الصفحة الأساسية > آراء حرة > إنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ

إنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ

السبت 22 أيلول (سبتمبر) 2012  02:35

ما هذه بأول مرة يُظهِر فيها الكفارُ بُغضَهم للنبىّ صلى الله عليه وسلم، ويجاهرون بسبِّه والنيلِ منه، والإعلانِ بمعاداته، ومحاربةِ ملّته وأمّته، ولن تكون هى الأخيرةَ بالتأكيد.

ولكن الأمة لم تدرك بعدُ حجم هذه العداوة، وعمقَها واستمرارَها وأخْذَها كثيرا من الأساليب والأشكال عبر العصور. وإنما تتعامل مع "بعض مظاهرها" تعامُلا عاطفيّا آنيّا، لا يتناسب مع حجمها، ولا يردع الفَعَلةَ عن اقتراف مثلها، أو أكبرَ منها، فضلا عن أن يقتلع المشكلة من أساسها.

والحق أن تلك العداوة باقية ما بقى الليل والنهار، قال تعلى: وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا. وقال سبحانه: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ. والعجب - بعد هاتين الآيتين وما فى معناهما - أن يظل طائفةٌ ممّن يؤمنون بالقرآن، بمنأًى عن فحواهما، ضاربين عُرض الحائط بمدلولهما، مخدوعين بالدعايات الكاسدة، والشعارات الزائفة.

وقد هبّت الأمة - مع ذلك - فى مشارق الأرض ومغاربها، قبل سنوات، هبّةً محمودة حين أساءت رسومٌ مقبوحة إلى نبىِّ الرحمة عليه الصلاة والسلام، وهاهى ذى اليومَ تهبّ من جديد هبّة أقوى لتُرِىَ العالم أنها لن تقبل المساومة فى حُرْمَة نبيِّها بأىّ حال من الأحوال. ولكن تحتاج هذه الوقفة إلى توحيد الجهود، وتنسيق المواقف، والصمود بكل قوة وشجاعة أمام هذا التلاعب الملعون، وهذا الاستهزاء الفاجر بالنبىّ الأكرم والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم.

ولو أن الأمة كانت قد اتخذت حينَذاك موقفا حازما حاسما شجاعا قويّا موحَّدا ضد أولئك المستهزِئين الأوّلين ومن يقف وراءهم، لَمَا تكرر ذالك المشهد اليوم، ولظلت العداوة الأبدية تأخذ أشكالها القديمة، أو أىَّ مظهر آخر، دون أن تتجاسر، بكل وقاحة، على أن تحوم حول هذا الحمى. ولكن الشكوى إلى الله من أولئك المخذّلين من أصحاب الفتاوى العرجاء، ومن منافقى بنى جِلدتنا، المتكلمين بألسنتنا، من أصحابِ الأقلام المأجورة والآراء المثبورة.

ولكنْ أتجاهلَ أولئك كلام الله سبحانه، وجَهِل هؤلاء مخططاتِ أسيادهم وما تقذفه ألسنتُهم وأقلامُهم؟

ألم يكف هؤلاء ما قاله وليم جيفورد بالكراف: "متى توارى القرآنُ ومدينةُ مكة عن بلاد العرب يُمكننا حينئذ أن نرى العربىَّ يتدرج فى سبيل الحضارة التى لم يُبْعده عنها إلا محمدٌ وكتابُه"؟!

نريدها اليوم وقفة صريحة مُدَوِّيَة تقفها الأمة جمعاء، وغضبة مجَلْجِلة تسمعها الدنيا، ترفض كل مظاهر الإهانة، وتُرهب كل من تسوِّل له نفسُه التطاولَ على حرمات الله، وقُدْسيَّة الرسول، وشعائر الإسلام.

نريدها ردَّة فعل مدروسةً، تكون على مستوى الحدث، لا فوضى فيها ولا اضطراب، ولا ظلم فيها ولا اعتداء، تنفُذ إلى جميع الجُناة - كل حسب جُرْمه وإسهامه - ويأمَن مكرَها الأبرياء. هكذا نريد، وهكذا ينبغى أن تكون.

وإلا نفعلْ فإن الرسول - عليه الصلاة والسلام - لن يضرَّه شيئا أَن سخِرت منه زعانفُ مرذولة، أو استهزأت به حُثالة مخبولة. إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.

كناطحٍ صخرةً يوما ليُوهِنَها###فلم يَضِرْها وأوْهَى قرنَه الوعِلُ

وما علَى عالى الذُّرى من نصَب###فى هبَّة الصَّـبا ورميةِ الصبِى

وأيضا فلن يَضِيرَه تقصيرُنا فى نصرته، أو تفريطُنا فى الدفاع عن حُرْمته. إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ.

بيْدَ أن ذلك كله لا يُعفِى أىَّ مسلم على وجه الأرض من وجوب الدفاع والنصرة، كلٌّ حسب موقعه ووُسْعه. لذا كان لِزاما علينا اليوم أن ندافع بكل ما أوتينا من قوة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن نسعى إلى معاقبة أولئك المجرمين، وأن نتخذ كل الوسائل الرادعة الكفيلة بالحيلولة دون تكرر هذه التصرفات المُهينة، وأن نعلن للعالم كله أن الأمة لن تظل مكتوفة الأيدى فى مثل هذا العدوان السافر، والهجوم الغادر.

وأما فيما يتعلق ببلدنا، فليكن واضحا لجميع الأطراف، أن مُوبِقة شتم الرسول والسخريةِ منه - عليه الصلاة والسلام - أعظمُ عند الله من إحراق المدونة ومختصر خليل وسائر كتب الفروع، ومِن نهب شِرْكات الغرب لكنوز الشمال، ومن صفقة الصيد، وغلاء الوَقود...

فلا ينبغى أن يكون الحيّز الذى شغَلته هذه الأمور أرْبَى من حيِّز الدفاع عن الرسول. وعلى السلطات - بوجه خاصّ - أن تتصرف تجاه هذه الفعلة الرعناء، بما يتناسب مع حجمها، أو أن تولِيَها - على الأقلّ - من العناية والاهتمام مثلَ ما أوْلَت جريمةَ الإحراق، أو أن تكفَّ بعض دوائرها عن التعزية والبكاء.

إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدى

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016