الصفحة الأساسية > آراء حرة > على أعتاب السنة الجديدة

على أعتاب السنة الجديدة

السبت 31 كانون الأول (ديسمبر) 2011  13:38

تتسارع الأحداث بشكل لافت وكأن سنة 2011 ترفض الانسحاب قبل أن تترك بصماتها جلية على المشهد الموريتاني! تتحرك القاعدة بسلاسة عبر مئات الكيلومترات داخل بلادنا قبل أن تختطف جنديا من قلب إحدى أهم مدن منطقتنا الشرقية، فيرد الأمن بطرد صحفي مغربي وبإصدار مذكرة اعتقال دولية في حق ولد الشافعي بعد منع أسرته من زيارة موريتانيا.

من جانبها تواصل المعارضة المهرولة مع "الحوار" تحركها شرقا وغربا وجنوبا وشمالا، ل"تبلغ" عن وجود معارضة متطرفة تخطط للثورة وتسعى لإشعال الحرب الأهلية، وبشكل غير مفاجئ تتناغم معها وسائل الإعلام الرسمية لتحيل خطابها إلى وجهة نظر رسمية ولتوصله بطريقتها لجمهورها، ثم يخرج الحزب الحاكم ببدعة جديدة ليكيل الاتهامات لمؤسسات صحفية مستقلة وليقدم دروسا في أخلاق المهنة ويوزع التهديدات يمينا وشمالا!

ومن جهتها لم تشعر السلطة بأدنى حرج وهي تتقدم إلى البرلمان بمشروع نظامها الانتخابي الجديد من دون أن تتوخى حصول إجماع حوله، وكأنها صدقت فعلا أنه جاء ثمرة حوار وطني جامع وليس عبر مونولوج ظلت خلاله تعطس وتشمت نفسها! أو كأنها تتناسى أن المطلوب هو جدول أعمال لإجراء الانتخابات بعد أن تجاهلت آجالها الدستورية! ثم لا تجد المعارضة ما تفعله غير مضاعفة الاجتماعات والتصريحات والمهرجانات!

أما "موريتانيا الأعماق" فلم تترك لشبح جفاف ماحق يهدد نصف سكانها وثروتها الحيوانية والنباتية فحسب، وإنما تركت أيضا تحت رحمة العطش وألسنة نيران أسعار متصاعدة من كل سلعة لا تهدأ قليلا حتى يشعلها مجددا لهب محروقات لا يضاهيها في التحايل على المستهلك سوى ما تقوم به إدارة حمايته من حين لآخر من حركات استعراضية لا تردع غشا ولا تضمن جودة ولا تراقب سعرا!

وضمن هذه الأجواء تتوالد أحزاب السلطة ويكثر ضجيج الصفقات الضخمة الممنوحة بالتراضي وتتكالب شركات المعادن لتبتلع مناجم البلاد وأراضيها الزراعية بل ومقابرها، حاملة معها دمارا بيئيا لا يبرره حجم مشاركتها في ميزانية الدولة! وبالموازاة مع ذلك يضايق الحقوقيون وتقمع الحركات الشبابية الحالمة بغد أفضل ويستخدم الإعلام الرسمي كوسيلة لتكريس عبادة الفرد ولتصفية الحسابات مع الخصوم ولتحويل الإخفاقات الجلية إلى انتصارات كاسحة!

هكذا يبدو المشهد الوطني على أعتاب سنة جديدة وهو مأزوم أكثر من أي وقت مضى! والغريب في الأمر أنه كلما تفاقمت الأزمة كلما أصرت السلطة على تجاهلها والمكابرة بشأنها لأنها لا تريد أن تفهم سوى "حقيقة واحدة" وهي أنها سبقت عصرها وأنجزت ثورتها قبل الربيع العربي بل وكانت مفجرة ذلك الربيع وملهمته بامتياز! وهي لذلك لن تفهم أن شرعية الانجاز هي ما يمنح الشرعية الثورية –وحتى الانتخابية- ألقها وبريقها لأنه لا أحد يعشق الثورة لذاتها ولأن الظروف أكثر قساوة من أن تسمح بترف تصديق الثوري لمجرد أنه ادعى الثورية!

فهل يسير النظام الحالي إذا على نهج سلفه ولد الطايع الذي ظل مقتنعا حتى آخر لحظاته بأنه أول من أرسى نظاما ديمقراطيا في المنطقة، وأنه خلق وحده ليحكم وليتحكم على طريقته؟ أم أن من شهد نهاية ولد الطايع –أحرى من كان فاعلا فيها- لا يمكن لفطنته أن تخطئ ما يعتمل من جمر تحت الرماد وما يتجمع في الأفق من عواصف قد لا تترك له الكثير من الخيارات إن هي هبت على حين غفلة منه؟

اقلام حرة

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016