الصفحة الأساسية > مقابلات > اعل ولد محمد فال: الشرعية غائبة والجيش خارج السلطة (نص المقابلة)

اعل ولد محمد فال: الشرعية غائبة والجيش خارج السلطة (نص المقابلة)

الثلاثاء 27 آذار (مارس) 2012  10:01

شكلت عودة اعل ولد محمد فال، رئيس الدولة السابق خلال المرحلة الانتقالية 2005/2007، إلى حلبة المشهد السياسي في شهر مارس الجاري، حدثا أثار اهتماما واسعا لدى الرأي العام الوطني.. وفي هذه المقابلة، يشرح الرجل قناعته الحميمة بأن التسيير الأحادي للبلد يدفعه باتجاه مناقض لاتجاه التنمية، و أن الشعب الموريتاني يطمح لتداول السطلة والتناوب على دفتها بطرق ديمقراطية سلمية شفافة في ظل دولة قانون وعدل تمارس حكامة رشيدة تتجاوب مع تطلعات الشعب تحقق آماله في الحرية والكرامة والاستقرار والتقدم.

النص الكامل للمقابلة:

الكلام: منذ انتخابات 2009، ابتعدتم عن واجهة الأحداث السياسية في موريتانيا. لكنكم قررتم، مؤخرا، الخروج عن تحفظكم بمشاركتكم في مسيرة منسقية المعارضة الديمقراطية. هل بدت لكم وضعية البلاد مقلقة إلى درجة أنه لم يعد بإمكانكم الاستمرار في صمتكم؟

لرئيس اعل ولد محمد فال : كان لنا موقف واضح جدا تجاه تمرد 2008 الذي أنهى التجربة الديمقراطية التي كان يعيشها البلد، والتي كانت ثمرة للمرحلة لانتقالية 2005/2007. اعتبرنا أن أي مسار سياسي يهدف إلى زعزعة هذا الوضع، غير مقبول وحتى غير أخلاقي؛ وبالتالي يشكل إهانة لضمائر الموريتانيين. هذا الموقف تم تداوله إعلاميا على نطاق واسع، على المستويين الوطني والدولي. وللأسف، ساهم في عدم تطبيق اتفاق دكار والانتخابات المزورة في 2009، في استمرار تلك الوضعية السيئة. وقد حذرنا ـ في مؤتمرنا الصحفي خلال شهر يوليو 2009، كلا من المجموعة الدولية والمجموعة الوطنية من مخاطر استمرار ذلك التمرد لأنه يمثل انتكاسة ويؤدي لا محالة إلي تفكك الدولة، و زعزعة استقرار البلد ويزرع بذور الصدام اجتماعي؛ باختصار، يؤدي إلي انفجار موريتانيا.. لكن الشعب الموريتاني الخارج لتوه من حصار تسبب فيه تمرد 2008، كان يرغب ـ بأي ثمن ـ في العيش بهدوء وأمان، على صعيد الساحة السياسية. ذلك ما جعل تيارات وطنية مختلفة ترى النور، بعضها كان يسعى للتفاوض بشأن تسوية من شأنها تجنيب البلد السيناريو الذي أشرت إليه أعلاه، والبعض الآخر اختار مواكبة النظام أملا في تهدئة الوضع أو التأثير في مسار الأحداث. لكن مع ذلك لم يسفر أي من الخيارين، ولا يمكن أن يسفر، عن أي نتيجة؛ فالساحة السياسية الوطنية تميل، لا محالة، إلى الرفض المطلق لطريقة الحكم الأحادي المفروضة عليها. وهو رفض بات اليوم جليا، تلقائيا وشاملا. بين 2009 واليوم، ابتعدت نوعا ما عن النشاط السياسي، مع الاستمرار، خلال مختلف اتصالاتي وبالطريقة الأكثر وضوحا، في تأكيد القناعة التي عبرت لكم عنها للتو. أما اليوم وقد اتضح المشهد السياسي وأصبحت غالبية الموريتانيين تعي مستوى الخطر الذي يحدق بالبلد، فقد أصبح من الضروري، ومن الملح، أن ننطلق من جديد حتى نساعد البلد في الخروج من حالة الانسداد التي يتخبط فيها..

الكلام : لقد صرحتم بأن المؤسسات الحالية غير شرعية.. لماذا؟

الرئيس اعل ولد محمد فال : بالفعل.. نحن نعتبر أن المؤسسات الحالية غير شرعية؛ من ناحيتين اثنتين. كل رئاسة للجمهورية تحتاج إلى شرعية أخلاقية وإلى شرعية قانونية: الرئاسة عندنا اليوم فاقدة للشرعيتين معا. من وجهة نظر أخلاقية، تتفقون معي، دون شك، في أن المؤسسة الرئاسية، منبثقة عن تمرد فردي، ضد رئيس منتخب ديمقراطيا بنسبة 53% من أصوات الناخبين الموريتانيين، ولا يمكن أن تدعي أي ذرة من الشرعية، خاصة إذا ما اعتبرنا أنه حين تمت الإطاحة به، كان الرئيس سيدي ولد الشيخ بد لله قد شكل لتوه حكومة توافق وطني، عززت ـ إن كانت هناك حاجة إلى ذلك ـ من شرعيته. أما من الناحية القانونية، فلعلكم تذكرون ما جرى عند إعلان نتائج انتخابات 2009. فقد طلب رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وهي الهيئة الوحيدة المستقلة، وبالتالي لها مصداقية للحكم على الانتخابات وتصديق نتائجها؛ من وزير الداخلية أن يقدم للجنة محاضر عمليات الاقتراع، حتى يتم التحقق منها والبت في طعون مختلف المترشحين. وقد تم تجاهل ذلك الطلب بكل بساطة، وهو ما اضطر رئيس اللجنة إلى الاستقالة من منصبه؛ معلنا ـ في مؤتمر صحفي ـ أن ليس بإمكانه، من الناحية الأخلاقية، تزكية نتائج لم يسمح له بالتأكد من صحتها. أي فرق بين هذه الوضعية وتلك التي عرفتها ساحل العاج مع اغباغبو؟ إضافة إلى وضعية مؤسسة الرئاسة، هناك أيضا وضعية الجمعية الوطنية. الدستور صريح بهذا الشأن؛ إذ تنص مادته 45 على ما يلي: "ينتخب النواب لمدة 5 سنوات، بالاقتراع المباشر". وينص القانون العضوي رقم 028 ـ 91، بتاريخ 7 أكتوبر 1991، من جانبه، على أن "سلطات الجمعية الوطنية تنتهي عند افتتاح الدورة العادية لشهر نوفمبر من السنة الخامسة التي تلي انتخابها" وعلى أن "الانتخابات يجب أن تنظم خلال الستين يوما التي تسبق افتتاح تلك الدورة". من الواضح، إذن، أن أيا من هاتين المؤسستين ليست شرعية وأن البلد يوجد في حالة فراغ قانوني شامل، مع ما يترتب على ذلك من انعكاسات وطنيا ودوليا.

الكلام: وماذا عن التعديلات الدستورية إذن؟

لرئيس اعل ولد محمد فال : إنها بكل بساطة لاغية، بلا أثر، وبالتالي لا يمكن فرضها على الموريتانيين. كيف تريدون لجمعية وطنية بلا أية شرعية ومنتهية المأمورية أن تصدر التشريعات؟ الكلام: ألا ترون أنه لابد مما هو أكثر من مجرد كلمات، لإزاحة سلطة تحظى، مع كل هذا، باعتراف المجتمع الدولي؟ الرئيس اعل ولد محمد فال : أولا اعلموا أن كل عمل بشري يبدأ بكلمات. ما لم يتم تجسيدها والتعبير عنها، تبقى كل فكرة حبيسة عقل من يفكر فيها. أما فيما يخص اعتراف المجتمع الدولي، فهو مهم بالتأكيد، بل مهم جدا، لكنه يظل، إلى حد ما، مرهونا بالشرعية الوطنية؛ وفوق ذلك بالشرعية التي يمنحها الشعب صاحب السيادة؛ وتتطور بتطور تلك الشرعية. ولعلكم رأيتم أمثلة حية على ذلك ضمن الربيع العربي. الكلام: بحسب المعارضة، البلد يعيش أزمة على كافة الأصعدة، تزداد خطورة يوما بعد يوم.. ما هي الحلول التي تقترحونها؟ الرئيس اعل ولد محمد فال : هذا الواقع لا يحتاج للتأكيد، فهو يفرض نفسه اليوم، على جميع الموريتانيين. وقد سبق لي أن تحدثت عن احتماله خلال مؤتمري الصحفي في يوليو 2009؛ كان ذلك منطقيا تماما ولا يحتاج لنبوءة كي نتوقعه. أما بالنسبة للحلول، فهي تمر كلها، أولا، عبر ضرورة عودة النظام الجمهوري، المؤسسات الديمقراطية الشرعية التي تستطيع، وحدها،إعادة بناء تأسيس الدولة على أسس صلبة وقابلة للبقاء.

الكلام : هل تتفقون مع من يقولون إن الحل الوحيد لمشاكلنا يكمن في عودة العسكر إلى ثكناتهم؟ الرئيس اعل ولد محمد فال : سيدي، العسكر عادوا منذ 2007 إلى ثكناتهم ولم يخرجوا منها بعد ذلك. الكلام : في إطار الحديث عن الجيش دائما، أكدتم أنه ليس معنيا بانقلاب 2008. هل لكم أن تنيروا الرأي العام الموريتاني بهذا الخصوص؟ الرئيس اعل ولد محمد فال : هذا صحيح! ما حدث سنة 2008 جرى على مرأى ومسمع من الجميع. تمت إقالة ضابط من وظيفته، من قبل رئيس منتخب شرعيا. وفيما كان مكلفا بضمان أمن هذا الأخير، عمد إلى الخيانة، وقام بانقلاب منفرد، عبر التمرد.. وتعرفون البقية... إنكم تتفقون معي، إذن، على أن الجيش لم يكن ـ بأي حال من الأحوال ـ معنيا بما حدث

الكلام : هل كان لذلك علاقة بالقرارات التي اتخذها، مؤخرا، بعض الضباط، مثل العقيد ولد بوبكر، بالانضمام للمعارضة؟

الرئيس اعل ولد محمد فال : العقيد عبد الرحمن ولد بوبكر، وهو ضابط نزيه وجمهوري، يجسد ـ فعلا ـ عدم تورط الجيش في أحداث 2008. ومعارضته لتمرد 2008 ولما يجري حاليا في البلد، دليلا لا لبس فيه يستدعي وعي كل الموريتانيين مهما كانت وضعيتهم. الكلام: في إطار مواصلة النضال ضد النظام الحالي، في أي إطار سيندرج عملكم؟ هل ستبقون في إطار العمل الحر أم ستعملون مع منسقية المعارضة؟ الرئيس اعل ولد محمد فال : منسقية المعارضة إطار للعمل السياسي، أثبتت جدارتها كشريك ذي مصداقية، وكذا تماسكها وإصرارها على النضال من أجل إخراج موريتانيا من حالة الانسداد الراهنة.. ومحاولة الشيطنة غير المبررة التي تتعرض لها، والتي ترمي إلى تحقيق أهداف دعائية بحتة، لن تؤثر ، بأي حال من لأحوال، على صورتها لدى الموريتانيين. لدي اتصالات منتظمة، ولا أخفي ذلك، مع قادة منسقية المعارضة؛ وأعتزم مواصلتها وتعزيزها، حتى نتمكن، معا، من أن نقدم للموريتانيين بديلا سياسيا ذا مصداقية عن حالة انعدام القانون وغياب الشرعية التي تعم بلدنا. أقول "معا" لأنه ينبغي أن يظهر تيار حضري واسع يقوم على المواطنة، في الساحة السياسية، من أجل تمكين كافة الموريتانيين، أيا كان انتماؤهم السياسي أو مطالبهم، من التوحد حول عمل وطني سلمي، وفرض العودة إلى الشرعية، من خلال إقامة مؤسسات ديمقراطية شرعية.

أجرى الحوار أحمد ولد الشيخ

المصدر : جريدة الكلام + الأمل الجديد

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016