الصفحة الأساسية > آراء حرة > وكلمنى الرئيس..!!/حبيب الله ولد أحمد

وكلمنى الرئيس..!!/حبيب الله ولد أحمد

الاثنين 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012  00:42

أظن بأن الساعة كانت بين الثالثة والرابعة فجرا من صباح اليوم، أو الأمس، (أوغدا).. لا أتذكر تلك التفاصيل بشكل دقيق..المهم أنني استيقظت في ذلك التوقيت على رنين هاتفي المحمول…لم يزعجني، وإن كان كل من يسمعون رنينه يصفونه عادة بالمزعج حد القرف، ربما تعودت عليه، ثم إنني – كمعظم المواطنين الموريتانيين – لا أنام نوما ثقيلا لكثرة الهموم والآلام، والمشاكل اليومية، إن هو إلا نوم “الأرنب” (يقولون إنها تنام نصف مستيقظة وتبقى على عينيها نصف مفتوحتين تحسبا لأي طارئ).

رفعت الهاتف، جاءني صوت صعقت عندما تعرفت عليه، إنه صوت الرئيس محمد ولد عبد العزيز،إنه هو ليس بشحمه ولحمه هذه المرة، ولكن بصوته ونبرته المعهودة والتي تعودت سماعها في الإذاعة والتلفزة و(جريدة الشعب)..!! تصببت عرقا، فهذه أهم وأكبر شخصية تهاتفنى في حياتي كلها، وأنا الذي لم أسمع يوما على هاتفي صوت وزير، أو أمين عام، أو حتى بواب في إحدى الإدارات الحكومية..!!

” حبيب الله كيف حالك؟”…رئيس الجمهورية يخاطبني باسمي..ارتعشت قليلا، ولا لوم علي فالموقف عصيب حقا. “مرحبا سيادة الرئيس والحمد لله على السلامة”

قلتها مرتبكا، وأنا ارتقى مرتقى صعبا، ولكم أن تتصوروا حجم ارتباكي لو كان الموقف وجها لوجه مع صاحب الفخامة، ومع “الذات الرئاسية”..!!

” كيف تسير الأمور؟”

بادرت بالإجابة:

“سيدي الرئيس الأمور بخير، والبلد هادئ ولله الحمد، تنقصنا فقط صحة أخباركم، فالشائعات حطمت أدمغتنا وأربكت حياتنا، لا نعرف شيئا عن وضعيتكم الحالية، ولا حتى عن الطريقة التي أصبتم بها، نحن نهدهد على “أرجوحة” طرفها يتحدث عن عودتكم غدا أو قبله، وطرفها الآخر يتحدث عن بقائكم هناك شهرا أو يزيد “

جاءني صوت الرئيس، الذي ليس من صلاحياتي أن أقول لكم هل كان قويا أم متقطعا..

“أنا بخير، وأتماثل للشفاء، وكما تعلم فقد هاتفت مسعود، وأبا المعالي، وبيجل، وطمأنتهم على وضعيتي..والآن تسمع صوتي مباشرة، و لك أن تحكم على وضعيتي من خلاله إن شئت”

قلت له:”أعرف ذلك صاحب الفخامة، ولكن يوجد ثلاثة ملايين موريتاني بحاجة لمعرفة وضعيتكم، ولا ينوب عنهم رجلان أو ثلاثة أو حتى عشرة، إنهم متشوقون للقائكم، أو على الأقل الاطمئنان عليكم، فأنتم رئيس، وتقريبا حياة الدولة الرسمية متوقفة منذ إصابتكم، وباستثناء رحلات استجمام في الداخل لبعض الوزراء فلا أثر لأي نشاط حكومي، حتى وسائل الإعلام الرسمية توقفت عن الحديث عن نشاطاتكم، وبرقياتكم، ومهاتفاتكم، فلا ذكر لكم على شريط أخبار التلفزة، ولا على رئيسية الشعب، وموقع الوكالة أهمل ذكركم تماما، ولا تتصدرون منذ أسبوع عناوين النشرات في الإذاعة الرسمية، وتقدرون بدون شك الأثر السيئ لذلك، فالإعلام الرسمي لا دور له إن أهمل الحديث عنكم، وعن إنجازاتكم وعهدكم الميمون، ونخشى أن يكون ذلك “انقلابا إعلاميا” مدروسا و ممنهجا للنيل منكم، توجد مشاكل عالقة في انتظاركم ،حتى مجلس الوزراء لم ينعقد، والوضع في شمال مالي ينذر بكارثة حقيقية، لن يكون بلدنا بمعزل عن تداعياتها الأمنية والسياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، وأنتم تعرفون “المنسقية” وحديثها عن شغور المنصب، وما بدأ بعض فقهاء الدستور والقانون يتهامسون به حول شغور منصبكم، وضرورة تدخلكم بسرعة لكشف الحقيقة كاملة للرأي العام الوطني، ومصارحة الناس، حتى يتم التحرك وفقا للدستور، وبناء على معطيات واضحة، بعيدا عن “تشنيع” المعارضة، و”تمييع” الأغلبية “.

وصلني صوته (القادم من خلف الغيوم) :” حبيب الله أنت ممرض قبل أن تكون متطفلا على الصحافة، وحسب علمي فقد أجريت لك عملية استئصال زائدة دودية قبل حوالي سنتين في “مستشفى الشيخ زايد”، وقيل إن”مرضك شين” وأنك كنت تتأوه باستمرار، كنت كثير الأنين والشكوى، وكنت عدوانيا “متحمضا” وقليل الكلام، وهذا – يقينا- يجعلك تقدر وضعيتي ،فهناك فارق توقيت “جراحي” بين عمليتينا من ناحية التموضع والتعقد، وتتفهم لماذا لم أبدأ نشاطاتي، ولماذا لم أوجه حتى الآن كلمة للأمة الموريتانية، لطمأنة شعبي على وضعيتي، ومستقبلي السياسي”.

صعقت لهذه الكلمات، فالرئيس يعرف عنى الكثير فيما يبدو، ومع ذلك تماسكت لأجيبه :” أتفهم سيادة الرئيس ذلك، وأعرف أنه في بعض الأوقات الصحية، خاصة بعد العمليات الجراحية، نكون بحاجة لشهرين على الأقل للعودة لحياتنا الطبيعية، وأتفهم حجم العملية التي خضعتم لها، ولكن تخصيصكم لمسعود، وأبى المعالي، وبيجل، وأنا، بالمكالمة الهاتفية- دون غيرنا- سيظل مثارا للتساؤل، خاصة وأنه حتى في صفوف المعارضة يوجد من يريد أخباركم، و يهمه أن تكونوا بخير، ومعذرة إذا كنت وضعت نفسي مع رجالك المقربين، فأنا لا أمتلك أية صفة سياسية، أو أمنية، أو”نفوذية”، تحشرني معهم، و لو كان يخفى على الله شيء، لخفيت عليه وزنا، وحجما، ودورا، وأهمية”.

عاجلني بالجواب” نسيت أن أقول لك لماذا هاتفتك أنت بالذات…في الحقيقة شعرت أنه علي أن أكلم مواطنا موريتانيا آخر، فالرجال الذين هاتفتهم سيجد البعض صعوبة في تصديق رواياتهم لما دار بيني وبين كل واحد منهم أثناء المحادثة، لذلك قلت لولد ابراهيم اخليل خذ عينة عشوائية من أرقام المواطنين الموريتانيين، عينة في حدود الألف أو الألفين تقريبا، ثم اسحب منها رقما عشوائيا بالقرعة “العمياء”، وسلمه لي لأكلمه، فأعطاني ورقة قصاصة فيها اسمك ورقمك، وشيء يسير من المعلومات الخاصة بك..أما بخصوص اختياري لمسعود، وأبى المعالي، وبيجل، دون غيرهم حتى في صفوف الأغلبية، فذلك أمر شرحه يطول، وربما تتفهم أنه لا يمكنني الحديث باستفاضة تامة هذه الأيام، وعلى كل حال فأنا رئيس لكل الموريتانيين، ولن أضيع أقرب فرصة للحديث للجميع، ولن تسمع إلا خيرا”.

قلت له”سيادة الرئيس ثق أنك تركت هنا شعبا رائعا عظيما و خلوقا..منذ إصابتك والناس كلهم يتسقطون أخبارك، ويتمنون عودتك،تصور سيادة الرئيس أن “لا تلمس جنسيتي” و”ايرا” و”المنسقية” و”طلاب المعهد، و”طلاب الجامعة”، كلهم أوقفوا نشاطاتهم، أو قلصوها على الأقل، كتعبير عن التضامن الأخلاقي معكم، وليس ذلك حبا في شخصكم، أو توليا عن معارضتكم، ولكن تفهما لظروف البلاد الحالية، وحاجة أبنائها للتعبير عن الشعور الوطني الموحد في هذه اللحظات العصيبة بالذات، وذكرى الاستقلال الوطني على الأبواب، حتى العسكريون لم يتحركوا ضدك وأنت تتذكر بدون شك”بوجمبوره” و”الرياض” وغيرها من الرحلات التي قام بها رؤساء سابقون، ولم يعودوا بعدها، لأن المؤسسة العسكرية قررت آنئذ تغييبهم نهائيا عن المشهد السياسي المحلي”.

بادرني بالقول : “المهم أنني أرسلت صورا، مع أن الكثيرين اعتبروها مفبركة، وكلمت أشخاصا،لم يصدق الكثيرون أنني كلمتهم، طبعا لا يهمنى من يصدق أو يكذب ما أبعثه، أو يبعث نيابة عنى من صور، وما أقوم به من اتصالات، أما إرسال خطاب، أو “رسالة صوتية” ففيه “الفال لمحالى”، وأنت تتذكر بدورك أن كل الذين أرسلوا “رسالات صوتية” ذهبوا إلى العالم الآخر.. تتذكر صدام حسين، والقذافى، وبن لادن، ولذلك أنا أتحرج من إرسال مثل تلك الرسائل، بما تعنيه من عجز عن الظهور والمواجهة..”

انقطع عنى الصوت نهائيا، أغلقت الهاتف وجعلته في الشاحن، داعبني صوت جهوري حنون دافئ: “الصلاة خير من النوم” نهضت وأنا أتمتم:

“فعلا الصلاة خير من النوم، ومن الأحلام أيضا”..!!

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016