الصفحة الأساسية > آراء حرة > مشاهد من معاناة المواطنين عند الإحصاء

مشاهد من معاناة المواطنين عند الإحصاء

الاثنين 26 آذار (مارس) 2012  00:25

قد يتساءل البعض عن الأهداف المبتغاة من ورا ء الإحصاء فيطرح التساؤلات التالية : هل هو إحصاء وضع حقا من أجل وضع خطة اقتصادية مبنية علي أسس صحيحة ؟ أم هو من أجل إقصاء شريحة بعينها ؟ هل هو وضع من أجل إضفاء مزيد من المعاناة للمواطنين ؟ هل هو وضع من أجل رفع مستوي تدني المعيشي لدي المواطنين وإرهاق العجائز والشيوخ ؟

أم هو أنشأ من أجل التفرج علي المواطنين العادين الذين لا يملكون من يدخلهم من النوافذ والأبواب الأخلفية وهم مصطفون في القمامات و الأوساخ في الطرقات ؟

هذه مجموعة من التساؤلات أرجوك أخي القارئ أن تفكر في الإجابة عليها في مقالات لاحقة . إن ما نشاهده عن مقرات الإحصاء ليندي له الحبين وتتصدع منه الجبال ذلك بأن الموطن ليصاب بالدوران ويغشي عليه قبل أن إلي مذهب مكتب الإحصاء حيث أنه شاهد إخوانه الذين ذهبوا قبله ملتحفين السماء ومفترشين الأرض . فلكي يجد المواطن موطئ قدم في مقدمة الصف ليوم غد لابد أن يحضر الساعة الثالثة مساء ليأخذ موقعه خارج دار الإحصاء فيجلس هناك بين الفضلات وتبول المارة والجيف الملقاة تحت جنح الظلام . ولله إنه لمشهد في الحقيقة تقشعر منه الجلود وتكاد السماء تخر منه هدا . ولقد عشت هذا المشهد بأم عيني وشاهدت أصناف المواطنين وما شد انتباهي هو كونهم من عامة الناس البسطاء والضعفاء والعجزة الذين لا حول لهم ولا قوة . وعندما شاهدت هذا المشهد امتلأ ذهني بالأفكار والخطرات فقلت إن كان حقا هذا الإحصاء ضروري كما تزعم الدولة ووضع من أجل إحصاء المواطنين وتصفيتهم من الوافدين من الدول المجاورة أما كان ينبغي أن يكون بطريقة أكثر ملأمة للمواطن العادي والفقير يا من ترأس الفقراء!فمقاطعتنا من اكبر مقاطعات الوطن تحتوي على مركز واحد لا يتسع لهذا النظام الطبقي الذي أصبح نهج دولتنا.فهو لاشك وضع لأغراض عدة منها فعلا التفرج على المساكين والضعفاء وهم يتزاحمون عند أبواب مقرات الإحصاء،كما أنه أيضا وضع من أجل زيادة الفقر والبطالة حيث أن المواطن يمضي شهرا كاملا بين الذهاب والإياب دون جدوى فهذا المسكين ليس إلا فردا من المجتمع يملك أسرة يعيلها وهو قد شغل عنها بهذا الإحصاء الذي لا يجد له حلا ولا تفكيكا لرموزه الغامضة فهو لا يملك أوراقا أصلا وقد سدت الأبواب والطرق في وجهه وإن لم تكن لديه أسرة فهو علي الأقل يعيل نفسه وأصبح يقطن في الطرقات من دون مجيب .إن دولتنا ورئس الأغنياء يعلمان أن الموريتاني بدوي بالطبع ولا يملك أي وثائق مدنية فيكيف يربط مصيره ومصير أبنائه بترهات لا طائل من ورائها أما كان ينبغي للدولة أن تفكر في أسلوب آخر وطريقة أخرى للإحصاء غير هذه فنأخذ عمرا مثلا أمه تحمل وثائق وعمرها 44 سنة ذهبت إلى الإحصاء فقالوا لها أنت عمرك لا يسمح لك بالإحصاء احضروا ووثائق أباك أحضرت أمها المولودة سنة 1920 وجد أن الأم ليست لديها وثائق فقال لها ارجعي لا سبيل لإحصائك حتى تأتي بوثائق كاملة عاد المسكين بأمه وجدته وبعد مضي شهر كامل أكتشف ان الجدة لديها عقد ازدياد فحملها على مضض لأنها تبلغ من العمر92 سنة فوضعت في الطابور وهي ترتعش وأحفادها يحيطون بها وأخيرا سجلت فجاءت أم عمر الموالية له وأخذت وثائقها وقبل ذلك مضت وقتا طويلا لتأتي بشهادة وفاة والدها الذي لا تعرف متى وأين دفن لأنه توفي قبل ولادتها وأحضرت كل ما لديها وعندما جلست المسكينة أمام آلة التصوير لتأخذ منها صورة لم يتقبلها الجهاز فحاولوا مرات ومرات دون جدوى فقالوا لها اذهبي حتى الصباح ثم عودي لكي تصوري ونتغلب على المشكلة باتت تلك الليلة تعد النجوم في كيفه التي لم تزرها ولا تعرف فيها من يأوهيا فجاءت في الصباح فأدخلوها وحاولوا ولم يتغير شيئا فقالوا لها ربما هو خطأ في رقمك الوطني أو رقم أمك الآن سنرسل رسالة إلى انواكشوط ليصحح،فاتركي رقمك حتى نخبرك ،مر أسبوعا وأسبوعين ولم يتصلوا عليها فاءت مرة أخرى إلى كيفه التي تفضل أن تذهب إلى المقبرة من أن تذهب إليها فلما رأوها قالوا لها يا أماه لم يرد علينا فاذهبي حتى إشعار آخر فذهبت وهذه المسكينة لها أبناء ويعملون وهم لا يفكرون في إحصاءهم ولا إحصاء أبناءهم حتى مشكلة والدهم فهذه عزيزي صورة مبسطة من معانات المواطنين.

ترى ما ذنب هؤلاء ؟ وما هو مصيرهم ؟ وهل هم غير مواطنين هل هم وافدين ؟ وكيف ستحل مشكلتهم ؟. أفارقك مع هذه التساؤلات لتضيفها إلى التي وردت في المقدمة لعلك تجد لها حلا أو من يفكر فيها على الأقل.

الأستاذ/ محمد باكلي

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016