لقد طالعت مقالا للأخ محمد المختار ولد محمد ، والذي يبدو أنه جاء كرد علي مقال سابق للسيد محمذن ولد الزحاف الذي عنون مقاله ب " محرقة الرياض الدروس العبرة " أو هكذا . وبعد قراءتي لمقال الأخ ولد محمد تبادرت إلي ذهني مجموعة من الملاحظات ، وهي بلا شك سوف ترد علي بال وذهن كل من قرأ أو طالع المقال بكل تجرد ومنطقية وواقعية بعيدا عن العاطفة و التحامل علي الآخر . وانطلاقا من هذا فإنني سأ سطر ملاحظاتي البسيطة ، والتي لا أريد من خلالها الدخول أو الخوض في سجال لا طائل من ورائه ولا فائدة فيه . كما ارجو أن يتسع صدر أخي لما سأ قوله . - الملاحظة الأولي : يبدو أن الأخ ولد محمد معترض علي ما يدعيه او يسميه اليوم بحرية التعبير و حرية الفضاء السمعي البصري ، وهو لعمري اعتراض لم يكن له محل من الإعراب أي أنه لم يكن له ما يبرره ويجعله يرد هنا ، فلولا حرية التعبير لما كتب هو ما كتب ، ثم إن حرية التعبير لم يعد اليوم في القرن الواحد والعشرين ممكنا منعها ولا صد اصحابها عن التعبير عن ما يختلج في نفوسهم من افكار وآراء . كما أنها مجال رحب للتبادل الأفكار والرؤي بين مختلف الناس بغض النظر عن اختلافاتهم وتباين مشاربهم ومقارعة الحجة بالحجة . - الملاحظة الثانية : إن الإسلام دين شامل ولكل الناس وليس لأحد دون الآخر ولا يمكن لأي شخص أن يستأثر به دون غيره من الناس ولو كان الأمر كذلك لما وصل إليك ، فقد بعث الله النبي صلي الله عليه وسلم بشيرا ونذير إلي كافة الخلق وداعيا إلي الله بإذنه ورحمة للبشرية جمعا ، وقد وجد ضعفاء والمستضعفون من الناس الرحمة والعدل والحق والمساواة في الإسلام وفي الرسول صلي الله عليه وسلم . فقد وجد عليه الصلاة والسلام امامه مجتمعا جاهليا تمارس فيه كل العادات الاجتماعية المتجذرة فيه وقد قضي عليه الصلاة والسلام علي كل تلك العادات والممارسات التي كانت سائدة قبله بما فيها العبودية ،. واصبح معيار الأفضلية في الإسلام هو التقوي قال تعالي : ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) واتفق اغلب المفسرين علي أن الذكر والأنثي هما آدم وحواء ، فكلنا لآدم ، وآدم من تراب . اما حبل الله المتين فهو القرآن الكريم الذي انزله علي رسوله ، ليس الكتب الفقهية كما ذكرت فهذه الكتب ليست إلا نتاج عمل بشري يأخذ منه ويرد ، يصيب صاحبه ويخطأ . وقد رأينا كيف عمل رسول الله صلي الله عليه وسلم علي المآخاة بين المسلمين ونشر الرحمة والعدل والمساواة ولا داع هنا إلي تذكيرك بمجموعة مواقف حدثت ( مثل تزويجه عليه الصلاة والسلام لأبنت عمته لأسامة بن زيد - وقوله للصحابي الذي عير بلال بأمه انك أمر فيك جاهلية ...... الخ) .
 الملاحظة الثالثة : هي أن العبيد أو الحراطيين كما يحلو للبعض ان يسميهم لم يعدوا عبيد أمس ولا حراطيين السبعينات والثمانينات ولا حتي التسعينات ، فهناك وعي متنام بفضل الله داخل هذه الشريحة . واصبحوا اكثر وعيا وإدراكا لحقوقهم من أي وقت مضي . ولم يعد هناك مجال ولا حتي متسع من الوقت لبقائهم في مؤخرة الركب والتقدم والتطور ، ولم يعدوا راضين بفتات الموائد .
 الملاحظة الرابعة : ليست الإساءة إلي الآخرين ووصفهم بكل الأوصاف والنعوت حلا لأي مشكل . بل إن ما وصفته بالجرم الذي ارتكبه بيرام وهو حرق كتب فقهية اصحابها يخطؤون ويصيبون كغيرهم من بني آدم ، ولو كانوا مالك اليوم بيننا لأفتي بعدم جواز أو شرعية العبودية التي تدافع عنها اليوم ويدافع عنها كثيرون , هذا علما أنها لا أصل لها في الشرع في موريتانيا وليس لها وجه حق وإنما ما تم منها بسبب الظلم والقهر والطغيان . فهل تنكر أن غالبية العبيد او الحراطين كلهم من أصول زنجية إذا لم يكن معظمهم فقلما تجد أسرة منهم إلا ولها جد أو جدة من اصول زنجية تم اختطافهم من قري هم من دول الجوار وبعد ذلك يتم تداولهم بين الأفراد إما عن طريق البيع أو الإهداء ...أو ..... . وهل يمكن ان تنكر أن هناك من يتاجرون بالعبيد ممن قد تتعرفهم أو لا تعرفهم ، فهم موجودون ومستور امرهم من خلال بيعهم للخليجين وقد اشتري بأثمانهم الدور الفاخرة - والسيارات الفارهة ومئات رؤوس الاغنام والابقار والإبل وكأنه يفتخر ببيع ملك اليمين , وهم الآن يفتخرون بملكهم لهم ، وأن من اتهمتهم ويتهمهم آخرون بالمتاجرة بالعبودية لم يقدم دليل واحد علي نتيجة هذا البيع وهذه التجارة فهل رأيتهم يمتلكون الدور والشقق الفاخرة داخل البلاد أو خارجها أو هل لديهم أرصدت بنكية داخليا أو خارجيا ؟ أفدنا جازاك الله خيرا . هل يمكن ان تنكر أن موريتانيا تعد الوحيدة في العالم في ممارسة العبودية والتستر علي ممارسيها وحمايتهم وعدم تطبيق القانون بحقهم .
 الملاحظة الخامس : أن مشكلة العبودية أصبح معترف به من قبل الدولة وذلك بعد أن تضمن الدستور بأنه ممارسة محرمة ، وقد صادق البرلمان أمس علي قانون معاقبة جرائم الإسترقاق باعتبارها جرائم لا تسقط بالتقادم - وهو قانون بلا شك لن يعجبك ولا امثالك من الذين يشكلون حجر عثرة في وجه تقدم البلاد بسبب افكارهم المتخلفة - كان حريا بك أن تدعو اخوك في الله وفي الإسلام وتدعو الجميع إلي نقاش وحوار بناء وأخوي يتبادل فيه الكل الآراء حول المشكلة . والله من وراء القصد وبه التوفيق عبد الله الناجي