الصفحة الأساسية > الأخبار > حوار أم مقايضة؟

حوار أم مقايضة؟

الثلاثاء 28 آذار (مارس) 2017  18:40

محمد محمود ولد العتيق

من خلال تتبعي لبعض النقاشات الدائرة هذه الأيام حول التعديلات الدستورية استمعت للبعض يتحدث عن الحوار السابق و مخرجاته ذاكرا أن تلك المخرجات جاءت نتيجة تنازلات سياسية من هنا و هناك من طرف المحاورين بعضهم لبعض على طريقة زوجني أختك أزوجك أختي دون ذكر الصداق و هذا ما يسميه الفقهاء زواج الشغار المحرم باتفاق أهل العلم. إن الحوار الجاد ، الذي يخدم المصلحة العليا للوطن يجب أن يكون أكثر عمقا و أكثر جدية بحيث تقدم فيه المصالح العامة على المصالح الخاصة و الضيقة.

لا نستطيع القول بأن التنازلات السياسية ممنوعة في أي حوار، و لكن يجب أن تكون هذه التنازلات لصالح الأكثر أهمية باتفاق جميع المتحاورين أو أغلبهم على الأقل، ثم إن الحوار الجاد و المفيد يتنافى تماما مع الإقصاء و التعنت و محاولة لي الذراع و فرض الأجندات...

لقد استمعت إلى بعض الذين شاركوا في هذا الحوار يقولون بالحرف إنهم لم يكونــــــــــــوا يرغبون في بعض مخرجات الحوار كتغيير العلم مثلا لكن تنازل الآخر لهم عن مطالب لهم جعلهم يقبلون بهذا التعديل دون أن يفكروا في عواقب هذا القبول فما كان يهمهم هو قبــــول مطالبهم و لو كلف ذلك تغيير كل رموز و مقدسات هذا البلد. لقد غاب عن هؤلاء أن الحفاظ على الموجود أولى من طلب المفقود خصوصا إذا كان ذلك المفقود لا يسمن و لا يغني من جوع و لا يغير من حال البلد الاقتصادية والاجتماعية شيئا.

لقد كان من واجب هؤلاء المتحاورين – إذا كانوا يبحثون حقا عن المصلحة العامة للبلد – أن يركزوا في حوارهم على ما سيقود فعلا – إذا حصل- إلى إصلاح التعليم و الصحـــــــة و العدالة... و غيرها من مرتكزات النمو للبلد ، و لا أظن ذلك يحصل إلا حين يقع الاتفاق الكامل على طريقة ناجعة للتــــــــداول السلمي على السلطة، و هنا لا بد أن أذكر الجميع مولاة و معارضة و غيرهما أن المصالحة و المصارحة تقتضي من كل منهم على حدة النزول من برجه العاجي و الجلوس مع الآخرين على طاولة حوار جاد و شامل توضع فيه المصلحة العامة فوق كل اعتبار.

إن على القائمين على السلطة و داعميهم بوصفهم الطرف الأقوى في هذه المعادلة أن يخفضوا الجناح للأطراف الأخرى و أن يتذكروا قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين ولي الخلافة:< لقد وليت عليكم و لست بخيركم فإن أصبت فأعينوني و إن أخطأت فقومني ...، الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه و القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه...> فمن أخلاق المسلم أنه كلما زاد علما و قوة و غنى ازداد تواضعا و عطفا و رحمة بالآخرين حتى و لو كانوا من خارج مجتمعه و وطنه.

كما أنه على الطرف الآخر معارضة و غيرها أن يدركوا أن شريعة الإسلام التي نؤمن بها جميعا – حسب اعتقادي- حريصة على لم شمل المجتمع و على بقائه موحدا و بعيدا عن كلما يؤدي إلى الفتنة و التباغض و التدابر... فحاكم غشوم خير من فتنة تدوم كما معروف و معلوم لدى الجميع.

إن على الجميع أن يعوا خطورة ما يسميه الغرب بالديمقراطية فهذه الديمقراطية ليست سوى قنبلة موقوتة من لم يحسن التعامل معها انفجرت بين يديه فأردته قتيلا. فأي مجتمع مسلم دفعه التقليد الأعمى إلى تبني هذه الإيديولوجية الغربية الأصل ضاربا عرض الحائط بما في التشريع الإسلامي من قوانين واضحة و بينة تنظم طريقة حكم المجتمعات و تحدد المهام و الحريات ستكون هذه الديمقراطية وبالا عليه. فالدولة تستقيم على الكفر و لا تستقيم على الظلم.

وفق الله الجميع إلى ما فيه المصلحة العامة لهذا البلد، و جنبنا الله الفتن ما ظهر منها و ما بطن.

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016