يعمل المزارعون بولاية لعصابه في ظروف مضنية مصممين على حراثة حقولهم صامدين في وجه تحديات كبيرة ، حيث لا يمتلكون الأراضي التي يستغلونها في أكثر الأحيان، وتطرح لهم بشكل حاد مشكلة حصر المياه نظرا لضعف وهشاشة السدود التي هي في معظمها رملية ؛ بنيت بأيديهم إضافة إلى افتقارهم إلى وسائل حماية المزارع ومزاولتهم لأعمالهم بأدوات العصور الحجرية ورغم تلك المصاعب كلها فإن إرادتهم قوية وتشبثهم بهذه الحرفة الشريفة المعطاء يتواصل مع كثرة وتنوع المثبطات.

وكالة كيفه للأنباء زارت في وقت سابق سد أهل رمظان قرب "واد الملكه " على بعد 40 كلم شرقي مدينة كيفه حيث التقت بالمزارع سيدي ولد رمظان الذي تحدث عن الظروف الصعبة التي يعمل فيها هؤلاء الفلاحون ، حيث تبادلت بعثتنا الحديث مع المزارع على مائدة قام مضيفنا بتحضيرها على عجل ، حيث لا تترك المواشي التي تقترب من الحقل صاحبنا يطمئن إلى الجلوس معنا.

  يقول المزارع سيدي :

لقد بدأنا استغلال هذا السد منذ خريف 1984 بعد أن بنيناه بسواعدنا وهو نظرا لكونه من الطين والرمل لا يكاد يصمد سنة حتى تجرفه السيول في السنة التالية ثم نقوم بإصلاح أعطابه وهكذا وانتم تشاهدونه الآن وقد تهدم خلال السنة الماضية فزرعنا ما تيسر من أرض.

  وما هي أنواع الحبوب التي تزرعون؟

  تربة سدنا غنية بشكل كبير حتى النخيل ها هي بعض أشجاره فضلا عن تقليت وآدلكان والذرة وأنواع الكوز وسانغومه وكذلك الفستق. كل شيء هنا يمكن أن يحرث وما ينقصنا فقط هو القدرة والوسائل.

  وهل سبق أن وجهت لكم السلطات العمومية مساعدات أو دعم ؟

  على الإطلاق. لا لم نجد من الحكومة أي شيء وقبل زيارتكم هذه كنا نظن أننا ننتمي إلى كوكب آخر!

  و ماذا تفعلون بالمحاصيل ؟

  المحاصيل يتفاوت كمها حسب انحصار الماء بالسد فخلال السنوات التي يصمد فيها السد تكون وافرة فنأكل ونبيع وندخر أما في حالة انهيار السد فيكون الوضع كما ترى لا نريد فقط أن نستسلم للجوع.

  وما هو مصدر الشراب للمزارعين بهذا السد؟

  الآن نشرب مياه المستنقعات وعند شحها نحفر ما نسميه "بالحسيان"

  مشاكلكم الأساسية ما هي ؟

  المشكلة الكبرى لدينا هي حماية الحقل حيث لا يمكننا إقامة حظيرة فالحكومة تحرم قطع الأشجار دون تقديم أي بديل وقد تم تغريمنا خلال العام الماضي ب 30 ألف أوقية بسبب قطع بضعة أغصان ومشكلتنا الثانية تتعلق بالسد حيث لا يبنى إلا بسواعدنا فقط وقد تكسر منذ إنشائه عشرات المرات. أسمعوا والله لو تمكنا من الحصول على ربع ساعة في هذا السد من عمل جرافة لأكتفينا في مجال الحبوب ولكفينا آخرين ولا يفوت علينا أن الدولة توجه الجرافات والسياج والاسمنت والمواد الغذائية إلى سدود لا توجد لها أية مردودية بل لا يملكها مزارعون هي فقط في أذهان متنفذين وأطر ووجهاء!

  هل لديك ما تريد قوله للحكومة الموريتانية ورئيسها؟

نسمع أن الرئيس يريد الإصلاح ويهتم بالمهمشين ونحن معشر الفلاحين بهذه المناطق لم نجد لذلك معنى فمنذ الإستقلال ونحن نعمل في نفس الظروف المضنية وبذات الوسائل والأدوات التي عمل بها أجدادنا ولم يسبق أن وجدنا ذرة واحدة من دعم مادي أو معنوي .

أريد أيضا أن يعلم هذا الرئيس أن الضعفاء في بلدية الملكه لم يذوقوا طعم مخزون دكان أمل فعند كل مرة نأتي إليه يقال لنا لقد نفدت المواد وسوف تأتي قريبا فإذا أتت أخرجت للأقربين والميسورين وبيع ما بقي منها في كيفه .

ثم يستغرق الفلاح سيدي ولد رمظان في الكلام و هو يغتنم فرصة يبدو أنه لا يراها تتكرر ويقول :

قولوا للرئيس أننا مع ما نعانيه من إهمال ونسيان نبقى منغرسين في جبال وأودية هذه الأرض آملين في أن يطل فجر يوم أفضل، وإنه مع عزلتنا وأميتنا نعرف أن ثروات بلادنا كثيرة ويمكن أن تغني الجميع لكنها تهدر في غياب تام للعدالة.

إن نصيبنا من هذه الثروات هو الحرمان والبقاء على الهامش ولكن شعور الفلاحين والضعفاء بالغبن والظلم الممارس عليهم هو وقود هؤلاء إلى إنهاء زمن الإقطاع والإقصاء والاستغلال!

  يتدخل مزارع ويقاطع زميله سيدي : إن من يريد المساعدة من الحكومة لا ينبغي أن ينتقدها

  فيجيب سيدي طبعا نحن في أمس الحاجة إلى المساعدة لكن ذلك لن يدفعنا إلى قول الكذب والوقوع في النفاق .

صاحت زوجة سيدي: الماعز دخل الحقل من الشمال فهرع صاحبنا لطرده وأبطأ في الرجوع .

هناك لملمنا أوراقنا وعدنا أدراجنا و ليكن الله في عون المزارع سيدي.

من ارشيف وكالة كيفه للأنباء