هل يكسر الحوار دائرة الوجع السياسي؟
وكالة كيفة للأنباء

إن مصدر وجع هذه البلاد و داءها العضال هما الماضي الظلامي العنيد و نهج سياسة القناع المكيافيلي في توظيف المكر و الازدواجية و الخداع.

و إن تبد موريتانيا لقصيري النظر و فاتري الهمم أنها تزدهر و تنمو و تأخذ مكانة عالية في حراك العولمة بقليل الزخرف الذي تزين به نواكشوط المتأرجحة فوق بحيرة ماؤها امتداد سفلي للمحيط من باهت العمارات المفتقرة إلى السند الهندسي و الأسلوب المعماري العلمي و الذوق الجمالي، و من أحياء على أطراف القلب شيدت أبنيتها بالمال العام على مدار الست و الخمسين عاما من عمر الدولة نهبا و تحايلا من قبل:

· موظفين سامين و مسيرين مطلقة لهم الايادي،

· و رجال إهمال لا أعمال صنعتهم تيارات الظلم التقليدية و "مافيوزية" العصر،

· و نساء صالونات صنعهن المنهج الصنهاجي ما قبل الإسلام حيث كان المجتمع أموميا لا ذكوريا،

· و شباب شب على معالق من "فضة" في أفواهه و ركب مطية الترف و الفساد بدون حساب أو رادع أو عقاب،

· و أرستقراطيات أسرية حفظتها من الإندثار نوايا الماضي و مخالبه و غياب مفهوم الدولة عن الأذان و في الممارسة،

· و ثلاثي الدائرة الضيقة للسكيرين و أزلام الضباط و أهل المجون و البغاء الذين باعوا أرواحهم للشيطان و ارتهنوا الوطن لنزوات النفس و غرائزها و فجورها.

و إن الوضع السياسي القائم الضعيف المرتكزات في داخله و العقيم التوجهات في خارجه غير سوي بحيث لا يعبر مطلقا عن الممارسة "الديمقراطية" التي هي أسمى من ان تظل أحزاب البلدان ـ التي تدعي في الظاهر و بالمناورات المكشوفة أنها تسلك نهجها و تأخذ بمقتضياتها و أساليبها و تجيد قواعده لعبتها ـ في حضيض الخلافات و ضعيف الخطاب و بعيد الالتحام بهموم جماهير الشعب و تطلعاته إلى العدالة و النمو و الازدهار.

و هو الوضع الذي لا شك أنه، بما يطبعه من ارتباك لا تخطئه عين مهتم أو متتبع، إفراز ظروف سيئة خاطئة و أسباب مجحفة لا يمكن أن تجد تبريرا لها إلا في مفرده البعدُ التام عن الديمقراطية. و إذ تتقاسم كل أحزاب الطيف السياسي في الاتجاهين معارضة و أغلبية ذاك البعد عن الديمقراطية بشكل أو بآخر و أيا كانت مرجعياتها و خلفياتها الفكرية فإنها هي التي فتحت الباب على مصراعيه لقوى البغي و الظلم و الإبقاء على التخلف لدوام حال الفوضى و الحيف و الحياد عن مسار ركب الأمم، كما أنها لا تكرس جهدا و لا تبرم أمرا لقيام أي حوار بما درجت عليه من إقصائها الشعب و عدم الاكتراث بإملاءات مطالبه و صدى أصواته و استغاثته و إيحاءات واقعه المتردي.

فهل يتجاوز أي حوار يتم الذهاب إليه "مشاغل و هموم ة طموح الساسة" المترفين ممن تمولهم: · قطاعات مظلمة و دوائر قبلية حاضرة و حية بأموال رجالات أعمالها المشبوهة،

· و تسهيلات من الدولة و نواديها القوية،

· و جهات خارجية في قوالب تنظيمية إيديولوجية و عقائدية،

و هل يكون و لو لمرة هذا الحوار حضاريا فيتناول محاور و أوجه الظلمَ الجارف في دائرة و صلب الدولة و الساري المفعول في تجليات التعيين الذي غصت بأهله ممن لا مردودية لأغلبهم في دائرتي التنظير و التطبيق المعتمد على توازنات لا علاقة لها بالكفاءة و الجدارة، و تقاسم المناصب التسييرية الكبرى و العجز عن محاربة التبذير و الفساد في أجواء تطحن فيها قبائل قبائل بمنطق بالي و أسر أخرى بتسنم رأس ولى و كل ذلك على خلفية جهوية حادة و مزيد من قهر "الشرائح الدونية" في أسفل الهرم الذي لم ينقص حجرا و لم تخدش له زاوية داخل العقلية المجتمعية المتحجرة في دوامة من ظلم جهالة "سيبة" لا حدود لها و ضرب بعرض الحائط أي مطالبة بإرساء قواعد دولة القانون و المواطنة. نعم هو حال و وضع السياسة في هذه البلاد ينبنيان على خلفية جاهلية "السيبة" الظالمة تؤول الدين وقيم الفروسية على هواها و لا يخاف أهلها عقباها بأموال يجتمع في مصدرها الغش و السرقة و الاحتيال و قتل وطن و دفن أهله في مقابر الفقر و الجوع و القهر و الظلم؟

الولي ولد سيدي هيبه


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2016-09-24 17:49:31
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article15651.html