الصفحة الأساسية > الأخبار > رأس المال الموريتاني يترنح عبر العالم

رأس المال الموريتاني يترنح عبر العالم

السبت 22 أيلول (سبتمبر) 2012  02:10

يبدو أن رأس المال الموريتاني بات يبحث عن من يؤويه خارج حدود الوطن بعد أن ضاقت عليه بلاده بما رحبت، بفعل الضرائب غير المبررة التي أثقلت كواهل رجال أعمال طالما عملوا على جلب أساسيات الحياة وامتصوا البطالة وأنعشوا الدورة الاقتصادية للبلد. فبعد أن قرر رجال أعمال من الحجم الكبير من أمثال محمد ولد بوعماتو وأهل نويكظ وأهل عبد الله نقل استثماراتهم إلى بعض الدول المجاورة، ها هو رجل الأعمال محمد عبد الله ولد الزين؛ مدير شركة اسمنت الشمال (MAFCI)، يسعى لبناء مصنع للإسمنت في غينيا. اللافت في الأمر أن رجل الأعمال الهارب من جحيم المضايقات في وطنه، حظي فور وصوله بمقابلة مع الرئيس الغيني ألفا كوندي. وقد صرح عند خروجه من المقابلة بأنه قدم لكي يشرح مشاريعه الاستثمارية في غينيا للرئيس كوندى وخصوصا في مجال الاسمنت. وقال إن مصنع الاسمنت الذى ستبنيه شركته سيكلف 20 مليون دولار (6 مليار أوقية)، كما أن لديه مشاريع أخرى فى مجالات الغذاء والماء تصل إلى 30 مليون دولار (9 مليار أوقية). لقد بات هروب المستثمرين الوطنيين أمرا شبه يومي لا يثير انتباه أي أحد، وبلغة الأرقام فإلى وقت قريب كان البلد يتوفر على 19 موردا للمواد الأساسية، أما اليوم فلم يعد عددهم يتجاوز 6 موردين فقط. المراقبون يرون أن العصا الغليظة التي تضعها الحكومة على رؤوس التجار هي الضرائب الباهظة غير المبررة، التي تتضاعف بحسب المزاج الشخصي لمن يحددها، حيث بات صاحب المحل التجاري ملزما بدفع الملايين سنويا كضرائب، بينما يعفى بعض مسيري المليارات من تلك الضرائب. ويستدل أصحاب هذه المقولة بأن هنالك شاحنات وآليات ثقيلة وقطع غيار تدخل البلد دون أن تجد طريقها إلى الجمركة، في حين يلجأ بعض التجار لتوزيع بضاعته على باعة في الشارع لبيعها بعيدا عن مقص الضريبة، وهو ما جعل الحكومة تشن حربا، منذ أسبوعين، على الباعة المتجولين لحملهم على إعادة البضاعة لأصحاب المحلات التجارية حتى يتسنى لها فرض الضرائب على ملاكها. ما يجري في البلد بشأن رفع الضريبة يبدو مخالفا لكل البرامج الانتخابية التي توصل المترشحين لسدة الحكم في كل أصقاع الدنيا من تعهد بخقض الضرائب، لأن رفعها دليل ضعف للضريبة بحد ذاتها. وهنا في موريتانيا أصبحت الضرائب مصدر الدخل الوحيد للميزانية الخاضعة لتسيير الحكومة بعد أن تراجع الصيد وفشلت الزراعة، وظلت مداخيل المعادن خارج الدورة الاقتصادية للبلد باستثناء الحديد الذي قيل إنه سيؤول قريبا إلى ما آل إليه الصيد. أما الاستثمارات الأجنبية، التي سعى أصحابها لبناء مشاريع تنموية عملاقة أو متوسطة في موريتانيا، فإنها تعود أدراجها تحت ضربات قانون الاستثمار المنفر لرؤوس الأموال، والضرائب المجحفة التي يفرضها، ناهيك عن محاولات الحصول على الرشوة لقاء منح قطعة أرضية أو رخصة استثمار أو حتى لقاء مسؤول رفيع. الأمثلة أكثر من أن تحصى، لكن آخرها كان سحب مستثمرين سعوديين لمشروع زراعة منطقة امبوري، في منطقة شمامه، بعد منحهم قطعة أرضية تبين فيما بعد أنها مملوكة لشخصية متنفذة جدا، بل أكثر من متنفذة، ناهيك عن غياب الضمانات التي تمنح قدرا من الشجاعة لرأسمال يؤثر عنه بأنه جبان. فلمصلحة تضع الحكومة كامل قوتها الطاردة في كفة الاستثمارات الداخلية والخارجية، في وقت تسعى كافة حكومات العالم من أجل تشجيع الاستثمارات المحلية وجلب المستثمرين الأجانب لدفع الحركة الاقتصادية للبلد نحو الأمام؟ وبأي منطق تسجل الجيبوتي، مثلا، تقدما في مؤشر جلب رؤوس الأموال، في حين تشكل موريتانيا قاعدة المؤشر باحتلالها المرتبة الأخيرة، وهي التي تزخر بخيرات بحرية ومنجمية وحيوانية وزراعية قل أن تجتمع في بلد من المعمورة، وعلاوة على ذلك تحتل موقعا استراتيجيا في القارة الإفريقية والمغرب العربي، وعلى مرمى حجر من جنوب إوروبا، في حين تمتد شواطئها على الأطلسي لأكثر من 600 كلم، هي الأغنى والأجود في العالم من حيث الثروة السمكية؟ إن حكومة تؤدي سياساتها إلى تشجيع خروج رأس المال، لحري بأن يطالب برحيلها قبل المطالبة برحيل النظام الذي شكلها وأصر على بقائها لأكثر من أربع سنوات لم يزدد فيها الوضع الاقتصادي إلا انكماشا، ولا مستوى المعيشة إلا ضعفا، ولا الاستثمارات إلا هروبا.

السفير

1 مشاركة

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016