جنة الدجال !

الاثنين 12 أيار (مايو) 2014  11:50

محمد محمود ولد العتيق

منذ الإنقلاب العسكري بتاريخ 10 يوليو 1978 تتالت على سدة الحكم في الجمهوريـــــــــــة الإسلامية الموريتانية أحكام عسكرية اتخذ كل منها شعارا ظاهره رحمة و إنقاذ و خلاص و عدالة ... و لكن باطنه رغبة جامحة في التسلط و إبراز الذات و التملك و إيثار الأقارب ... كان كل ما تمكن أحد هؤلاء العسكريين التف حوله جمع من المتاجرين بالبشر و الباحثين عن المصالح الخاصة و ثلة من مساكين هذا الشعب - المغلوبين على أنفسهم و المتاجر بهم في سوق المصالح الأنانية من طرف مخضرمين في التزلف و التملق و النفاق اعتادوا استغلال آلام الفقراء و آمالهم في عيش كريم لتحقيق مآرب خاصة من خلال تقديم فتات ما سيحصلون عليه من السلطة القائمة لهؤلاء المغلوبين على أنفسهم كي يقنعوهم بأن ما يرفعه هذا الحاكم الجديد من شعارات وردية سيكون فيه خلاص لهم من الفقر و الظلم و الغبن و الجهل.

لقد ذكرني هذا المشهد الدرامي بقصة الدجال الذي يأتي كأمارة من الأمارات الكبرى للساعة بما يشبه الجنة و النار، و قد ذكر في الحديث بأن ما يتبادر إلى الرائي عند الدجال أنه جنة فهو نار أما ناره فهي جنة و قد ذكر أيضا في الحديث أن خلقا كثيرا سيغترون و يتبعون الدجال فيهلكهم.

إن وجه المقارنة هنا بالنسبة لي جلي فهؤلاء الحكام يأتون إلى هذا الشعب المسكين حاملين معهم من الوعود الفضفاضة ما إن مفاتيحه لتنوء بالعصبة أولى القوة لكن ما إن تفك أقفال تلك الوعود حتى يظهر أنها ليست إلا و عود عرقوب أو هي سراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده سوى تكريس للظلم و الجهل و الغبن الاجتماعي و كل الأمراض الظاهرة و الباطنة التي يعاني منها هذا المجتمع.

و إذا كان المتملقون من هذا الشعب وفق مصالحهم الزمكانية يحاولون أن يجعلوا من كل من يعتلي كرسي الرئاسة المنقذ و المخلص و ناشر العدل و المساواة و القاضي على الفقر و الجهل و الفساد ... فإن لنا الحق نحن الضعفاء و العجزة أن نتساءل و أن نطلب من هؤلاء المتملقين إسعافنا ليس بما لديهم من الأموال العمومية التي احتالوا من أجل الحصول عليها مستغلين في ذلك سذاجة غالبية هذا الشعب و لكن فقط يسعفونا بأجوبة على تساؤلات نراها مشروعة من قبيل:- هل تم القضاء على الفقر في موريتانيا؟ هل تم إصلاح التعليم؟ هل الخدمات الصحية اليوم على ما يرام؟ هل العدالة الاجتماعية متوفرة بما فيه الكفاية؟ هل الأمن مستتب؟ هل في دكاكين أمل في وضعها الحالي و ما يعانيه فيها المواطن المسكين من تعب من أجل الحصول عل كيلو من السكر أو الأرز أو نصف لتر من الزيت حل لمشكلة الفقراء؟ هل سمك ياي بوي - الممجوج من طرف أساطيل الصيد التي تمخر عباب محيطنا منتقية ما لذ و طاب من أسماكه - هو ما يستحقه المواطن الموريتاني الضعيف من ثرواته السمكية الهائلة و المتنوعة؟ هل في بيع الأعلاف المنتهية الصلاحية إغاثة لمنمينا و مواشيهم المهددة بفعل سنوات الجفاف المتتالية؟ هل في إسناد بناء مرافق عمومية إلى مقربين لا يكادون ينتهون من بنائها حتى تبدأ في الاندثار هل في ذلك تشييد لمرافق هذا البلد على أسس متينة و مدروسة؟ وهل ؟ و هل؟ و هل؟ .....

إنني أطرح مجموعة التساؤلات هذه على أولئك الذين طالبوا معاوية ولد الطايع بالبقاء في الحكم مدى الحياة و ها هم يطالبون هنا و هناك محمد ولد عبد العزيز بالترشح لمرة ثانية و ربما ثالثة باذلين في ذلك كل ما يستطيعون و كأن الرئيس ولد عبد العزيز لم يكن ينوي الترشح مما جعل بعضهم يهدد بمحاكمته إذا لم يترشح!

أقول لهؤلاء أنه قد حان لهم أن تصحو ضمائرهم و أن يعودوا إلى رشدهم بعد طول سبات و أن يتركوا هذا الشعب المسكين يختار لنفسه من يراه الأصلح للقيام بالمصالح العامة على الوجه المطلوب.

أقول لهؤلاء أن الكيس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت و العاجز من اتبع نفسه هواها و تمنى على الله الأماني ، أقول لهم أن التاريخ لا يرحم و أن كل واحد سيحاسب على ما قام به و ما ارتكبه من أمور لا تليق في حق هذا الشعب ، أقول لهم أنه إذا كان من يدعون أنهم يدافعون عن حقوق الإنسان لا يدافعون في الغالب إلا عن مصالح خاصة أو فئوية أو طائفية فإن الله جل و علا يدافع عن جميع المظلومين و انه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته فيلتقوا الله و اليحذروا مكره و بطشه.

محمد محمود ولد العتيق

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016