الصفحة الأساسية > آراء حرة > هل فقد ربابنتنا بوصلة الإبحار؟

هل فقد ربابنتنا بوصلة الإبحار؟

الأحد 9 نيسان (أبريل) 2017  13:42

محمد عينين بن أحمد الهادي

يحكى أن ربابنة يبحرون بسفينة مملوءة بالركاب من مختلف الأصناف تجوب بهم عباب بحر كثير النتوء والركام، وأثناء الرحلة بدأت تميل عن الاتجاه الصحيح، في نظر البعض على الأقل، سأل الركاب الربابنة عما إذا كان للسفينة بوصلة أصلا؟ أو أن البوصلة لم تعد تعمل؟ فأجابهم البحار بأن البوصلة مهمة في الإبحار، لكنه لا يعتمد عليها، بل يعتمد على خبرته في الإبحار عبر كل البحار، وأنه لا داعي للقلق فستصلون جميعا إلى بر الأمان ! لكن الكثير من الركاب انتابهم الخوف وأحسوا بأن السفينة ربما تصطدم ببقايا حطام السفن التي غرقت قبله متاهات من هذا النزع، وبدأ البعض يبحث عن سترة نجاة معتقدا أنه سيسلم هو وحده. بدافع الأنانية المقيتة انتهت الحكاية؛

غير أن من يتابع الوضع الحالي في بلادنا يلاحظ، ببساطة، أن سفينتها تبحر في متاهة عميقة ومليئة بالنتوء، وأن ربانها بدأ بعد أن تمرد عليه بعض بحارته، الطيعين أصلا له ولغيره قبله، عندما تقدم لهم بما ذكر القيام به أمام الرأي العام في خطابه للشغب قبل أن يستشيرهم حتى على الإطاحة بهم، وبعد أن رفضوا مطالبه، قرر من جديد اللجوء إلى خبراء الأنظمة السابقة، الذين لم يقدموا لهم مشورة صادقة قط، فنصحوه بالذهاب إلى الأمام دون مراعاة لمن يخالفونه الرأي، ودون وضع اعتبار للشعب المنهك بتصاعد الأسعار وانتشار البطالة وضعف التعليم والصحة إن لم نقل غيابهما وتنخر في جسمه العنصرية والقبلية والفئوية ومن هنا بدأ الكثير من المواطنين يتساءلون، ولهم كامل الحق في ذلك، هل فقد قائدنا بوصلة الاتجاه الصحيح؟ وهل يعرف أن السفينة التي يبحر بها والمياه التي يبحر فيها ليست مواتية للذهاب إلى الأمام ولي ذراع المرجعيات الأساسية للبلد.

إني أتوجه إلى قيادة سفينة هذا البلد، من مدنيين وعسكريين، والمسؤولين عن مصيره ومستقبله، كالكثير من المواطنين الغيورين على ما تبقى من وحدته، راجين من الجميع العمل على خلق جو تصالحي، مع الأغلبية المستاءة والمعارضة غير المحاورة، للبحث عن موقف مشترك يخرج البلد الذي قلتم أنكم لن تخرجوا منه، ونحن لا نطالبكم بذلك، وليس بإمكاننا نحن أن نخرج منه، إذ لا بديل لنا عنه، أن تنتشلوه من الذهاب إلى المجهول، حفاظا على مصالح الجميع التي أنتم أول من يحافظ عليها بحكم موقعكم، ونرجو من الآخرين أن يمدوا لكم يد العون حتى لا تكون فتنة.

إن القيل والقال ومحاولة لي الأذرع والنزوع إلى التناحر والصراعات العقيمة، ومحاولة قلب السفينة التي نحن جميعا مبحرون فيها. وأعتقد أنه لا مصلحة – ظاهرة على الأقل – لأحد في جنوحها أحرى غرقها بمن فيها، والمثل يقول : « ال اعشاك واعشاه فاكدح إلى اتل إكب لا اتخليه » أي أن من عشاؤك وعشاءه في قصعة إذا أراد قلبها فلا تقبل !.

وكما قلت في مقال سابق - وسأكرره هنا - أن على رأس النظام أن يتخلص من عقدة التآمر ولي الذراع ويفكر في دخول التاريخ من بابه الواسع بتجنيب البلاد مخاطر التشتت والتمزق مثل الآخرين ويعلن رئيس أن ما تبقى من مأموريته الدستورية سيكرسها لجعل البلد ينعم بالتبادل السلمي على السلطة حفاظا على وحدة وتماسك شعبه الهش، ويبدأ في البحث عن إشراك الجميع في تسيير ما تبقى من المأمورية لقطع الطريق أمام المغامرين والصيادين في المياه العكرة، وذلك ما أتمناه. ويتمناه الكثير من الموريتانيين للحفاظ على ما تبقى من وحدتهم. وسيصفق له الجميع، وأن لا يدفعه المحتالون والمتملقون الذين دفعوا جميع الأنظمة قبله إلى الذهاب إلى الأمام ودفن رؤوسهم في الرمال بغض النظر عن ما تخفي الأيام مما لا تحمد عقباه، وقانا الله شر ذلك كله،

كما أن على المعارضة أن تستغل الفرصة المتاحة وتتبنى خطابا يتماشى ومرحلة ما بعد رفض التعديلات الدستورية من طرف الشيوخ، وتعلن انفتاحها على الجناح المحاور والجناح « المستنير » داخل أغلبية النظام، وفي نفس الوقت تستمر في النضال السلمي من أجل إنقاذ البلد مما يتهدده.

محمد عينين بن أحمد الهادي

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016