رسالتي هذه اليوم الأربعاء فاتح مايو من عام 2013 بمناسبة العيد الدولي للشغل، وبهذه المناسبة أبعث بهذه الرسالة إلى اخوتي واخواتي العمال وأرباب العمل ، داعياالله تعالى لهم بالتوفيق ، والمعونة والنصر.

أولا: رسالتي إلى العمال :

1ـ إن العمل شرف وكان أفضل الخلق ـ صلوات الله وسلامه عليهم هم الأنبياء والمرسلين ـ كانوا يعملون ويكتسبون من رعي الغنم ومن الحرف كلها ، ولهذا فعلى كل واحد منا أن يجتهد في عمله وهو مرفوع الرأس وعزيز النفس .

ولقد حث الاسلام على العمل يقول الله تبارك وتعالى: (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات انا لا نضيع اجر من أحسن عملا) سورة الكهف الآية 30 وقوله تعالى : (قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا) سورة الكهف الآية 77.

ويقول جل جلاله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرة يره ) سورة الزلزلة الآيتان 7 و8.

ويقول جل جلاله : (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) سورة التوبة الآية 105.

وقد بوب الامام البخاري ـ رحمه الله تعالى ( باب كسب الرجل وعمله بيده ) وروى فيه حديث المقدام رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده ) .

وعلى هذا الأساس فإن العمل هنا لايخص فقط عمل اليد وإنما يعم كل وظيفة من الوظائف التي يقوم بهاالبشر،كما يشمل كل المناصب الادارية والمالية وغيرها .

2ـ أخلاقيات النضال واسترداد الحقوق : تفرض علينا أخلاقيات العمل والنضال أن نجتهد ونخلص في أعمالنا دون أن نحتاج إلى مراقبة قانونية أو ادارية ، وإنما أن نراقب الله في أعمالنا وأن تعمل كأن الله يراك فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهذه هي درجة الاحسان . وعلى هذا الأساس فأنصح العمال أن يطالبوا بحقوقهم بالحسنى ويصبروا على ذلك بالطرق الشرعية والقانونية دون المساس بحقوق الآخرين أو بممتلكات الدولة ، وبعيدا عن التجاذب السياسي ، والنفاق الاجتماعي .

ثانيا : رسالتي إلى أرباب العمل ( من القطاع العام، أو من القطاع الخاص )

1ـ أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)، وفي رواية: (حقه) بدل (أجره) رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.

وهذا يتظمن أمرين: الأمر الأول : حرمة ظُلم الموظف أو العامل بإعطاءه أجرا لايناسب جهده وتعبه، أو بنقص أجرته أو مماطلته فيه، فمن ارتكب شيئا من ذلك فقد ارتكب ظلما عظيما, والله تعالى ذم الظلم والظالمين في كتابه فقال عز وجل: وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (الحج: 71)، كما حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منه، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.. الحديث) رواه مسلم.

الأمر الثاني : حرمة حرمان الأجير أجره ومنعه منه بالكلية فذلك من كبائر الذنوب، وقد حذر الله تعالى من ذلك وجعل آكل حق الأجير خصما له يوم القيامة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره) رواه البخاري.

2ـ مبادىء الاقتصاد الاسلامي تتضمن ضمان تمام الكفاية وليس حد الكفاية الذي تضمنته الماركسية ، ومن أين يأتي المسلم بتمام الكفاية ؟ يأتي بها بواسطة وسائل معلومة طبقت وقت أن كان الاقتصاد الاسلامي هنالك ، ومن تلك الوسائل : العمل : وهذا حديث في غاية الأهمية رواه أحمد في مسنده ورواه أبو داوود تحت باب أرزقا العمال ، فهو يرقى إلى مرتبة الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم ( من ولي لنا عملا وليس له مسكن فليتخذ مسكنا وليس له زوجة فليتخذ زوجة ، وليس له دابة فليتخذ دابة وليس له خادم فليتخذ خادما ) .وهذا يشمل : الموظف في الدولة الاسلامية مثل من يعمل في القطاع العام الآن .

ـ والعامل والخادم أيضا لهما تمام الكفاية : فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال « إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ » رواه البخاري ، وهذا معناه أنك إذا زدت في ساعات العمل فعليك أن تزيد له في الأجر ( أجر زيادة ) (ساعات معوضة ).

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .والسلام عليكم.