الصفحة الأساسية > الأخبار > حوار صامت بين المنسقية والجنرالات

حوار صامت بين المنسقية والجنرالات

الاثنين 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012  00:07

شوهد اليوم جنرالات "المجلس الأمني" وهم يتوافدون على مبنى الوزارة الأولى. ويبدو أنهم قد يكونون اتخذوا الاحتياطات الضرورية حتى لا يمر اجتماعهم بالوزير الأول من دون علم الرأي العام بعكس لقاءاتهم السابقة التي كانت تتم في هدوء وبعيدا عن أعين المراقبين.

ولأن هذا الاجتماع يأتي أياما قليلة قبل مسيرة تعتزم منسقية أحزاب المعارضة تنظيمها وسط حديث عن احتمال دخولها في اعتصام للحصول على جواب لسؤالها المتعلق بمن يحكم البلاد، فقد تم الربط بسرعة بين الحدثين على اعتبار أن الجنرالات يرغبون في تدارس سبل التعامل مع تظاهرة المعارضة، ويودون معرفة رأي معالي الوزير الأول فيها.

والواقع أن المعارضة سبق وتظاهرت وتم التعامل مع تظاهراتها من دون الحاجة لعقد اجتماع مماثل يضطر فيه الجنرالات "إلى النزول" لمستوى طلب مباركة الوزير الأول لخطتهم الأمنية! فما الذي استجد إذا لانتزاع مثل هذا التنازل؟

تجدر الاشارة على أن الحديث عن احتمال دخول المعارضة في اعتصام، قد لا يكون أكثر من "تسميم"، نظرا لأنه لا يتناسب مع سياستها الجديدة الباحثة عن خفض منسوب التوتر والسعي للوصول إلى إجماع وطني. وبالتالي فليس هناك ما يدعو لاستنفار أمني استثنائي يفرض على الجنرالات البحث عن "إجماع مؤسساتي" حول اتجاهات مفترضة لدى المعارضة للاستخدام "العنيف" للشارع في الصراع السياسي الدائر.

كما تجدر الاشارة إلى أنه لو لم يكن اجتماع اليوم يمثل رسالة يراد لها أن تصل المعارضة، لتم بالطرق المعهودة أو على الأقل لانعقد بعيدا عن أعين المراقبين، خصوصا وأنه يأتي في وقت يوجد فيه الوزير الأول في "عين إعصار" لا يعرف إلى أين سيوصله. فما الذي يعنيه أن يترأس الوزير الأول اجتماع المجلس الأعلى للأمن؟

يتعلق الأمر هنا بإحدى أخص صلاحيات الرئيس التي ينظر إلى التنازل عنها -تحت أي ظرف- على أنه تنازل عن أهم ما لديه، وهو ما يعني أن الجنرالات قرروا استخدام إحدى أخطر أوراقهم لتوصيل رسالة صريحة لغرمائهم في منسقية المعارضة! وكأنهم يقولون لها بعبارة أخرى "إنظري إلى فخامة الوزير الأول إنه يترأس مجلس الأمن، وبالتالي فإنه هو من "يحكم البلاد"!

منطق غريب بالفعل، لكن "من يحكمون البلاد" سبق واستخدموه –في حوارهم الصامت مع المنسقية- أكثر من مرة خلال الأزمة الراهنة: مرة حين طالبت المنسقية بالكشف عن أسباب الحادث الذي تعرض له الرئيس، فتم السماح للملازم ولد أحيمد بالظهور على وسائل الاعلام للاعتراف بمسؤوليته عن الحادث. ومرة حين أعلنت المنسقية عن عزمها تنظيم مهرجانها الأول، فقاموا بالسماح للوزير الأول بترؤس مراسم صلاة العيد وقاموا بتوفير "حراسة رئاسية" له!

قد تكون مشكلة الجنرالات أن طريقتهم في التعبير تمتاز ببعض الغرابة، إذ لا أحد مستعد لتصديق أن "دردشة" حول طاولة شاي يمكن أن تؤخذ على محمل الجد كبرهان على أن الوزير الأول أصبح "يحكم البلاد"! ذلك أن السؤال المطروح قد يكون مراوغا أكثر من إجاباتهم: فحين يتساءل الرأي العام عن من يحكم البلاد، إنما يتساءل بطريقة أخرى عن من يحكم ملف الرئيس الصحي ويمنعه من الوصول إلى الجهات التي يخولها القانون الاطلاع عليه؟ ولأي غرض يقوم بذلك؟

ربما يفوت على الجنرالات أن "تفويضهم" صلاحيات الرئيس للوزير الأول يمكن أن يكون اعترافا منهم بأنهم من يحكمون البلاد، غير أنه لا يضفي أي شرعية على الوزير الأول لأن التفويض من صلاحيات الرئيس ولا يمكن أن يكون شرعيا إلا حين يتم وفق الاجراءات والضوابط القانونية السليمة، كما أنه تمكن قراءة هذا التفويض أيضا –وهنا مكمن الخطورة- على أنه اعتراف منهم بأن الرئيس عاجز حتى تفويض صلاحياته!

وأكثر من ذلك فإن كون الوزير الأول هو من "يحكم البلاد" لا يعتبر حلا للإشكالية المطروحة المتعلقة بمصير رئيس الجمهورية وبتغييب القانون في التعامل مع الحالة الصحية له. وقد لا يكون من الحصافة في شيء أن يستمر "من يحكمون البلاد" في العزف على أوتار خارج النسق مع لاعبين قد لا يكونون مستعدين للإنصات إلى ما لا نهاية.

اقلام

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016