرية، الذين كلما امتعضوا وسألوا مندوب الشركة وشيخ المقاطعة الذي كان يشرف مع مندوب الشركة، عن سبب حرمان اتويقيدة من الكهرباء يجيبانهم بأن اتويقيدة ليست ضمن التمويل المعد لكهربة انتاكات!!! أي منطق هذا؟ ولماذا تحرم اتويقيدة من الكهرباء؟ تجمع سكان القرية في اعتصام سلمي عند الأعمدة الموضوعة في إحدى الساحات حولهم،بغية لفت أنظار الإدارة إلى الظلم الذي وقع عليهم.

فما كان من الإدارة إلا أن خرجت عليهم بقضها وقضيضها تضربهم بمسيلات الدموع، وتركلهم بأحذية شرطتها وتضرب نساءهم بالهراوات!!!.

ومع ذلك كان الإعتصام السلمي وما زال حقا مشروعا يكفله الدستور إلا لسكان اتويقيدة.

كان ذلك سنة 2014 عجبي!!!

واستمرت الكهرباء ، ونفذ المشروع وبدأ بالعمل ، ولم تستفد منه اتويقيدة. التي لا زال سكانها يضيؤون بيوتهم ويراجع أبناؤهم على ضوء الطاقة الشمسية.!!!

تشرب مدينة كرو من بحيرة اتويقيدة وانتاكات، ومع ذلك لا تزال بعض أحياء المدينة عطشى، لا تجد من الماء إلا ما تشتريه من العربات.

المشروع الخيري لدكاكين أمل شمل جميع سكان موريتانيا، وما بقي تجمع من مدر ولا حجر إلا واستفاد منه،إلا سكان اتويقيدة. لا يوجد فيهم دكان واحد من دكاكين أمل.

لماذا؟ أطفال اتويقيدة الذين ينجحون في مسابقة دخول السنة الأولى إعدادية يعيشون الأمرين، حيث تتشتت أذهانهم وتركيزهم في التفكير في الوسيلة التي تنقلهم صباح مساء عبر مسافة تصل الخمسة عشر كلم، ليتابعوا دروسهم في إعدادية كرو.

ومع ذلك لا يماري أحد في إصرار رئيس الدولة على تعميم التمدرس وتعميم المدارس والإعداديات على كافة التراب الوطني.

والغريب في الأمر أن الإبتدائية الوحديدة في قرية اتويقيدة بنيت من طرف منظمة الرؤية العالمية. عجبي!!!

في "إريج أم لعروك ولكتاتين وجل الكوت" في لعصابة .هناك تجمعات سكانية كبيرة تقع اجتماعيا وإنسانيا ضمن اختصاص وكالة التضامن. ولكن هذه الوكالة لم تصل يوما إليهم، ولعلهم غير مدرجين في برامجها واهتماماتها. فلماذا؟ عجبي!!!

عشرات الأطر من أهل اتويقيدة مهندسون وأطباء وقضاة وإداريون وإعلاميون وأساتذة ومعلمون. لم يستفد منهم واحد يوما من الترقية أو التعيين. ورغم ذلك يبذلون قصارى جهدهم في بناء هذا الوطن واستمرار السكينة السياسية فيه.

فلماذا؟ عجبي!!!

لو ظللت أعدد مظاهر التهميش في هذه المدينة ما كفتني مساحة ولاوفتني العبارة حق القول.

من أجل كل ذلك جاء مهرجان اتويقيدة، ليقول أهلها بصوت عال،إن السياسيين المحليين في المقاطعة والولاية، لم ينصفوا هذه المدينة وأهلها، وأن الرسائل التي تصل إلى الحكومة عن هذه المدينة،كانت دائما بالمقلوب.

والدليل على هذا القول أنه لم يسجل الزمن أن أحد ساكنة اتويقيدة حظي يوما بقبول هؤلاء السياسيين في أن يرشح لمنصب نائب المقاطعة أو شيخها أو عمدتها،أو حتى خلف لهم. فلماذا؟ عجبي!!! ورغم ذلك ظل سكان هذه المدينة باستمرار، يدا حنونة تدفع بهؤلاء نحو الفوز كلما ترشحوا . فلماذا؟ عجبي!!!

كانت تلك دوافع هذا المهرجان،أما أهدافه فهي إماطة اللثام عن هذا الغبن والتهميش، والإعلان عن ميلاد حركة شبابية، يباركها شيوخ المدينة. وتعمل هذه الحركة ابتداء من هذا المهرجان ، على إطلاع الرأي العام الوطني على حقيقة الغبن الواقع على سكان اتويقيدة. والعمل على تصحيح الصورة للحكومة, التي بدى واضحا أنها لم تتلقى يوما الصورة الحقيقية للمدينة.

ليس هذا المهرجان موجها ضد فئة، أو مجموعة، أو طائفة. وإنما هو رغبة أهل اتويقيدة شيبا وشبابا ونساء ،في أن يرفعوا تظلمهم لفخامة رئيس الجمهورية، راجين أن يرفع عنهم هذا الظلم، وأن يعيد الأمور إلى نصابها كما تعودنا منه .

في كل مرة يصله خبر عن ظلم فرد ما ،أحرى مدينة بكاملها، وساكنة تبلغ الألفي نسمة.


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2016-11-30 13:55:49
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article16359.html