الصفحة الأساسية > آراء حرة > اسْتِفْحَالُ عَادَةِ "النًقْدِ العَقِيمِ"

اسْتِفْحَالُ عَادَةِ "النًقْدِ العَقِيمِ"

الاثنين 28 آذار (مارس) 2016  11:19

المختار ولد داهي،سفير سابق.

يجمع أغلب من أَلْقَي السًمْعَ للمحاضرات و الندوات الفكرية و البرامج الحوارية و المناظرات السياسية(المباشرة و غير المباشرة) و "المُطَارَحَاتِ" البرلمانية المرئية و المسموعة ببلادنا أن الأغلبية الغالبة من المتحدثين غير السياسيين يستهلكون كامل الوقت المخصص لهم في التشخيص و التحليل و التشريح...

أما المتحدثون السياسيون فيزيدون علي الوقت المخصص لهم غالبا في الجهر بغليظ القول من أجل تسليط الضوء علي نواقص و عثرات و كبوات و خَفِيِ مقاصد و نِيًاتِ الطرف الآخر في حين يغيب لدي كل من المتحدثين السياسيين و غير السياسيين اقتراح البدائل غالبا نسيانا أو تناسيا لقاعدة أن من "انتقد شيئا لزمه الإتيان بأحسن منه"!!

و كثيرا ما يعبر بعض مستهلكي الخطاب الفكري و السياسي عن مرارتهم من ضياع الساعات الطِوَالِ في حضور أو متابعة البث الإعلامي للعديد من الندوات و المَنَاشِطِ الفكرية و السياسية دون الظفر بفكرة مُجَدِدَةٍ واحدة حيث يُبَذِرُ أغلب المتحدثين الوقت في "الثناء السقيم" أو "النقد العقيم" لظاهرة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية معينة.

و يقصد بالنقد العقيم " النقد المشابه للريح العقيم الذي يتمخض فلا يلد إصلاحات تعويضية و لا تحسينية ويقتصر علي التشخيص و التحليل و تبيان نقاط الضعف دون اقتراح البدائل و التحسينات أو التصحيحات المناسبة"و هو الأكثر رواجا للأسف في المشهد الفكري و السياسي و الإعلامي الوطني الراهن.!!

فالمتأمل لإنتاج النخب الفكرية الوطنية ملاحظ -رغم ندرته- أنه مقسم غالبا إلي ثلاث فئات أولها فئة قليلة العدد تتمثل في الأعمال العلمية الرصينة التي تشكل قيمة مضافة محسوسة و ثانيها فئة متوسطة العدد تتجسد في الأعمال الفكرية المُكَرًرةُ أو "المُعَادَةُ التًصْنِيعِ" أو "المُسْتَنْسَخَةُ جِينِيًا" و ثالثها فئة كثيرة العدد هي فئة الأعمال الفكرية الوصفية التي تشخص موضوع البحث و الدراسة و لا تبذل أي جهد في تصور البدائل.

أما المتابع للإنتاج السياسي الوطني فمستنتج أولا غياب رؤية أو مشاريع أو برامج معاكسة بديلة لجل أحزاب المعارضة أو علي الأقل تغييب و حجب تلك الرؤي و البرامج و تركيز الخطاب السياسي المعارض في غالبه الأعم علي تسفيه برامج الموالاة و رفضها جملة و تفصيلا و الإذكاء الدائم للتجاذب و المراء السياسي العنيف المُنْفَلِتِ من عُقُلِ و ضوابط المُغَالَبَةِ السياسية الراشدة.!!

كما أن المحلل للخطاب السياسي للموالاة واجد بأنه في سواده الأعظم منحصر في نوع من "الثناء السقيم" و "المديح الهابط" المُتَوَاتَرِ علي أن ضرره و إثمه أكبر من نفعه، كما أن جل الخطاب السياسي الموالي ِخِلْوٌ من "النًقْدِ الصًدِيقِ" و النصح الأمين الراميين إلي تسليط أضواء كاشفة علي المحاسن و شَدِ عَضُدِهَا باقتراح إصلاحات تحسينية و تطويرية تعزز الموجود من المكاسب و تسعي إلي تحقيق و إضافة مكاسب أخري.

و في تقديري أن النخب الفكرية و السياسية الوطنية مطالبة بمحاربة عاجلة و قوية لظاهرة " النقد العقيم" التي أصابت المستهلك السياسي و الإعلامي الوطني بخيبة و الأمل و "غَيْبَةِ الحُلُمِ" و ذلك من خلال التواضع علي وجوب و إلزامية أن يكون مضمون كل المحاضرات و المداخلات و التعقيبات و المقالات و المناظرات و "المُعَاكَسَاتِ"،... مناصفة بين التشخيص و التحليل من جهة و اقتراح الحلول و البدائل و التحسينات من جهة أخري.

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016