الصفحة الأساسية > الأخبار > باحث يقدم رؤية استيراتيجية للتنظيم والتخطيط الحضري لمدينة كيفه

باحث يقدم رؤية استيراتيجية للتنظيم والتخطيط الحضري لمدينة كيفه

الثلاثاء 28 تموز (يوليو) 2020  17:42

مدينة كيفه

مقدمة:

تكتسي دراسة المجالات الحضرية اليوم أهمية خاصة نظرا للطابع المعقد الذي يميز الوسط الحضري بعناصره المختلفة، وتمثل المدن بما هي أهم تلك العناصر المشهد الذي يتجلى من خلاله مختلف أشكال تلك التعقيدات وتمظهراتها المجالية. ولئن كانت الفوارق تبدو جلية بين ما يميز تلك المجالات والدور الذي تطلع به المدن في كل منهما يبقيان أهم القواسم المشتركة بينهما، بل السمات التي تميز الوسط الحضري في عالمنا اليوم.

ويمثل تزايد وتيرة النمو الحضري والزيادة السريعة في أحجام المدن سمة بارزة بالبلدان النامية، في الوقت الذي يشهد فيه الوسط الريفي أزمات خطيرة تجسدها تيارات الهجرة نحو المدن وتراجع الأنشطة الاقتصادية، بفعل موجات الجفاف المتعاقبة وما أفرز من تدهور للوسط الطبيعي والمنظومة البيئية بصورة عامة.

وتعتبر موريتانيا خير مثال على ذلك، حيث عرفت مسلسلا حضريا متسارعا، جسدته شبكة حضرية ناشئة في معظمها، رغم قدم بعض المدن التي لعبت دورا أساسيا في المبادلات التجارية باعتبارها مراكز جذب هامة ونقاط عبور أساسية للمنتوجات والبضائع من شمال إفريقيا باتجاه الامبراطوريات السودانية في غربها. إلا أن انهيار التجارة الصحراوية، وتحول مسارها نحو الشواطئ الأطلسية ونهر السينغال أدى إلى تراجع دور المدن الصحراوية، وفتح المجال أمام تنامي المراكز العسكرية التي أنشأها الاستعمار لتأطير البلاد وبسط النفوذ على كامل التراب الوطني.

وتمثل مدينة كيفه إحدى تلك المراكز العسكرية التي تم إنشاؤها من طرف الاستعمار للغرض نفسه، لتتحول اليوم وهي تحتفل بذكرى مئويتها الأولى إلى أهم المستقرات البشرية بالجنوب الموريتاني وقد دفعنا ذلك إلى محاولة التعرف على حصاد القرن من خلال دراسة النمو الحضري لهذه المدينة ومختلف المراحل التي مرت بها، وتقديم الصورة الحالية لأشكال تنظيم المجال الحضري وخصائصه ومميزاته في مرحلة أولى، في حين سنحاول في جانب آخر أن نسلط الضوء على أهم المحاور الإستراتيجية التي من شأنها أن تسهم في إعادة تنظيم المجال الحضري بهذه المدينة وتنميته.

I)ـ النمو الحضري لمدينة كيفه

وتنظيمها الداخلي

قبل الاستفاضة في دراسة النمو الحضري لمدينة كيفه وتسليط الضوء على تنظيمها المجالي، لابد لنا أن نقف قليلا عند الشبكة الحضرية الموريتانية الحالية ومراحل تكوينها، وذلك لتسهيل فهم موضوعنا وتنزيل مختلف الإشكالات التي سنتناول ضمن صياغها العام. فالمدينة لم تنشأ من فراغ، ولم يكن نموها عفويا أو عشوائيا وإنما جاء نتيجة مجموعات متباينة ومتداخلة من المؤثرات يقوى بعضها في مدينة ويضعف في مدينة أخرى. وتبرز بعض المؤثرات جلية وواضحة في بعض المدن ويكاد أثرها لا يظهر في مدن أخرى إلا بشكل بسيط.

وبغض النظر عن التركيز على خصوصيات كل مدينة على حدة، وتبيين تلك المؤثرات، فإن مما لاشك فيه أن نشأة البنية الحضرية الأولى جاءت بفعل الموقع الجغرافي للمجال الموريتاني كهمزة وصل بين شمال إفريقيا والإمبراطوريات السودانية الجنوبية على أطراف الصحراء الكبرى وما أفرزه من نمو سريع وازدهار لمدن القوافل الصحراوية والمبادلات التجارية، وتمثل هذه البنية شنقيط ووادان وولاته وتيشيت في القرنين 11 و12[1].

أما البنية الحضرية الثانية فقد نشأت في عهد الاستعمار الفرنسي في الوقت الذي بدأ فيه انحطاط "القصور القديمة" تاركة المجال لازدواجية النمو والتراجع، فقد نمت أطار على حساب وادان وشنقيط، كما نمت تجكجة على حساب تيشيت، والنعمة على حساب ولاته، وذلك خلال القرنين 17 و18، ويتكون الجيل الثاني من هذه البنية الحضرية من المحطات النهرية التي أسست في قلب تجمعات السكان المستقرين المكونين أساسا من الأفارقة السود، ومن هذه المدن بالذات انتشرت الحاميات العسكرية الفرنسية داخل البلاد منعشة الدور التجاري لمجموعات البيظان، وهكذا نشأت مدينة بوتلميت على حساب مدينة روصو، وألاك انطلاقا من بوكى، ثم كيفه انطلاقا من كيهيدي، وقد نشأت بين هذه المحطات والمراكز الساحلية تنافس مباشر مع المدن القديمة السابقة الذكر[2].

والبنية الحضرية الثالثة برزت بعد الاستقلال حيث نشأت مدن جديدة معتمدة على الموارد المحلية: كالحديد في ازويرات، وميناء تصديره في انواذيبو، والنحاس في اكجوجت، أو معتمدة على الإدارة السياسية كما هو الحال بالنسبة لمدينة انواكشوط، وفيما عدى تضخم المدينة الأولى "انواكشوط" فإن التراتبية الضعيفة للمدن الموريتانية تجعل من الصعب الحديث عن وجود شبكة حضرية حقيقية.

1)ـ النمو السكاني والتوسع المجالي لمدينة كيفه

فكما أسلفنا سابقا تمثل مدينة كيفه إحدى أهم المراكز الحضرية التي تنتمي إلى البنية الحضرية الاستعمارية، حيث نشأت بداية القرن العشرين (1907) على يد كتيبة فرنسية مرت بالوادي متجهة إلى تجكجة لتدعم الوجود الفرنسي هناك، حيث استقرت هذه الكتيبة التي يقودها النقيب "آرنولد" قرب وادي كيفه عندما خمدت نار المقاومة في تجكجة، لتكون بداية لتأسيس هذه المدينة، في الوقت الذي مازال فيه إقليم لعصابة تابعا للمستعمرة الفرنسية بأعلى النيجر (Haut Niger) حتى سنة 1913. وقد أدى وجود الماء في حاسي بابو على ضفة وادي كيفه اليسرى إلى نزوج الكتيبة من موضعها الأصلي (12 كلم شمال المدينة حاليا) للاستفادة من مياه البئر المذكورة والاستقرار حولها[3].

فوقوع هذه المدينة في قلب المناطق الزراعية والرعوية على منتصف الطريق بين انواكشوط والنعمة، وكونها نقطة التقاء أهم محاور طرق الانتجاع بين آدرار وتكانت ومالي جعل منها مركزا حيويا هاما تلتقي فيه أقاليم مختلفة في الطبيعة والمحاصيل (أفله ـ تكانت ـ آفطوط والكبله)، وهذا الاختلاف أكسبها أهمية بالغة، إضافة إلى ما يحمله من قيمة تضمن البقاء والاستمرارية كالشبكة الهيدرولوجية والمراعي الشاسعة والأراضي الزراعية.

أ)ـ النمو الديمغرافي

رغم غياب المعطيات الإحصائية الدقيقة[4]، فإن المتوفر من المعطيات يشير إلى أن سكان مدينة كيفه كانوا في حدود 4400 نسمة عام 1962، في حين وصل هذا العدد 47678 نسمة عام 2000، كما يبين ذلك الجدول التالي:

السنة : عدد السكان :

-  1962 .................................... 4400

- 1975 .................................................. 16700

- 1977 ................................................. 10703

- 1986 ......................................... 20000

- 1988 ............................................... 29292

- 1990 ...............................................32373

- 1995 .................................................. 41567

- 2000............................................... 47678

- 2004 ...............................................65227

وانطلاقا من الجدول السابق يبدو أن معدلات النمو السكاني بمدينة كيفه كانت متباينة من فترة لأخرى حيث وصلت 6.2% في الفترة ما بين 1962ـ1977، وحوالي 5.6% في الفترة ما بين 1977ـ1988، و8.4% في الفترة ما بين 1988ـ2000، و3.2% ما بين 2000ـ2004، ويمكن تقسيم النمو الديمغرافي للمدينة إلى ثلاث مراحل: تمتد أولاها منذ الاستقلال وحتى 1975 وهي فترة ارتفع فيها معدل النمو السكاني، إلا أن العدد الإجمالي للسكان كان قليلا (أقل من 20000 نسمة) حيث يمكن أن نطلق عليها فترة اعتدال النمو السكاني. أما الفترة الثانية (1975ـ1988) فقد عرفت زيادة كبيرة في عدد سكان المدينة رغم ما حدث من تراجع بين عامي 1975ـ1977 بفعل الجفاف وتيارات الهجرة نحو العاصمة انواكشوط، وهو ما تواصل حتى منتصف الثمانينات لتبدأ الفترة الثالثة (الانفجار الديمغرافي) عندما أصبحت المدينة قبلة ومحطة هامة لتيارات الهجرة على نطاق واسع (حتى من الحوضين وتكانت) للاستفادة من الخدمات والمرافق الحضرية التي تحظى بهم[5]. فاحتلت المرتبة الثانية عام 2000، بعد أن كانت السابعة عام 1977، والرابعة عام 1988[6]، حيث غدت بذلك من أكثر المدن الموريتانية سكانا وأكبرها اتساعا بما تملكه من مقومات النمو والبقاء.

ب)ـ مراحل التوسع المجالي

لقد أثرت الزيادة السكانية السريعة على التوسع المجالي لمدينة كيفه، فرغم غياب معطيات إحصائية دقيقة حول المساحة الإجمالية لهذه المدينة وتطورها من فترة لأخرى، فإن الملاحظات المستقاة من الدراسات والأعمال الميدانية تفيد أن النمو المجالي لهذه المدينة مر بمراحل مختلفة يمكن تقسيمها على النحو التالي:

ـ المرحلة الأولى وتضم فترة ما قبل الاستقلال: حيث كانت المدينة في مرحلة التشكل ولا تتجاوز حدودها نطاق المساكن التي بناها السكان المحليون (القديمة) والمكاتب الإدارية الأخرى التي بناها المستعمر (البريد، المستوصف، قصر العدالة والخزينة)، وذلك في شكل نواتين متمايزتين[7]، وذلك عبارة عن شريط من الأبنية ينمو ويتسع محاذيا لسرير الوادي من الجنوب إلى الشمال. لكن إقبال السكان الذي عرفته بعد الاستقلال، واندماج القبائل البدوية والمتمردين على النظم الاجتماعي في الأرياف جعلها تتوسع شيئا فشيئا لتظهر النواة الأولى لحي الجديدة عام 1962، وذلك في شكل أربع قطع تصل مساحة كل واحدة منها 1000م2 وتفصل فيما بينها شوارع مستقيمة ومنتظمة[

ـ المرحلة الثانية: وهي مرحلة ما بعد الاستقلال وحتى 1970 وهي الفترة التي اكتمل فيها نمو حي الجديدة وتم ربط النواتين القديمتين (القديمة والمكاتب الإدارية التي بناها المستعمر) وقد ساعد على تلاصقهما واتصالهما شكل السطح المنبسط إلى حدود التلال الشرقية. وقد تشكلت خلال هذا الحي بعض التجهيزات والمرافق الهامة مما أكسبه أهمية كبرى زادته توسعا مجاليا في جميع الأطراف، وظهرت هوامش على أطرافه أصبحت فيما بعد أحياء مستقلة.

ـ المرحلة الثالثة: وتبدأ منذ 1970 وحتى 1984 وجسدتها الامتدادات المجالية باتجاه الغرب، وظهور نواة حي "سقطار" الذي كسب قوته من بناء الإعدادية عام 1975، ومرور طريق الأمل نهاية السبعينات، وفي الشمال تم تعمير الفاصل بين سوق الجديدة والكثيب الرملي ليتشكل حي "قوميز"، ومن الناحية الشرقية كان التمدد باتجاه التلال الصخرية ليتشكل حيا "لقليق" و"اتويميرت" وهي مرحلة هامة من تاريخ نمو المدينة، حيث وصلت الحدود الطبيعية (شمالا كثيب سقطار، جنوبا الوادي، شرق التلال الصخرية) لتتجاوز تلك الحدود في المرحلة اللاحقة في شكل امتدادات اتجهت في كل الأطراف.

ج. المنطقة الطرقية:

وهي مناطق النمو الحالي والمستقبلي للمدينة وتضم الأحياء الواقعة في الأطراف (وربما ستكون أساسا لتشكيل الضواحي بالمفهوم الحضري) والتي تستمد قوتها ونموها من محاور الطرق والمواصلات التي تربط المدينة بظهيرها الخارجي أو بالمدن الأخرى، وقد تعزز نمو هذه الأحياء بفعل دور طريق الأمل غربا (ظهور حيي بلمطار وبلنوار) وشرقا (حيي النزاهة وعرفات) أو عن طريق محاور الاتصال الأرضية الأخرى (حي العنقار على طريق لكران، حي صونادير على طريق تامشكط)، كما تضم هذه المنطقة أشكال التوسع الأخرى باتجاه طريق المطار جنوبا، وطريق بومديد شمالا.

وعموما المورفولوجية الحضرية للمدينة تشير إلى وجود نواة في شكل نطاق شبه دائري وسطي، يوحي إلى انحصار النمو المجالي للمدينة في نطاق محدد في مرحلة أولى، بفعل الخصائص الطبوغرافية للأرض المنبسطة والمستوية، وتأثير العوائق الطبيعية (الوادي غربا، التلال الصخري جنوبا، الكثبان الرملية شمالا) إلا أن فك العزلة الذي جاء بفعل مرور طريق الأمل والطرق الرملية الأخرى التي تربط المدينة بظهيرها جعل نسيجها العمراني يأخذ شكل بقعة زيت، وإذا ما تواصل النمو المجالي للمدينة في المستقبل فإن هذا النسيج سيأخذ الشكل النجمي ذي الفروع الممتدة عبر محاور الطرق والمواصلات.

3. دراسة التنظيم الوظيفي لمدينة كيفه:

تحظى دراسة الوظائف الحضرية بأهمية بالغة في معرفة ودراسة المدن إلى درجة أن البعض يعتبر أن "تجمعا ما ليس مدينة إلا بقدر ما هو يؤدى وظيفة أو عدة وظائف حضرية، فالوظيفة الحضرية هي التي تفرض عليه نمط عيشه وتسهم في سبب وجوده". وحسب هذا التعريف فإن الوظيفة الحضرية هي سبب وجود المدينة "فالمدينة هي جهاز يؤدى وظائف إدارية وصناعية وتجارية"، كما أن "الوظيفة هي عبارة عن المهنة التي تتعاطاها المدينة وهي مبرر وجودها".

ورغم تعدد طرق تحديد وقياس الوظيفة الحضرية سواء بالمناهج الكمية أو الوصفية، فإننا سنعتمد خلال تحديد الوظائف هنا على المنهج الوصفي لغياب المعطيات الإحصائية الدقيقة، مكتفين في الوقت نفسه بإبراز وظيفتين أساسيتين تطلع بهما المدينة وهما: الوظيفة الإدارية والخدمية، والوظيفة التجارية:

الاستراتيجيات مع أهداف التنمية الشاملة والمستديمة وأساليب التخطيط المتبعة[9]، فإنه بإمكاننا أن نشير إلى بعض النقاط الهامة التي ستشكل (في نظرنا) الأسس التي ينبغي أن ترتكز عليها الرؤية الاستراتيجية لتنمية المجال الحضري لمدينة كيفه وتنظيمه.

وهكذا يبدو لنا أن أي محاولة في هذا الصدد ينبغي أن ترتكز على أربعة أبعاد أساسية تمس المجال الحضري بصورة أساسية (بعد مؤسسي وتشريعي، بعد مجالي، بعد بيئي، وبعد اقتصادي واجتماعي)، فضلا عن الأخذ بعين الاعتبار جملة من الاعتبارات الكفيلة بإنجاح هذه الاستراتيجية وتحقيق مغزاها: كرصد التمويلات الضرورية لإنجاز الخطط والبرامج، ومراعاة خصوصيات السكان المحليين، وقيمهم الحضارية، ومستوياتهم الثقافية وتكوينهم المهني وتصوراتهم وتمثلاتهم والحفاظ على صيانة العلاقات فيما بينهم، وتحقيق التجانس الاجتماعي، وخلق علاقة بين السكان والمجال وأخذ كل ذلك بعين الاعتبار عند كافة مراحل التدخل (إعداد الدراسات ورسم الخطط ورصد التمويلات وتنفيذ المشاريع ومراقبتها وصيانتها) بما يمكنهم من المشاركة بصورة بناءة في تنمية مدينتهم وتخطيطها.

1. البعد المؤسسي والتشريعي

وكما هو الحال بالنسبة لمختلف الأبعاد التي نقترح هنا، تطرح أمام تحقيق هذا العبد مجموعة من المعوقات يمكن أن نجملها فيما يلي:

عدم تطبيق القوانين والخروج على توصيات أمثلة التهيئة العمرانية

غياب ثقافة حضرية لدى سكان هذه المدينة (والمدن الموريتانية عموما) وضعف العلاقة الحميمة بين المواطن ومدينته.

ضعف النسيج الجمعياتي (عدم وجود رابطات الأحياء، نوادي أحياء المدينة...).

غياب التنسيق بين الدولة والسكان ومختلف الفاعلين باعتبارهم المسؤولين أول

نقص الإمكانيات المالية والموارد الذاتية والاعتماد على الخارج في التمويلات.

ومع ذلك يحظى البعد المؤسسي والتشريعي لاستراتيجية تنمية مدينة كيفه بجملة من المكاسب الراهنة التي ينبغي استغلالها قبل ضياع الأوان، وهذه المكاسب هي:

الاتجاه الراهن نحو الإصلاح وتكريس دولة القانون (مراجعة القوانين المعمول بها، إجراءات حاسمة لمعاقبة المخالفين).

مخطط مديري للتهيئة الحضرية لمدينة كيفه قيد الإنجاز.

ظهور رغبة جديدة لدى السكان المحليين لإصلاح أوضاع محيطهم الحضري والتطلع للأفضل.

سياسة الدولة الهادفة إلى تعزيز اللامركزية وتقوية الأجهزة الجهوية لرقابة المجال الحضري وتنظيمه والسيطرة عليه.

ولاشك أن تلك المكاسب ستوفر مناخا ملائما للإصلاح عن طريق الإسراع فيما يلي:

سن قوانين الإعمار والسهر على تطبيقها ومراعاة خصوصيات هذه المدينة.

تفعيل دور الأجهزة الإدارية المكلفة بالتخطيط والمراقبة، وتوفير الوسائل اللازمة لذلك.

البدء في إنجاز المخططات التفصيلية (مخططات شغل الأراضي بعد إكمال المخطط المديري للتهيئة الحضرية SDAU الجاري إعداده حاليا).

السهر على احترام القوانين والعمل على تطبيقها وتحمل كافة الأطراف الفاعلة مسؤوليتها اتجاه المدينة.

دعم مؤسسي وتشريعي لترقية التنمية المحلية.

2. البعد المجالي والعمراني:

يتوقف تحقيق هذا العبد على انجاز التوصيات المتعلقة بالبعد التشريعي وتعزيز قدرات الهياكل الإدارية والمؤسسية، وهكذا ينبغي إعطاء الأولوية في هذا الإطار لمراجعة أمثلة التهيئة العمرانية وتحيينها، ووضع المخططات التفصيلية والقيام بالدراسات اللازمة والضرورية، ومتابعة نمو المدينة وتوسعها وإعداد خطة دقيقة لإعادة هيكلة الأحياء غير المنتظمة، وإنشاء فعلى المستوى الداخلي، تشهد المدينة نموا سكانيا سريعا فاقت سرعة نسقه معدلات النمو على المستوى الوطني (2.5%) وتوسعا مجاليا مذهلا تجاوز الحدود الطبيعية، مخلفا وراءه نسيجا من الأحياء السكنية المترامية الأطراف والمتداعية، معزولة جغرافيا ومحرومة اقتصاديا واجتماعيا من الخدمات والتجهيزات الحضرية، وإن كانت تلك السمة الغالبة بالنسبة لمختلف أحياء المدينة.

ويمثل نقص التجهيزات والبني التحتية الأساسية إحدى الإشكالات الجوهرية التي تطرح على مستوى هذه المدينة، رغم ما تطلع به من دور وظيفي هام مكنها من تحقيق مستوى من الاندماج الداخلي واستقطاب المجال الداخلي المحلي بفعل وظائفها المختلفة (الإدارية، والخدمية، والتجارية، والإشعائية...).

أما على المستوى الخارجي، فتتنزل مدينة كيفه ضمن منظومة خارجية ذات أبعاد ومستويات مختلفة تتدرج من المستوى الجهوي الذي جعلها في جنوب البلاد، وما في ذلك من خصوصيات العزلة وضعف الاندماج ضمن المنظومة الوطنية، ثم المستوى الوطني باعتبارها تقع ضمن شبكة حضرية وطنية تعاني اختلالا وظيفيا وهيكليا جعل المراكز الثانوية غير قادرة على لعب دورها المحوري، إلى المستوى العالمي الذي تمثل فيه المدينة حلقة هامة لها مسؤولياتها وواجباتها وإن كانت لا تطلع بذلك، مما يجعل في كل الأحوال الخطر محدقا في عصر العولمة والاندماج العالمي. فإلى أي حد ستواجه مدينة كيفه مختلف تلك التحديات؟ وكيف ستستعد لولوج القرن الجديد؟ وما هي آليات ذلك؟ وهل ستنجح في ذلك؟

محاضرة ضمن الفعاليات المخلدة لذكرى المئوية الأولى لمدينة كيفه

إعداد

السالك ولد مولاي ولد أحمد شريف أستاذ بجامعة انواكشوط

باحث في مجال الإسكان والعمران والتهيئة الترابية

2 مشاركة منتدى

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016