الصفحة الأساسية > الأخبار > رصاصة هزت الجمهورية

رصاصة هزت الجمهورية

الاثنين 23 كانون الثاني (يناير) 2012  11:37

بالأمس القريب كنا دولة ديمقراطية نفتخر على الجميع بأننا حققنا سبقا على كل العرب، كنا نعتز بأننا السباقين لبناء دولة القانون والعدل والمساواة! بالأمس القريب كنا نجاهر بأننا أقوياء في وجه الأزمات، لا تأخذنا في الحق لومة لائم ولا نبتغي غير العدل ووضع حد للتجبر والغطرسة والطغيان، لكن ما إن دوت في الأفق رصاصة غادرة ليلة أمس لتستقر في صدر طفلة عشرينية، حتى تهاوى الحلم الذي كنا نعيش أو على الأصح الذي كان يراد لنا أن نعيش فيه!

لماذا كل هذا الارتباك بسبب حادث حصل أكثر من مرة في مختلف أطراف البلاد ومر من دون أن يثير كبير اهتمام؟ لماذا توضع الطفلة تحت الحراسة حتى عن أهلها؟ لماذا يعتقل بعض المشتبه بهم قبل البعض الآخر؟ لماذا يظهر رسميون في المستشفى سعيا للعب دور وساطة؟ لماذا تتدخل الدولة لاستئجار طائرة تقل المريضة للعلاج في الخارج؟ لماذا تتضاعف تصريحات "المصادر الأمنية" حول براءة أحد المشتبه بهم حتى قبل أن يأخذ التحقيق مجراه؟ ولم "يتكهرب" الجو السياسي بتصريحات تصب الزيت على النار وكأنها تحاول لفت الانتباه عن موضوع محرج؟

كل هذا لأن اسم ابن الرئيس ورد ضمن لائحة المشتبه فيهم، وكأنها أول مرة يرتكب فيها ابن رئيس جريمة أو يتم الاشتباه في ارتكابه لها؟ أو كأن الإجراءات يجب أن تأخذ مجرى آخر حين يتعلق الأمر بأحد أبناء الرئيس؟ أو كأنه من الطبيعي أن تحجم الشرطة عن اعتقال شخص نظرا لأنه تجري في عروقه دماء رئاسية؟ أو يظل القضاء مترددا في لعب دوره الذي أناطته به قوانين الجمهورية تاركا المجال لمختلف التأويلات والشائعات؟ ألا يدل كل ذلك على أن "هشاشة من نوع ما" تطبع التزامنا بالقانون واستعدادنا لتطبيقه من دون تمييز بين المواطنين؟ وإلا فأي معنى لكل هذا الارتباك وكأننا أمام "خطب جلل" يستدعي ترتيبات خاصة ويتطلب تعليمات خاصة؟

هل يمكن أن يخطر في أذهان من يسهرون على تطبيق القانون أن هناك دماء منزهة عن توجيه التهم لأصحابها أو لا تخضع للقوانين التي تطبق على كل الموريتانيين؟ وهل يمكن لرئيس يفكر في أن يعرض نفسه مرة أخرى على المواطنين بحثا عن ثقتهم، أن يستسيغ رمي أبناء مواطنين في غياهب السجون ويضن بابنه عن نفس المصير؟ وكيف يخطر للداعمين والأنصار أن يضعوا في وقت كهذا ولاءاتهم السياسية فوق إيمانهم بالقيم الجمهورية؟

ليس المجال هنا مجال تصفية حسابات سياسية أو من أية طبيعة أخرى كانت ولا هو بالتأكيد مجال الضعف أمام العواطف، لأن الرصاصة حين انطلقت وضعت كل شيء على المحك، بدء من شعور المواطن الموريتاني بكرامته داخل دولة المساواة وانتهاء بمصداقية مؤسستي القضاء ورئاسة الجمهورية. وليس هناك خيار آخر غير أن نثبت أننا دولة مؤسسات تستمد شرعيتها من مواطنين متساوين، أو أننا كيان يسخر بعض أفراده لخدمة بعضهم الآخر!

يمكن للمواطنين تقبل تجارة النفوذ على مستويات دنيا من صنع القرار السياسي أو الاقتصادي، لكن حين يتعلق الأمر برئيس الجمهورية، فعليه أن يختار بين أن يكون أبا لكل المواطنين -وحينها يكون أهلا لتقديرهم واحترامهم- أو أن يكون أبا لأسرته فقط وعندها عليه أن لا يتوقع الكثير من الآخرين. وبالتأكيد حين يوضع رجل الدولة بين خيارات مماثلة، لن يجد صعوبة في التعرف على الخيار الأمثل له ولوطنه.

أقلام

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016