الصفحة الأساسية > آراء حرة > سأتولى يوم الزحف الرئاسي

سأتولى يوم الزحف الرئاسي

الخميس 26 نيسان (أبريل) 2012  11:37

منذ سنوات كان حديثنا بأي نقد عن المعارضة كفرا لا مراء فيه لأنها "المعارضة" التي عارضت كل الأنظمة وضحت بمال السلطان وهباته وشرد قادتها وسجن مناضلوها .. كان هذا الأمر كافيا للسكوت عن أخطاء كل معارض.. في مجالسنا كان أحدنا يتحدث عن المعارضة بألف خير عله يخلق الفرق مع أصدقائه من أبناء الأثرياء.. وبالفعل كنا مراهقين معارضين, نستعيض بنظرات الإعجاب من خصومنا لأننا معارضون عن واقعنا المقيت, فنحن فقراء وأبناء فقراء.. لكن في قرارة نفس كل واحد منا لسنا معارضين لأننا لسنا القادة وبالتالي فليس لنا إلا الإقتداء بهم أو على الأقل بمن سبقونا للإيمان الحقيقي بفكرة التغيير, كنا نسايرهم ونقتات من أفكارهم العظيمة ثم فجأة كبرنا وأصبحنا رجالا.

اسمي محمد الأمين، عمري أربعة انقلابات (وحدة قياس الأعمار عندنا هي هذه) عشتها جميعها بحلوها ومرها والحلو يأتي في كل انقلاب مرة واحدة.. خلال هذه السنوات كنت عبدا مطيعا، أخرج من "بيت الحكومة" الذي أقيم فيه، عشرة رؤوس تساق إلى الحظيرة حيث المهرجانات، وحين يسجن أحد القادة يخرج متهور من كل أسرة إلى الشارع غاضبا ليجد نفسه في السجن لأيام قبل أن يكلف والديه فاتورة كبيرة من ثمن الحليب والخبز والسجائر وضعفها من الدموع.. عانى ذوونا ومرضوا لأننا كنا نخرج إلى الشوارع ونرشق رجال الشرطة بالحجارة ونعود في كل مرة بتعيين لأحد المعارضين ودمج له في والأغلبية، وكنا نصبر دائما لأن تهورنا قد يأتي بالسيد ولد داداه أو ولد مولود أو جميل أو مسعود فهؤلاء يستحقون أن نجرب أحدهم لأنهم لم يرضوا بالفتات كثمن يشرون به ثقة الشعب.

مرت السنون التي تمر حتى باللحود سراعا.. تفرق القادة أولا بعد أن سعى بعضهم إلى الالتفاف على الديمقراطية مع العسكر طبعا من أجل الوصول إلى الديمقراطية، ولم يفلح . وجاء بعضهم مصلحا مع السلطان ولم يتمكن من ذلك.. وفي الأخير آلت الأمور إلى أن فقدوا أحد أشرف قادة المعارضة.. سقط مسعود في حبائل الشرك وعلق فلم يستطع الخروج .. لم يساعده من رفاقه السابقين أحد فقد اهتموا بصناعة مسعود أخر... ما سوى القائد من قادة يصنع ببساطة.

تأويلات قادة المعارضة التي تقربوا بموجبها ثم ابتعدوا تبقى اجتهادات في نظري لا تستحق إلا أجرا واحدا وذلك كيل يسير في عهد السوءات والأخطاء والتجديف.

حاول أحد أصدقائي من الأسر الجديدة على المعارضة إفهامي حقيقة مساعي المعارضة التي أعرفها منذ أمد، فأجبته بأن لدى مناضلي أحزاب المعارضة في الداخل ما يقولون في هذا الأمر.. حين أبعدوا لدى مجيء الساسة من رجال ولد الطايع والزعامات التقليدية من أسر مازالت جرائمها ماثلة من استعباد وإقطاع وبيع لممتلكات وأراضي البلد إلى ما لا أحبذ عادة الخوض فيه من أنعم مدوا بها حين كانوا للسلطان طائعين... السابقون في النضال لم يعودوا مقربين بحجة الثقل الانتخابي للوافدين الجدد وهنا اجتهاد آخر لا أمنحه أجرا ولا غيري يقبله من الشرفاء.

في الانقلاب الأخير رفضت عزيز ورفضه معي الكثيرون وعندها تركونا وذهبوا إلى فندق الميريديان المريح وتحايلوا علينا بحسن نية ظنا منهم أن الاتفاق يصب في مصلحة كل واحد منهم.. ومتى انجلى غبار المعركة ليظهر الفارس الفائز خرج المارد من قمقمه: لقد فاز عزيز... بحرف طائر.. لا لا هذه خدعة من خدع أبناء الأغنياء ممن دخلوا أحزاب المعارضة أخيرا.. الأحرف عندنا لا تطير ولا تتحرك... لقد خدعتم الشعب وخدعكم الرجل,. ولم أكتب الفاء السببية حتى لا يقال إن الرجل انتقم للشعب... الحرب سجال وعليكم الانتظار إلى أن تتم السنوات التي منحتموه إياها.. ولن تجلب لكم التغيير المنشود..

لكن في المقابل يمكن لكم الذهاب وترك المكان للشباب لعل فيهم خيرا وقوة تمكنهم من الصبر .. لا تريدون ذلك.. ستثورون على عزيز.. لكم ذلك.. لكن فقط قدموا لنا البوعزيزي هذه المرة من القادة... لقد أصبحنا بحاجة إلى برهان على ثوريتكم بعد دخولكم الأخير في مفاوضات مع العزيز وفي انتخابات مع العزيز وفي أحلام بالفوز مع العزيز... نريد البوعزيزي هذه المرة منكم بعد أن قدم لكم ولد دحود نفسه ومانكام وشاب كنكوصة..لا يكفينا واحد فثقتنا فيكم مهتزة.. نريد خمسة بوعزيزيين من قادة المعارضة ويوم يحترقون.. صدقوني ستثور البلاد بأسرها على ممتصي دماء هذا الشعب, لقد ضحى خمسة بأرواحهم وبقي واحد لننقض عليه.. أما أن نخاطر بذوينا من أجل أمجاد يحصدها الآخرون ويقتسمونها مع الوافدين من كبار المجرمين على أنهار من دمائنا فذلك ما لا نفعله... قال لي أحدهم: أطمئن سنجلس أمام القصر وسيقوم عسكري عاقل بالانقلاب عليه وتسليم السلطة للمدنيين.

مع تحفظي على كلمة المدنيين إذ أن المعارضة جمعت في غلالتها الفاسدين بالصالحين.. مع تحفظي على كلمة المدنيين لا أعتقد أن المسار سيكون بهذه الوردية ولو قدر أن كان ودخل العسكري العاقل في انتخابات مع المعارضة وكانت الغلبة له فماذا سنفعل ساعتها... سنصفه بكل الصفات إلا العقل ونجلس من جديد نستجدي العسكريين العاقلين.. ما هكذا تولد الثورات يا أشراف الأمة.. وما هكذا نرضى أن نموت... نموت حقا ليعيش أبناؤنا أما أن نموت لتأكل البطون التي لا يمكن أن تشبع وتنتظم طبقة على رفاتنا لا يربط بينها إلا طلب السؤدد والمجد وعلو القبيلة والعشيرة والطوطم فذلك ما لن نقبله..

ولا أكتمكم بأنني سأتولى يوم الزحف هذا.. لكنني مستعد لما سواه من زحف يخدم البلد والفقراء والمستضعفين والمحرومين ولا سواه.

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016