كان يحز في نفسه اعتماد هذه البلاد في غذائها على ما وراء الحدود، وحين كان يرى قوافل شاحنات الخضروات تدخل من دول الجوار،تعتمل في خواطره أسئلة كثيرة حول أسباب الإخفاق، وكيف نرضى انتظار أمهاتنا لطعام الغير؟

هناك قرر رجل الأعمال الشاب أحمد ولد الحسين خوض المغامرة والتضحية بالمال والوقت بغية رفع التحدي والقضاء على عادة التطفل والاعتماد على الخارج!

بدأ العمل منذ ثلاث سنوات على ثلاث جبهات؛ الأولى في زراعة الخضروات والثانية لزراعة أعلاف المواشي وأما الثالثة فهي إصلاح واحة النخيل؛ وذلك من خلال إنشاء تعاونية " التوفيق" التي انصهر فيها عدد من المزارعين.

فتم انتقاء المعدات اللازمة من ماكنات وأنظمة ري،وحفرت بئر ارتوازية جهزت بأدوات الطاقة الشمسية.

فضل لذلك المشروع الثلاثي أرضه في وادي "بوكرفه" في بلدية أويد اجريد بمقاطعة كرو؛ وهناك اختار مجموعة العمال فتمت تهيئة الأرض وجمع السماد الطبيعي وأخذت المبيدات.

على صعيد الخضروات تمت زراعة العينات الشائعة؛ كثيرة الاستهلاك من طماطم وجزر وبصل ونعناع ولفائف وغيرها؛ ثم جربت أشجار مثمرة مثل"الماندرين، والمانغو، الرمان ، صانغوما، ولرفاكا وغيرها.

وبالنسبة للأعلاف فقد كانت نتائجها جيدة فتمت زراعة عدة أصناف منها: بادانكول، أنيبفووراج، البونكام، لبلوبانيك، وكذلك الفصه.

هذه المنتوجات الواعدة يقول صاحب المشروع السيد أحمد ولد الحسين باتت واعدة فالتربة خصبة والعمال متحمسين غير أن مشكل توفير الكفاية من مياه الري لازال قائما، وهنا حرص ولد الحسين باسمه الخاص ونيابة عن رابطة التسيير التشاركي لواحة بوكرفه واتحاد تطوير الزراعة والتنمية على تقديم تشكراته العميقة لمشروع الواحات الذي دفع بفنيين لزيارة الواحة، وقدم وحدتين من الطاقة الشمسية لمزارعي الوادي بالإضافة إلى الإرشاد، ووعد تعاونية التوفيق بحفر ارتوازي وهو ما سيذلل الصعاب ويسمح بانطلاقة حقيقية،لذلك طالب بتسريع ذلك العمل؛ كذلك شكر المندوب الجهوي للزراعة الذي صادف إعدادنا لهذا التقرير قيامه بزيارة لهذه التجربة التي نالت إعجابه.

ولد الحسين قال إن سكان هذا الوادي من المزارعين والمنمين قد هجروا الوادي خلال العقدين الماضيين وكان السبب الرئيسي هو شح المياه فماتت الواحات واستحالت الزراعة المروية!

واليوم فإننا نحاول بعث الحياة مجددا ومساعدة من بقى من هؤلاء على الصمود وتوفير فرض للعمل حيث تمكننا من تشغيل حوالي 20 عاملا في هذا المشروع؛ مضيفا أنه يجب علينا الرجوع إلى الأرض مجددا فلا مستقبل لهذه البلاد دون الاكتفاء في مجال الغذاء.

وفي هذا الصدد لخص مشاكل المزارعين في هذا الوادي الكبير في المياه والسياج وتوفير معدات عصرية، وناشد مشروعي PROGRE و PRODEFI التدخل في هذا الوادي.

وأضاف أنه يجب على السلطات الجهوية بولاية لعصابه إرسال بعثات للتأكد من المقدرات الزراعية والتنموية الكبيرة لهذه المنطقة و القيام بحلحلة مشاكل المواطنين حتى يتمكنوا من أخذ زمام الأمور.

الوكالة أيضا قابلت المزارع محمد الأمين ولد تيتو عضو تعاونية التوفيق فأهاب بالسلطات أن تلتفت إلى هذا الوادي وقال إنه يحتوى على مياه جوفية كافية لقيام زراعة واسعة غير أن فقر المزارعين يحول دون استغلالها ،وطالب الدولة بتوفير هذه المياه؛ وفي ذات المنحى ذهب المزارع الننه ولد سيدي محمد الذي وجه طلبا واحد للحكومة مفاده المياه متعهدا بتفجير ثورة زراعية.

سيدي محمد ولد أسويداحمد وخدجة بنت احمد وغيرهم من مزارعي الوادي وأعضاء تعاونية التوفيق لا يريدون من الدولة أكثر من الماء وبعض المعدات العصرية.

ليس وادي بوكرفه منكبا للزراعة و منتجعا للمواشي فحسب فقد حباه الله بتناقض طبيعي ساحر؛ حيث تنحدر البطاح من سفوح الجبال التي تتزين بالأهلة الرملية الذهبية وتتدلى أكمام النخيل في تناغم عجيب مع تلك اللوحة الجميلة مما يجتذب السياح والمتزهين الذي يفدون إلى هناك من جميع أرجاء الولاية في موسم القيطنة وأيام الخريف للاستمتاع بالمناظر الخلابة ، وأكل ما طاب من رطب ومشوي وشرب اللبن الطازج من محالب ساخنة.

سكان الوادي مشغوفون به، يقاومون ضربات الجفاف ؛وتخلي الدولة عنهم ؛ وهم اليوم يحدوهم الأمل مع نظام الحكم الجديد حتى يخفف من المعاناة، ويذلل بعض الصعاب كي يقدر الناس على لملمة أشيائهم مجددا، والنهوض من الكبوة ؛ ويومئذ سيلعب "بوكرفه" دروه كاملا في تنمية البلاد وازدهارها ؛ وسوف يأكل الناس مما يزرعون.