الصفحة الأساسية > الأخبار > تسريب الباكلوريا: الجرم المشهود

تسريب الباكلوريا: الجرم المشهود

الجمعة 19 حزيران (يونيو) 2015  07:48

  • تسريب مواد شهادة الثانوية العامة 2015، والحديث الواسع عن وقوع الأمر نفسه مع شهادة ختم الدروس الإعدادية، ينبغي أن يُسلِّط الضوء الكاشف على القاع الآسن لقطاع التربية والتعليم الذي يبدو أن التقارير الإعلامية والدراسات المتخصصة التي تجمع على وصفه بالمزري بعيدة من التوصيف الدقيق لحالته المأساوية:
  • آلاف التلاميذ يقذف بهم إلى الإعداديات وهم في غالبهم دون مستوى السنة الثالثة ابتدائي، يجبرون على دراسة مقررات موادهم العلمية بلغة أجنبية نسبة 99% منهم عاجزة عن تهجي حروفها، ليوصلهم المسار البائس خلال ثلاث سنوات إلى ثانوية جُل مدرسيها عديمي الخبرة والتكوين، بعد انطفاء سريع لوميض حُلم السنوات التي كان سائدا فيها تثمين مهنة التدريس و تحسين ظروف عمل و دخل المدرسين في كافة فئات التعليم، وقدوم أخرى يابسات يتم فيها استجلابهم من نوادي ( ظامت) و( مرياس) ومحلات ( نقطة ساخنة) باعتبارهم أدواة لتنفيذ ما يراد ان يكون ضربة قاضية على شهادة كانت هي عنوان التعليم ونافذة الولوج إلى المشاركة الإيجابية في الحياة العامة وبناء الدولة وتطوير المجتمع على اسس مدنية حديثة. قبل أن يتم استهدافها باحترافية كبيرة من قبل طبقات لا تقيم وزنا للتكوين ولا الشهادات ولا القيم الرمزية المرتبطة بهما، جُبِلتْ على الأنانية والنهب والغش والكسب السهل والامتيازات التي لا يبررها العمل ولا الأهلية وبفطرتها تلك تكره الذكاء و الجهد والتحصيل وما يسمح للفرد في الظروف الطبيعية بأن يرتقي، وهي تدرك أن المدخل الوحيد لمشروعها الأناني هو القضاء على المدرسة العمومية، باعتبارها المكان الأمثل لتكوين وتربية الأجيال على القيم التي يحتاجها بلد مثل موريتانيا في الظروف الحالية ووضع بذور قيم الانتساب السياسي الواعي إلى المفهوم العصري "للمواطنة" وتوفير الحقوق والواجبات الاجتماعية و السياسية و القانونية على نحو متساو بالنسبة لسكان فضاء وطني معين.
  • وبِتَمَكُنِها من الإجهاز على الدولة من خلال القضاء على المدرسة العمومية، وجدت تلك الطبقات الطريق سالكا إلى زيادة مساحات فضاء استثمارها من خلال انفتاحه الكامل على قطاع التربية والتعليم وظهور مدارس خاصة وتناميها كالفطر على نحو غدت معه خيارا وحيدا أمام القادرين على دفع تكاليفها وهم نسبة لا تتجاوز 10% المواطنين ليبقى سوادهم الأعظم في ظلام دامس وحيرة قاضية بين الاستمرار في إرسال ابنائهم إلى مدارس غدت ساحاتها مسرحا للجريمة والجهل، أو تحويل ما كانوا يعيشون به مع أبنائهم إلى جيوب ( مرابين جدد) على أمل حصولهم على شهادة تمكنهم من دخول الجامعة أو الحصول على منحة للخارج، خصوصا ان امتحان الثانوية العامة، بقي الساحة الوحيدة في الفضاء الوطني الذي يَجِدُ فيه أبناء الفقراء أنفسهم جنبا إلى جنب مع أبناء الناهبين.
  • بعد عام 2000 وما حدث هذا العام لم يعد لهذه الشهادة من رمق في قيمتها الرمزية التي هي أخر ما كان يحتمي به قطاع هو وحده القادر على خلق مجتمع موحد ثقافيا وتسوده العدالة الاجتماعية.

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016