الصفحة الأساسية > آراء حرة > السباق الى النفاق/بدين ولد آمين

السباق الى النفاق/بدين ولد آمين

الثلاثاء 13 آذار (مارس) 2012  06:28

إن النفاق أصبح ظاهرة مشاعة لا يستنكرها أي مستنكر للمنكر . مع أن النفاق ضد الإسلام , فالنفاق ( مصدر) من فعل نافق . والمنافق هو من يكتم خلاف ما يظهر . وله علامات ثلاث . حددها الرسول محمد (ص) هي: أنه إذا حدث كذب , وإذا أتمن خان وإذا وعد أخلف .والمنافق : من ستر الكفر بقلبه وأظهر الإيمان بلسانه .

وعلى الرغم من أن الشعب الموريتاني كافة شعب مسلم ومن ذلك أشتق إسم دولته. ومع ذلك طغت المادة وحبها والتفاني في جمعها والتفاخر والتكاثر بها .

فاصبحت قيمة الإنسان تقدر بقدر مايتملك من وسائل إشباع الحاجات المادية . لقد قتل حب المادة كل المعنويات وقتل كل المبادئ الإسلامية والسياسية وقتل حب المعرفة والسعي من أجلها والتضحية في سبيل الحصول عليها…. وقتل المروءة , والنخوة , والشرف , وقتل الطهارة والنقاوة والصفاء .... وقتل حب المادة الكبرياء وقتل ماء الوجه والعرض .. وقتل كل القيم الإنسانية العالمية في بلادنا. مثلا المناضل السياسي الذي يعتنق مبادئ تدعوا الى الخير والفضيلة والدفاع عن المظلوم وإحقاق الحق والعدالة والمساواة . والصدق في المعاملة والرفع من مستوى الإنسان الإقتصادي والإجتماعي والصحي والعلمي ..... والديمقراطي .

عندما تعرض عليه السلطة الدكتاتورية الفاسدة الحامية للفساد مقايضة مبادئه وشرفه ورفاق دربه .... بوظيفة وامتيازات خاصة .. يرحب بهذا البيع ويستبشر به ويصبح عميلا لتلك السلطة ويستميت في الدفاع عنها مهما كانت ظالمة وطاغية .... فنحن منذ اغتصب العسكر السلطة زرع فينا هذه البذرة والجرثومة الفاسدة فنمت وتكاثرت وسادت ... وهي السباق الى النفاق . فشيوخ القبائل وأئمة المساجد ومشاييخ الطرق الصوفية والزعماء السياسيين ومشاييخ المحاظر وأساتذة الجامعات والثانويات ومعلموا المدارس وربات البيوت وكل الوجهاء في أي شبر من أرضنا يتسابقون إلى النفاق للحاكم العسكري وجهازه الإداري والأمني .... ويتسابقون إلى النفاق بمدحه وذكر كراماته وإنجازاته وفضائله وعدالته وتواضعه ودماثة خلقه ... فإذا أطاح به عسكري آخر أيدوه بنفس الدرجة من النفاق والمحبة والموالاة وأعابوا وسبوا ماكانوا يمدحون ويمجدون بالأمس !!؟ بدون أن تندى جباههم . ويظلون في هذا السباق لهذا الحاكم الجديد حتى يؤلهونه ويقنعونه بأنه إله معصوم وفوق الأخطاء .... حتى يطاح به وهكذا دواليك. وكل ذلك بسبب التهافت على المادة وطغيانها على نفوسنا ... أصبحنا لانميز بين الحق والباطل فمثلا إذا أعلن عن تقديم مساعدة للعجزة والفقراء نسجل جميعا في سجلات العجزة بأننا من هذه الفئة ونثبت ذلك بمستندات رسمية !!. وإذا أعلن عن مساعدة تخص شيوخ المحاظر تسابقنا في حمل ملفات تثبت بأننا شيوخ محاظر وطلبنا من أقاربنا وجيراننا أن يحضروا لنا كتلاميذ حتى يذهب مفتش المحاظر وإذا قدمت مساعدة للمزارعين المتضررين بالجفاف سجلنا أنفسنا في سجل المزارعين المتضررين وجئنا بملفات تثبت ذلك !!.

وإذا مس الجفاف مراعي أي بلد من أرضنا وأعلن عن إغاثته بأعلاف سجلنا أنفسنا أننا من ذلك البلد ومن المنمين به . وجئنا بوثائق تثبت ذلك....هذه الحالة تنطبق على الصيدلة والطب والسياقة والتعليم .. واكتتاب قطع الأرض والمناصب السياسية .... إذا ما شرع إنشاء صيدليات تبيع الدواء لصيادلة مختصين في تركيب الدواء تسابق كل من هب ودب في جلب الدواء وإخراج ملفات ووثائق تمنحه إذن بيع الدواء ... وهكذا شرع الفساد والظلم ونظم وحمته السلطة..... وكانت بداية ذلك بداية إغتصاب العسكر للسلطة وإنشاء تنظيم الهياكل ثم الحزب الجمهوري ثم إنشاء الأحزاب والبلديات وتنظيم المجتمع المدني فاصبح لكل طامع وكذاب ومنافق منظمة من منظمات المجتمع المدني ووثائق تثبت بأنه يترأس شبكة تضم خمسة ملايين منتسب .. أكثر من تعداد الشعب الموريتاني جميعا مع أن تلك المنظمة لايتجاوز عدد منتسبيها الفعليين شخصه هو نفسه ووثائقه المصدقة من السلطة الإدارية !! فانتشرت هذه المنظمات وأصبحت تمتص كل عون أو مشروع أو مادة مخصصة لفئة من المجتمع مهما كانت وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة في شؤون هذه البلاد إلى متى ونحن هكذا ؟؟.

هل تخلينا عن سنة رسولنا محمد (ص) كان زاهدا في الدنيا ومتاعها , كان يؤثر على نفسه ولو كانت به خصاصة , ولم يدخر شيئا لغده. وتوفي ودرعه مرهونة عند يهودي في قوت عياله , كان فراشه خشن وطعامه بسيط , بل لقد عانى من الجوع أكثر من مرة , وكان زهده في اللباس كزهده في الطعام .

فلماذا نتهافت نحن على المادة بهذا الشكل الشائن ونتسابق إلى النفاق من أجل الحصول عليها , إذا كنا فعلا من أمة محمد (ص) فنحن الآن أصبحنا أشد تهافتا على المادة من تهافت الذباب والديدان والهوام على الجيف والفضلات .... مادمنا في هذا السباق إلى النفاق حبا للمادة فلا يمكن أن نتوقع إقامة أي إصلاح ولايمكن إحقاق أي حق أو عدالة ... علينا محاسبة أنفسنا قبل أن يحاسبنا الله .

بدين ولد آمين

أستاذ متقاعد

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016