الصفحة الأساسية > آراء حرة > الطائفية و الأوتوقراطية طاعون شل الربيع العربي

الطائفية و الأوتوقراطية طاعون شل الربيع العربي

الاثنين 8 شباط (فبراير) 2016  00:00

غالبا ما تكون الدوافع إلى الثورات في العالم أجمع هو الانسداد السياسي والشعور بالتهميش والظلم وغياب الحريات والحقوق العامة ، وبالتالي يتوق المحكومون إلى غد أفضل ، عن طريق فرض ذالك بالقوة كما شاهدناه في أنحاء كثيرة من الوطن العربي ، التي انطلقت فيها وتيرة الشرارة نتيجة لنفس الأسباب التي ذكرناها سابقا وتميزت كذالك بظهور هتاف أصبح شهيرا في كل الدول العربية هو : (الشعب يريد إسقاط النظام) أي أن الشعب يريد وضع حد للاستبداد والأنظمة الأحادية ، إلا أن أحلام هذه الشعوب لم تتحقق وأخفقت في إقامة أنظمة عصرية ، ووئدت الثورات في مهدها نتيجة اصطدامها بالطائفية والأوتوقراطية ، فكيف حدث ذالك؟

إن الطائفية والأوتوقراطية ، الموجودة في الوطني العربي وقفت كمعوق أمام طموحات الشباب العربي ، الساعي لفرض الانتقال إلى الديمقراطية ، فالتكوين الطائفي والقبلي للدول العربية يجعلها قابلة للتفكك ويجعل الكثير من مشكلاتها المخفية بارزة للعيان فعلى سبيل المثال تحولت المظاهرات غير المسلحة ضد الحكومة السورية إلى حرب أهلية ضارية ذات طابع طائفي صدم الجميع ، لذا فإن تعميق الانشقاقات بين الطوائف أدى إلى ظهور مستويات مفزعة من العنف الطائفي وبلغت الخسارة البشرية نتيجة لهذا الصراع في الوطن العربي قرابة 1.334.000 قتيلا ، حسب آخر الإحصائيات المؤكدة ، أما الخسارة المادية فقد بلغت 830 مليار دولار.

أما إذا أخذنا النموذج المصري ، فقد وئد الربيع نتيجة الصراع على السلطة ، بين الأوتوقراطيين والإسلاميين وتكشف أن الانتقال إلى الديمقراطية أصبح أمرا مستحيلا ، ولو كان مطلبا للشعب الذي كان يريد إسقاط النظام إذ عجزت الثورة المصرية في صياغة مسار التحول السياسي تاركة المكان للنخب السلطوية للتمسك بمواقفها وإرباك المحاولات الانتقالية ، كما ساهم الدور السياسي للمؤسسة العسكرية في إضعاف سلطات الدولة وإيجاد مزيد من القلق والنزاع حول شرعية سلطات الدولة والمؤسسات القائمة وحتم انقطاع المسار الديمقراطي ، كل ذالك قاد إلى التقاء رغبة الدولة في حماية نفسها من التحول ، مع رغبة شريحة الجماهير التي شعرت بأنها تخسر جراء عملية التغيير ، مع شعور الثوريين الحقيقيين بالانكسار أمام ما آلت إليه ثورتهم .

وأود هنا في هذا المقام أن أعرف على الأوتوقراطية التي تعني أي حكم يعتمد على العسكر مع أفراد نافذين نبلاء أو إقطاعيين في تسيير شؤون دولة ما وهي نمط من الأحادية كالأوليغارشية وأغلب دول الربيع العربي يعتمد في أسلوب الحكم على هذه الطريقة التي يبدو أن التاريخ سيتجاوزها قريبا ، إلى تلك الديمقراطية التي أسس أسسها جان جاك روسو ، ويكون فيها المواطنون سواسية ويربطهم عقد اجتماعي والسيادة فيها تستمد من الشعب.

وأعتقد أن تلك اللحظة يمكن أن تتحقق في بلدان الربيع العربي بالتصالح ، على النمط الإسباني ، بعد الحرب الأهلية (الإسبانية) التي نشبت في إسبانيا خلال أعوام 1936/1939 بين الجمهوريين والقوميين ، نتيجة الانقلاب على الشرعية الجمهورية الاسبانية في مدريد ، الذي قامت به مجموعة من العسكر ، وانقسمت على إثره إسبانيا وبعد هذه الحرب الأهلية ، قررت الأغلبية العظمى من الإسبان تأسيس ديمقراطية ووضع حد للاقتتال في سنة 1975 ، وكان ذلك تحديا كبيرا أمام جميع الفاعلين السياسيين الإسبان نتيجة لحجم المشاكل المطروحة وصعوبة حلها ، إلا أنهم وبحكمة قرروا نسيان الماضي والتصالح ، ذلك التصالح الذي جمع الخصوم ووقعوا جميعا على وثيقة الوفاق وقراءة الماضي بطريقة جديدة وحضرية ، فهل ستقرء بلدان الربيع العربي فقه التصالح؟ ذلك الفقه الذي نص عليه الشرع في معظم النصوص الواردة (الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس) ، أم هي حرب البسوس (والثأر للبسوس وكليب)؟.

بقلم: شيخنا ولد الداه

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016