الحوار السياسي المرتقب مصلحة وطنية ومسؤولية مشتركة
وكالة كيفة للأنباء

منذ فترة لم تعد بالقصيرة والتجاذبات السياسية سيدة الموقف في هذا البلد، حيث لا صوت يعلو فوق أصوات التعنت والمزايدات السياسية من قبل مختلف الفرقاء السياسيين على اختلاف مشاربهم كل تسول له نفسه أنه على حق، وأنه هو من تقع عليه مسؤولية الدفاع عن مصالح وحقوق شعب سلب إرادته يوم توزع بين معارضة لا ترى في النظام شيئا جميلا وموالين حظهم من الموالاة الصبر والانتظار، وبين هذا وذاك تضيع آمال وحقوق وطن برمته وينشغل الكل بتوافه الأمور، وتتعثر عجلة التنمية وتتنافر الجهود وتذبل الزهور وتتساقط آخر الأوراق وتمتلئ دروب التقدم بالوحل والأشواك. ورغم رغبة النظام في الحوار دائما والدعوة إليه سواء بصدق نية أو غير ذلك فان التجاذب السياسي لا زال يراوح مكانه حيث لم تفلح كل المحاولات في تقريب الهوة بين هؤلاء الفرقاء، فعندما تمت الدعوة للحوار خلال العام 2011 وشارك فيه عدد من الأحزاب السياسية، قاطعته المعارضة الراديكالية ووصفته بالمحسوم مسبقا وظلت تمانع الدخول في أي حوار سياسي مع النظام ما لم يأتي الرد المكتوب والاستجابة للممهدات.

هكذا عادت الكرة إلى مرمى النظام وخيم الصمت على الحوار وصدرت من مصادر رسمية في الدولة شائعات عن تعديل الدستور ربما مأمورية ثالثة أثارت حفيظة المعارضة وكانت بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، ليرتفع مؤشر التوتر السياسي من جديد إلى أبعد حد له وتبددت الثقة مرة أخرى في النظام إلى أن أطل رئيس الجمهورية من نافذة مهرجان مدينة النعمه الأخير معلنا دعوته الصريحة للحوار وفتحه أمام الجميع وأنه لن يكون عقبة في وجه ترسيخ قيم الديمقراطية في هذا البلد، مطالبا بطرح كل القضايا على طاولة المفاوضات ومتوعدا بجدية النظر فيها هذه المرة، مما يجعل قوى المعارضة مدعوة أكثر من غيرها إلى انتهاز هذه الفرصة وتنسيق جهودها للدخول بشكل فعلي في هذا لحوار بعيدا عن المخاوف المسبقة وأحكام القيمة والقطيعة وتأزيم الوضع فتلك أمور لا تخدم مصلحة بلد يتسع للجميع ومصلحته يجب أن تكون فوق كل اعتبار، وليس من مخرج سليم لتجاوز كل هذه الهفوات سوى الحوار الهادف البناء الذي تتنادي له مختلف الأطياف باعتباره أولوية وطنية لا تتحمل المزايدات.

وفي مقابل ذلك يجب على النظام أن يتحمل مسؤوليته الكاملة من أجل إنجاح هذا الحوار وعدم إقصاء أي كان من المشاركة فيه عبر دعوة جميع الأحزاب السياسية والنقابات وهيئات المجتمع المدني والشخصيات المرجعية والمستقلة... كل هؤلاء تتوجب دعوتهم بجدية وإشراكهم بشكل فعلي في وضع الآليات التي من شأنها إن تهيئ الساحة السياسية الوطنية أولا لقبول الحوار وأهمية الدخول فيه كخيار لا بديل عنه، كما يجب العمل على خلق جو من الارتياح يشعر فيه كل المتحاورين على اختلاف مشاربهم بالمساواة أمام الوعاء الزمني المتاح لإبداء أرائهم، وأخذها على محمل الجد عبر الإنصات والانفتاح والاعتراف المطلق لكل صاحب رأي فكري أو سياسي بأهمية مكانته في بلورة الرؤية الإستراتجية لبناء المشروع المستقبلي لموريتانيا.


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2016-06-08 00:51:25
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article14522.html